شدد المتدخلون في الدورة الاستثنائية للمجلس التنفيذي لتجمع دول الساحل والصحراء (س.ص)، أمس الاثنين بالرباط، على ضرورة وضع أسس جديدة للتجمع، وإعطائه دينامية تتماشى والتحديات، التي تشهدها منطقة الساحل والصحراء ووضع استراتيجية واضحة وآليات للتعاون الفعال، وتكثيف الجهود لمواجهة التحديات الجسيمة، التي تواجهها بلدان التجمع، المتمثلة أساسا في الجريمة المنظمة بالحدود والإرهاب والاتجار في الأسلحة. وقال سعد الدين العثماني، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، إن "هذه الدورة الاستثنائية للمجلس التنفيذي، تأتي في وقت تعرف فيه منطقتنا أحداثا متسارعة، ما يستدعي منا تأسيس منظمة قوية وعصرية، قادرة على إيجاد الحلول الناجعة والملائمة لمشاكل المنطقة، والتفكير في غد أفضل لشعوب دول تجمع الساحل والصحراء، تحقيقا لطموحاتها في العيش في محيط آمن، يضمن لها حياة كريمة"، مؤكدا أن هذا يستلزم اعتماد توجهات استراتيجية واضحة، وآليات للتعاون الفعال وبرامج ناجعة. وأشار العثماني في كلمة في الجلسة الافتتاحية لهذه الدورة، إلى أن منطقة الساحل والصحراء تعرف انزلاقات أمنية خطيرة، تهدد مستقبل كافة الدول المعنية، وكذا المحاذية للمنطقة، تغذيها شبكات متعددة عابرة للحدود، تنشط في مجال الجريمة المنظمة والإرهاب والتجارة غير المشروعة، بما فيها تجارة الأسلحة والمخدرات. وأضاف الوزير أن الأحداث الأخيرة في منطقة شمال إفريقيا زادت من حدة عدم الاستقرار، ومكنت من ظهور متدخلين جدد في الأزمة، خاصة في مالي، حيث تمكنت مجموعات مختلفة من احتلال مناطق كاملة والاستقرار بها، وتوجيه أنشطتها منها، وخلقت بذلك عدم الاستقرار امتدت آثاره إلى دول الجوار. وأبرز العثماني أنه، رغم أهمية المبادرات، التي اتُخذت في المنطقة من أجل محاربة ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة، إلا أنها "لم تكن كافية، بل لا حظنا مزيدا من انتشار رقعة الإرهاب في اتجاه الجنوب والشرق والغرب، وتداخلت عناصرها، إذ أصبحت تلك المبادرات، اليوم، متجاوزة". وذكر العثماني بجهود المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا من أجل استتباب الأمن واحترام الشرعية الدستورية في الدول المكونة لها، مؤكدا دعم المغرب لجهود الهيئة الحكومية المشتركة للتنمية من أجل إعادة الاستقرار للقرن الإفريقي، الذي عانى هو الآخر أحداثا تنعكس آثارها سلبا على اقتصاديات كافة دول المنطقة. ودعا الوزير إلى العمل المشترك لضمان استقرار المنطقة، حتى يتأتى تحقيق تنمية منسجمة ومستدامة، اعتمادا على ما توفر لديها من إمكانات وموارد تؤهلها لتحقيق ذلك، ما يستدعي استنهاض جميع طاقات بلدان التجمع بشكل تضامني وفعال. وأبرز أن المغرب، بحكم انتمائه للاتحاد المغاربي وتجمع الساحل والصحراء، معني كباقي دول المنطقة، بالتهديدات الأمنية وآثارها المباشرة وغير المباشرة، ويتابع عن كثب مضاعفات هذه الأحداث ويحاول التخفيف من حدتها. من جهته، قال إبراهيم ساني أباني، الأمين العام المساعد لتجمع دول الساحل والصحراء، إن هذه "الدورة الاستثنائية تؤكد أن تجمع الساحل والصحراء مازال قائما، خاصة بعد أحداث ليبيا التي لم تؤثر على الدول الأعضاء في وضع أسس جديدة للمنظمة، تتوخى تحقيق الأمن والسلام والتنمية السوسيو اقتصادية بشكل فردي أو جماعي بالمنطقة"، مشيرا إلى أن سلطات المجلس الانتقالي الليبي عرفت دور المنظمة، وانضمت إليها وعبرت عن رغبتها في المساهمة في إعادة هيكلتها وتحديثها. وأشار الأمين العام المساعد للتجمع إلى أن غياب رؤية واضحة لهذه الهيئة جعلها تبتعد شيئا فشيئا عن الأهداف الرئيسية، وأن هذا السبب أدى إلى "عدم اللامبالاة من طرف الدول الأعضاء، لذا قررنا إصلاحها، حتى تؤدي دورها كما يجب، وتكون في مستوى التجمعات الإقليمية، وأداة في مواجهة تحديات التصحر والتغذية، ومحاربة كل أشكال الجريمة بالحدود، والاتجار في الأسلحة والمخدرات، وحتى تكون نشطة وتراقب الجهود، التي تبذلها الدول الأعضاء على المستوى الفردي والجماعي". في السياق نفسه، أبرز موسى أفاق محماة، رئيس المجلس التنفيذي لتجمع الساحل والصحراء، في كلمة بالمناسبة، أن إصلاح المنظمة أصبح أمرا ضروريا، نظرا للحصيلة غير المرضية منذ تأسيسها قبل 12 عاما، مشيرا إلى أن كل الدول الأعضاء وافقت على أن تكون أهداف التجمع في خدمة تنمية دول الساحل والصحراء، وتحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة، وليس لخدمة سياسية وديبلوماسية. وأضاف أن فكرة إصلاح "س. ص" طُرحت قبل الثورة الليبية، ودعا إلى العمل على إبقاء المنظمة حية من أجل مواجهة التحديات الجديدة، المتمثلة في غياب الأمن وعدم الاستقرار بالمنطقة. ويضم تجمع دول الساحل والصحراء، الذي تأسس سنة 1998 بطرابلس، في ليبيا، 28 بلدا، ويعمل من أجل تحقيق الاندماج الاقتصادي بين أعضائه، ومحاولة مواجهة تحديات المنطقة، المتمثلة في عدم الاستقرار، والأزمة الغذائية، والتصحر.