أعطى جلالة الملك محمد السادس، في أبريل الماضي، الانطلاقة الرسمية لتنفيذ مشروع المساعدة الطبية، المعروفة اختصارا ب"الراميد" RAMED))، في كافة جهات المملكة وهي مبادرة استبشر لها العديد من الفاعلين والمنشغلين بقضايا الصحة في المغرب، لما سيتيحه المشروع من إمكانات التداوي للفقراء وذوي الدخل المحدود، وتسهيل الولوج إلى الخدمات العلاجية والاستشفائية والجراحية في جميع المؤسسات الصحية العمومية في المغرب. وتحل بطاقة المساعدة الطبية مكان "شهادة الاحتياج"، التي من شأنها صيانة كرامة المواطن الفقير، وهي صالحة لمدة ثلاث سنوات، يستفيد منها جميع أفراد الأسرة، لتلقي مختلف الخدمات الصحية المتوفرة في المستشفى العمومي. وجاء المشروع في إطار السعي إلى التكريس الفعلي للحق في العلاج والعناية الصحية لجميع المواطنات والمواطنين، بناء على قيم التضامن والعدالة الاجتماعية والإنصاف، التي نص عليها دستور فاتح يوليوز 2011، وسيستفيد منه 8.5 ملايين نسمة، (28 في المائة من عدد السكان)٬ منهم 4 ملايين شخص في وضعية الفقر٬ و 4.5 ملايين شخص في وضعية الهشاشة٬ إلى جانب استفادة حوالي 160 ألف شخص من نزلاء مراكز الرعاية الاجتماعية أو المؤسسات السجنية ومكفولي الأمة. وينبني مشروع "الراميد" على تحمل الدولة والجماعات المحلية، مسؤولية توفير الآليات والإمكانات المالية لتغطية النفقات الصحية لعلاج الأشخاص المعوزين، باعتبارها الجهة المكلفة بتطبيق نظام "الراميد"، وفق ما جاء في قانون 65.00 للتغطية الصحية، في الشق المتعلق بتغطية نفقات علاج الأشخاص. وتحملت ميزانية الدولة إنفاق أموال مهمة لإنجاز الدراسات وتحيين المعطيات، بهدف الإحاطة بمختلف حاجيات الأسر المعوزة للاستفادة من نظام "الراميد"، ما بين سنة 2001 و2006، بلغت تكلفتها حوالي 700 مليون سنتيم، اقترضتها الحكومة من مؤسسة البنك الدولي. وتراهن الحكومة على تحسين الحكامة ووضع آليات الضبط والمراقبة وقواعد الشفافية للحد من الإكراهات الموضوعية التي يعرفها قطاع الصحة، سواء على مستوى التمويل أو على مستوى الموارد البشرية. وشرعت الدولة في تنفيذ هذا النظام بشكل تدريجي، إذ أعطيت الانطلاقة الرسمية للعمل بنظام المساعدة الطبية، سنة 2005، في جهة تادلة- بني ملال، التي وقع عليها الاختيار لتكون جهة نموذجية، للبدء بأجرأة نظام المساعدة الطبية، لما تتميز به من عدة خصائص ديموغرافية وجغرافية واجتماعية وصحية. مشروع تدرجي وفقا للقانون، سيجري تنفيذ نظام المساعدة الطبية بشكل تدريجي، على ثلاث مراحل: الأولى تمتد لثلاثة أشهر، ابتداء من يوم الانطلاقة، تهم التكفل الكلي بالخدمات الاستعجالية وبالأمراض المزمنة التي تثقل كاهل المعوزين، مثل السرطان والقصور الكلوي والسكري والأمراض النفسية. المرحلة الثانية، وتستمر إلى غاية 31 دجنبر المقبل، سيجري فيها اتخاذ مختلف الإجراءات المسهلة للاستفادة من "الراميد"، أبرزها ترميم المستشفيات الموجودة وبناء أخرى جديدة. أما المرحلة الأخيرة، فتبدأ من فاتح يناير 2013 وعلى مدى الحياة، تتخذ خلالها كل الإجراءات لتحصين المكتسبات وتعزيز الحكامة في التدبير لضمان ديمومة النظام. الخدمات المتاحة كرس القانون 00-65 المتعلق بنظام التغطية الصحية، قائمة للخدمات العلاجية المضمونة، تساوي تلك المعترف بها لمؤمني القطاع العام المنخرطين في الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي. وكان من المحتمل أن تشكل هذه الوضعية إكراها كبيرا في الوقت الراهن، بالنظر إلى عدم كفاية بعض الخدمات، كما ونوعا أو عدم توفرها حاليا في المستشفيات والمؤسسات الصحية التابعة للدولة (المستلزمات الطبية مثلا). في بادئ الأمر، نهجت وزارة الصحة مبدأ التدرج الذي يقتضي تقديم الخدمات المتاحة، إذ أعطيت الأولوية للتكفل الكلي بالخدمات الاستعجالية وبالأمراض المزمنة التي تثقل كاهل المعوزين، مثل السرطان والعوز الكلوي والسكري والأمراض النفسية.