من داخل حافلة زرقاء اللون، كتب عليها بالأبيض "حافلات النقل العمومي"، ووسط ساحة الشرف داخل المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، ستشد انتباه ضيوف احتفال أسرة الأمن الوطني بالذكرى 56 لتأسيسها من مغاربة وأجانب، أصوات خوف واستنجاد من ركاب وقعوا رهائن في قبضة عصابة إجرامية. (حيحي) سؤال كيف ستحرر نخبة من فرق مكافحة الجريمة المنظمة هؤلاء المواطنين في مشهد استعراضي يحاكي واقع مسرح الجريمة، كان حاضرا في أحاديث الناس هنا، بأكاديمية الشرطة. بين رمشة عين سيظهر عشرة عناصر أمن تشكل إحدى فرق النخبة، التي تحملت مسؤولية التوجه نحو الهدف بثقة عالية في النفس، وهي ترتدي لباس تدخل ميداني أسود اللون، وصدريات واقية. تقترب القوات من حافلة الرهائن بحذر شديد، ويهم أربعة عناصر بتحطيم نوافذ الإغاثة وكسر أبواب الحافلة. يصاب أفراد العصابة بصدمة التدخل، بينما تحول ظهر أمني مشارك في العملية إلى قاعدة لإسناد وتثبيت سلم ألمنيوم، صعود باقي القوات إلى جوف الحافلة. تقترب 90 ثانية المحددة كمدة زمنية مخصصة في خطة نخبة تحرير الرهائن هذه، من خط النهاية، فيصفق كبار صناع القرار الأمني الحاضرون وضيوف حفل أسرة الأمن كثيرا على مهنية وكفاءة هذه الفرقة في تحرير ركاب حافلة عمومية، غالبيتهم نساء، من قبضة عصابة، أفرادها فتوات احتجزوا مواطنين كرهائن تحت التهديد اللفظي والجسدي. كان هذا المشهد، إلى جانب عرض عملية تفكيك المتفجرات عن بعد، واحدا من أوجه تحديث وعصرنة النخب الأمنية عملياتيا وتنظيميا وتدبيريا وتكونيا، كرؤية وردت في الاستراتيجية الجديدة للمديرية العامة لإدارة الأمن الوطني، المعلن عنها على عهد الخبير الدولي في الجرائم التكنولوجية، بوشعيب ارميل، المدير العام للأمن الوطني. امحند العنصر، وزير الداخلية، والشرقي اضريس، الوزير المنتدب في الداخلية، إلى جانب محمد ياسين المنصوري، مدير الإدارة العامة للدراسات والمستندات، وحفيظ بنهاشم، مندوب إدارة السجون، ومحمد عبد النبوي، ممثل وزير العدل، فضلا عن شخصيات مدنية وعسكرية، تابعوا باهتمام وإعجاب خطة ارميل في الأمن الوطني، التي تلاها علي أمهاوش، مدير الأكاديمية الملكية للشركة بالقنيطرة. وعكست استراتيجية المديرية العامة للأمن الوطني المعلن عنها التوجه العمودي والأفقي للإدارة في مواجهتها للتحديات الأمنية، التي فرضت تعزيز التعاون، وتطوير مناهج التكوين لتأهيل العنصر البشري والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، من أجل جهاز أمني عصري، يواكب مفهوم الأمن الجديد، في ظل تطور الجريمة في بعدها الوطني والإقليمي والدولي. ويقول أمهاوش، في هذا الصدد، "لم يكن بوسع بلدنا، بحكم موقعه الجغرافي المتميز، أن يبقى في منأى عن المتغيرات الدولية والتحولات الاجتماعية، التي أفرزت أنماطا جديدة من الظواهر الإجرامية، خصوصا العابرة للحدود". مدير أكاديمية الشرطة، التي تستقبل سنويا نحو ثلاثة آلاف متدرب في مختلف الوحدات والدرجات، زاد قائلا "لأجل رفع التحديات الأمنية، التي يعرفها العصر الحالي، انخرطت المديرية العامة للأمن الوطني، من خلال مخططاتها، وبرامج عملها، في مواكبة المستجدات، إن على المستوى الوطني أو الدولي، وجاهدت في تطوير إمكانياتها البشرية والمادية، والانفتاح على محيطها الاجتماعي، لترسيخ ثقافة التواصل، ونسج علاقة التشارك في التعاون الأمني مع مختلف الدول الصديقة والشقيقة".