طالب رئيس حزب الاتحاد والتغيير (حاتم) الموريتاني، صالح ولد حننا، الصحراويين بمخيمات تندوف أن يستفيدوا مما يجري في المنطقة العربية، وأن يكونوا على مستوى كبير من الوعي بتحديات المرحلة. وأكد ولد حننا أن شباب مخيمات تندوف "مطالبون بتجاوز تلك القيادات المُحَنّطة، منذ عشرات السنين، التي لا تعبر عن طموحات الصحراويين، كما أن بقاءها لا يخدم الاندماج المغربي". وبخصوص العلاقات المغربية الموريتانية، يرى ولد حننا أنها "يجب أن تكون فوق كل الاهتزازات، لأنها مبنية على مصير مشترك وتاريخ وجغرافيا وعلاقات وجدان". كيف ترون الأوضاع الراهنة في مختلف دول الاتحاد المغاربي؟ - شكرا لصحيفة "المغربية" على إتاحة هذه الفرصة من أجل التواصل مع أهلنا في المغرب. وأعتقد أن منطقة المغرب العربي كجزء من الساحة العربية بشكل عام، تشهد منذ سنة 2010 مخاضا عسيرا، أثمر في بعض هذه البلدان ثمرة طبية، كما حصل في تونس وليبيا والمغرب، إلا أنه في بعض الدول الأخرى، كالجزائر، وموريتانيا، وبعض الدول العربية، مازال على حاله، رغم ما نشهده في سوريا، جراء ما يتعرض له الشعب السوري من بطش شديد. لهذا، أقول عموما لابد من تضحيات لهذا المخاض العسير. لكن أرى أننا الآن في بداية الطريق الصحيح، لأنه، من خلال هذا المخاض، ستولد ديمقراطيات حقيقية في بلداننا العربية بشكل عام، والمغاربية بشكل خاص، لأن الديمقراطية هي المدخل الحقيقي لشيئين أساسيين: مطلب التنمية ومطلب الوحدة، والمدخل الأساسي لهذه التنمية هو هذه الثورات والحراكات التي نشهدها، فيما المدخل الأساسي للوحدة، هو هذه الديمقراطية، التي ستتيح لهذه الشعوب أن تختار بكل حرية، وبالتأكيد عندما تتاح لها فرصة الاختيار فهي حتما ستختار الوحدة المغاربية. بدأت تظهر مؤشرات للتقارب المغاربي وبعث الاتحاد المغاربي وإحيائه، كيف تقرأون هذه المؤشرات؟ - تابعنا هذه المؤشرات منذ بداياتها، وكان لنا في هذا الإطار لقاء مع الرئيس التونسي منصف المرزوقي، ومع وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي سعد الدين العثماني. نحن نثمن هذه الجهود، ونعتبر أنها في الاتجاه الصحيح، الجزائري، لكن لابد من إصلاحات حقيقية في بعض البلدان المغاربية، حتى تكون كل الدول المغاربية على أرضية واحدة، وتتمكن مجتمعة من بناء صرح الاتحاد المغاربي الكبير. من التحديات التي تفرض نفسها الآن على دول الاتحاد المغاربي، التحدي الأمني في منطقة الساحل والصحراء، ألا ترون أن غياب التنسيق بين هذه الدول يخدم مصالح المجموعات الإرهابية بالمنطقة؟ - إن الموضوع الأمني في الساحل والصحراء موضوع معقد وفيه أكثر من طرف، فبالإضافة إلى الطرف المحلي، هناك أطراف دولية لها أجنداتها الخاصة. ونعتبر السلم والأمن شيئين أساسيين، لهذا على كل الدول الإقليمية تنسيق الجهود في ما بينها لاحتواء هذه المشاكل الأمنية، لكننا نرفض أن تكون هذه الدول جزءا من أجندات خارجية. زيارة وزير الخارجية المغربي، أخيرا، إلى موريتانيا وصفتها وسائل الإعلام المحلية بالناجحة والمثمرة، كأحزاب موريتانية، كيف تنظرون إلى هذا الأمر؟ - فعلا، زيارة وزير الخارجية المغربي كانت مفيدة، خصوصا أنه توفرت لدينا فرصة عقد لقاء معه، ونؤكد ضرورة استمرار هذا التواصل بين الدولتين على المستوى الرسمي كما المستوى الشعبي. ومن خلال هذا التواصل، نتمكن دوما من حل كل الإشكالات التي قد تحصل من حين لآخر، وهذا يحتاج إلى جهد متبادل من كل الأطراف. معظم الدول المغاربية شهدت حراكا تمخضت عنه إصلاحات سياسية، إلا أن كيان "بوليساريو" ظل جامدا، منذ 36 سنة، أليس هذا عاملا معاكسا لتحقيق الاندماج المغاربي؟ بالتأكيد، الأوضاع السياسية في جبهة بوليساريو ليست سوية، لهذا على الإخوة الصحراويين أن يستفيدوا مما حولهم وأن يكونوا على مستوى كبير من الوعي ومعرفة التحديات، بالإضافة إلى أنهم مطالبون بتجاوز تلك القيادات المحنطة، منذ عشرات السنين، التي لا تعبر عن طموحات الصحراويين. طبعا، هذا يحتاج إلى جهد كبير، ولهذا يعول على شباب المخيمات لتنفيذ الحلقات المتبقية وتحمل المسؤولية. لكن الأهم من كل هذا، أن مشكل الصحراء شكل عائقا حقيقيا في وجه الاندماج المغاربي وفي وجه التنمية المغاربية، لهذا أعتقد أنه إذا حصل التحرك مستقبلا في اتجاه تحقيق الوحدة المغاربية الكبرى، فلا شك أن المشكل سيختفي كليا، لأنه، في ظل هذه الوحدة المغاربية، سيجد الصحراويون أنفسهم داخل الوحدة، وبالتالي سيختفي حلم التجزئة والانفصال كما يحدث الآن. ما تعليقكم على الحراك الذي شهده المغرب، والذي تمخضت عنه إصلاحات دستورية وسياسية؟ - نعتبر أن الحراك الشبابي الذي شهده المغرب بداية سنة 2011 كان جزءا من الربيع العربي، لكن ما ينبغي الوقوف عنه بالنسبة للمغرب، هو سرعة التجاوب الحكيم لجلالة الملك خاصة والاستجابة لهذا الحراك، من خلال إصلاحات دستورية كانت المملكة في حاجة إليها، ولاشك أنها استوعبت هذه المطالب الشبابية. نتمنى أن يتواصل هذا الحوار مع الشباب وأن يقع احتضان الشباب ضمن مشروع الدولة الحديثة. نحن، كحزب سياسي، نعتبر أن ما قام به جلالة الملك يعد بحق تجاوبا حكيما ومتبصرا، جعل المغرب يتميز عن بقية الدول العربية.