أكد النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني العام الليبي، جمعة عتيقة، حرص بلاده على "الاستفادة من التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية، التي تعد من أغنى التجارب على الصعيدين العربي والإسلامي". وقال عتيقة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش المؤتمر الأول "حول تجارب العدالة الانتقالية ببلدان الربيع العربي"، الذي اختتم فعالياته مساء أول أمس بالعاصمة الليبية طرابلس، أن المملكة المغربية "أحرزت قصب السبق في مجال العدالة الانتقالية وتبوأت موقعا رياديا بتوفقها في خلق توازن داخل المجتمع٬ عبر آلية الإنصاف والمصالحة التي مكنت من تجاوز مخلفات ماضي انتهاكات حقوق الانسان بالمغرب". وأضاف أن هذه المبادرة "الرائدة جدا" شكلت مثالا للانتقال "الآمن والسلمي للشعوب إلى مرحلة أكثر عدلا وإنصافا، تضمد فيها الجراح وتجبر أضرار الضحايا وتعيد اللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية وتستوعب جهود الجميع". وأكد عتيقة على أن المؤتمر الوطني العام الليبي يولي اهتماما خاصا للتجربة المغربية٬ مشيرا إلى أنه باشر اتصالات بفعاليات من المجتمع المدني في المغرب، وكذا بالبرلمانيين المغاربة "للاستفادة من تجربتهم على مستوى المؤسسة التشريعية". كما عبر عن امتنانه للاستعداد الكبير الذي أبداه المغرب بخصوص التعاون الثنائي في هذا المجال٬ مبرزا أنه سيجري تبادل الزيارات بين الفاعلين الحقوقيين والسياسيين في البلدين، وكذا بين أعضاء المؤتمر الوطني العام الليبي ونظرائهم في البرلمان المغربي. وقال جمعة عتيقة٬ وهو كاتب وشاعر ومناضل حقوقي بارز أن " المغرب الغني بكل تنوعاته يمثل وحدة الاختلاف العرقي واللغوي المنصهر في إطار وطني (...) وإن المجتمع الذي كفل حق الاختلاف والتنوع جدير بأن يكون قويا وغنيا وهذا ما نأمل الاستفادة منه". من جهة أخرى٬ اعتبر نائب رئيس المؤتمر الوطني أن تجارب العدالة الانتقالية "لابد أن تضع المستقبل نصب أعينها وتحصن الحاضر من تكرار ما وقع في الماضي" كما أكد أن المصالحة كآلية "لاغالب ولا مغلوب فيها على الإطلاق، بل هي إطار يستفيد منه الجميع، ويتوقف عليه استقرار المجتمع وبناء التنمية وخلق فرص النماء ونبذ النزاعات والعنف والتمييز". تجدر الإشارة إلى أن "المؤتمر الأول حول تجارب العدالة الانتقالية ببلدان الربيع العربي" أشاد في بيانه الختامي بالمكتسبات التي راكمها المغرب في مجال العدالة الانتقالية، واصفا التجربة المغربية ب"المتميزة". وخصص هذا المؤتمر٬ الذي مثل المغرب فيه كل من الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد الصبار، ورئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، عبد اللطيف وهبي٬ جلسة لتسليط الضوء على التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية، والنتائج التي تحققت بفضلها على المستويات الحقوقية والسياسية والاجتماعية. وأكد المشاركان المغربيان في هذا الملتقى، أن المغرب تبنى فلسفة العدالة الانتقالية "كشكل من أشكال التدبير السلمي لنزاعات الماضي، منطلقا في ذلك من ضرورات وعي وفهم وتوضيح ما جرى في الماضي في أفق القطع مع كل الممارسات المنافية للقواعد والضوابط والقوانين المعمول بها وطنيا، والضرورية في كل مجتمع ديمقراطي". كما أبرزا أن هذه التجربة شكلت تعاقدا جديدا بين الدولة والشعب، وعكست حيوية النقاشات والتطورات التي شهدها المغرب منذ نهاية التسعينيات بخصوص فكرة إنشاء هيئة للحقيقة والإنصاف والمصالحة، في ارتباط مع قضايا التحول الديمقراطي وإدماج مختلف فئات المجتمع في مسلسل الإصلاح والتحول والتحديث والبناء المؤسساتي للدولة الديمقراطية.