علم لدى مصادر قنصلية مغربية بإسبانيا أن السلطات المغربية تتابع بقلق وباهتمام بالغ قضية الشاب المغربي عبد الله العسلي، الذي يوجد حاليا بغرفة العناية المركزة في أحد المستشفيات بمدينة وادي الحجارة، يحتمل أنه تعرض لاعتداء من قبل الشرطة الإسبانية، بسبب عدم توفره على بطاقة الإقامة. وطالبت المصادر ذاتها بفتح تحقيق من أجل معرفة جميع التفاصيل المرتبطة بقضية المواطن المغربي، مؤكدة أنها ستقوم بجميع الإجراءات الضرورية لضمان حقوقه كاملة، وحث السلطات الاسبانية على تقديم التوضيحات اللازمة حول ملابسات هذا الحادث المؤسف. وفي هذا الإطار توجه وفد من القنصلية العامة للمملكة بمدريد إلى مدينة وادي الحجارة (وسط إسبانيا) لزيارة المواطن المغربي، البالغ من العمر 33 سنة، من أجل الاطلاع على حيثيات هذه القضية. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الوفد المغربي اطلع، خلال زيارته للمستشفى الجامعي بمدينة وادي الحجارة، على تطور الوضعية الصحية للمواطن المغربي، مضيفة أن الوفد اجتمع مع أصدقاء الضحية واستمع إلى أقوالهم، مؤكدة أنها لن تتوانى في مطالبة الجهات المعنية بتقديم المعلومات الحقيقية، ضمانا لحقوق المغاربة بالديار الإسبانية، وصون مصالحهم. كما اجتمع الوفد مع الطبيب الذي يتابع الحالة الصحية للمواطن المغربي، ومع المساعدة الاجتماعية بالمستشفى للسؤال عن الوضعية الصحية للضحية وتطورها. من جهة أخرى، عقد الوفد القنصلي المغربي اجتماعا مع نائب مندوب الحكومة الإسبانية بوادي الحجارة خوان بابلو سانشيث سيكو، جرى التأكيد خلاله على ضرورة بذل الجهود الضرورية بشكل موضوعي ومسؤول، لمعرفة حقيقة ما حدث، وإلحاق العقوبات بالمسؤولين المحتملين عن هذا الاعتداء الذي أثر بشكل كبير وخطير على صحة المواطن المغربي إلى درجة تعرض حياته للخطر دون أن تكون هناك أسباب لذلك، علما أن كل المعلومات المتوفرة تصب في كون عبد الله العسلي لم يسبق له أن تسبب في حدوث أي مشاكل، بل يتميز بهدوئه واستقامته وحسن خلقه. وعبر المسؤول الإسباني، خلال هذا اللقاء، عن أسفه لما حدث، مؤكدا إرادته في متابعة هذا الموضوع، لكنه في المقابل ادعى مجددا أن المواطن المغربي قام بالتسبب لنفسه في الإصابات التي يعانيها إثر إخباره باحتمال ترحيله إلى المغرب، نظرا لوجوده بالتراب الإسباني بشكل غير قانوني، مع وجود قرار بطرده، منذ شهر ماي 2011. وبهذا الخصوص، أكد الوفد القنصلي المغربي أن هذا الأمر لا يبرر إمكانية تعرض عبد الله العسلي للضرب بعنف، ما تسبب في إدخاله إلى غرفة العناية المركزة، حيث مايزال يقبع فيها بعد أيام طويلة من إلقاء القبض عليه، مشيرا إلى أن الحالة الصحية للمواطن المغربي لا تبعث على الاطمئنان. كما عبر الوفد القنصلي عن استغرابه التام لكون السلطات الاسبانية لم تخبر القنصلية العامة للمملكة بإلقاء القبض على المواطن المغربي ولا بعد إدخاله إلى المستشفى في حالة خطيرة. وفي هذا الإطار، وجهت القنصلية العامة للمملكة لمدريد استفسارا في الموضوع إلى كل من نائب مندوب الحكومة المركزية بمدينة وادي الحجارة، وإلى مدير المستشفى الجامعي، وإلى قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بمدينة وادي الحجارة. كما تعتزم القنصلية مواصلة الزيارات إلى المستشفى الجامعي للاطمئنان على صحة عبد الله العسري، والحصول على مزيد من المعلومات والتفاصيل المرتبطة بقضية المواطن المغربي مع الاستمرار في الاتصال مع الجهات الإسبانية لتوضيح ملابسات هذه القضية. وكانت قضية الشاب المغربي، الذي يوجد حاليا بغرفة العناية المركزة في أحد مستشفيات مدينة وادي الحجارة، بعد اعتقاله من قبل الشرطة الإسبانية بسبب عدم توفره على بطاقة الإقامة، أثارت استياء الجالية المغربية التي تطالب بفتح تحقيق نزيه حول هذه القضية. وتعود وقائع هذه القضية إلى فاتح مارس الجاري، عندما كان المواطن المغربي يوجد مع أصدقائه في أحد ملاعب كرة القدم يقع في منطقة هادئة في مدينة وادي الحجارة، من أجل ممارسة هويته المفضلة، عندما توجه أفراد من الشرطة يرتدون الزي المدني، وطلبوا منه دون غيره بطاقة الهوية. وعندما تبين لأفراد الشرطة أن الشاب المغربي لا يتوفر على بطاقة الإقامة، وهو ما يشكل مخالفة إدارية بسيطة، جرت المناداة على دورية للشرطة، من أجل اقتياده إلى المخفر. ومنذ تلك اللحظة، لم يتمكن أصدقاؤه من الحصول على أي معلومات بشأنه، قبل أن يقرروا يوم سادس مارس الجاري التوجه إلى مركز الشرطة، للاطمئنان عليه، ليجري إبلاغهم بعد ذلك بأنه جرى ترحيله إلى المغرب. وحسب مصادر بجمعية المهاجرين المغاربة بجهة وادي الحجارة، فإن أحد العاملين بمستشفى وادي الحجارة قرر إزاء تدهور الحالة الصحية للمواطن المغربي وعدم زيارته من أي قريب أو صديق الاتصال بأحد زملائه في شقة كان يقيم بها بمدينة مورسية، قبل انتقاله إلى مدينة وادي الحجارة. إثر ذلك، اتصل زميله السابق بأصدقاء عبد الله العسلي في وادي الحجارة، لإخبارهم بحالة المواطن المغربي. وبعد تلقيهم لهذا الخبر علموا بأنه جرى نقل صديقهم عبد الله العسلي من مخفر الشرطة إلى مستشفى المدينة في حالة حرجة، قبل أن يخضع يوم فاتح مارس الجاري لعملية دقيقة جراء تعرضه لإصابة على مستوى الدماغ، ما أدى إلى إصابته بشلل تام تحتم نقله إلى وحدة العناية المركزة. ولم تر هذه القضية النور سوى بعد نشر أحد المواقع الإخبارية المحلية "مدريد 2 الأخبار" لوقائع هذه القضية التي فضلت الشرطة الاسبانية تجاهلها، بعد أن فضحت رئيسة جمعية "الأمل" للجالية المغربية بوادي الحجارة، نادية العثماني، هذه القضية، منددة بادعاءات الشرطة بطرد الشاب المغربي من إسبانيا، في الوقت التي كان يوجد فيه في حالة صحية مزرية بأحد مستشفيات المدينة. وبعد مرور عدة أيام على وقوع هذه الحادثة المؤسفة أعلنت مندوبية الحكومة الاسبانية في جهة قشتالة لامانشا، في وقت متأخر من مساء يوم الأربعاء (بعد مرور أزيد من 20 يوما من الواقعة)، في تصريحات للصحافة الإسبانية فتح تحقيق حول هذه القضية. وادعى نائب مندوب الحكومة الإسبانية في مدينة وادي الحجارة خوان بابلو سانشيث في تصريحات لوسائل الإعلام الإسبانية أن الشاب المغربي لم يتعرض لأي اعتداء من قبل الشرطة، وإنما "اعتدى على نفسه" من أجل تجنب قرار طرده من التراب الإسباني، منذ شهر ماي الماضي. وأضاف المسؤول الإسباني أن "جميع الدلائل تشير إلى أن الشرطة تصرفت بشكل صحيح"، مؤكدا "ثقته الكاملة في الأجهزة الأمنية للدولة". ومع ذلك٬ تخيم العديد من النقط السوداء على هذه القضية، خصوصا بعد أن أبلغت الشرطة أصدقاء الضحية بأنه جرى ترحيله إلى المغرب، في الوقت الذي كان يوجد في حالة غيبوبة في المستشفى. إنها أسئلة وجيهة للجالية المغربية المقيمة بمدينة وادي الحجارة (على بعد ستين كلم من مدريد)، من أجل المطالبة بفتح تحقيق نزيه بشأن قضية المواطن المغربي، جرى نقله من أحد مخافر الشرطة ليوجد في حالة غيبوبة بعد إصابته بشلل تام وهو الأمر الذي يجعل من الصعب العثور على أجوبة حول هذه القضية.