عادت المفاوضات بين النقابة الديمقراطية للعدل، العضو بالفدرالية الديمقراطية للشغل، ووزارة العدل إلى نقطة الصفر، ما ينذر بتصعيد جديد داخل القطاع. ويأتي هذا التطور، بعدما اتهمت النقابة وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، ب "تهريب اتفاق كان سيوقع بين النقابة والوزارة، الخميس الماضي، ومفاجأتها بقراراته، التي انقلب من خلالها على سابق التزاماته وقوله". وحدد المكتب الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل، خلال اجتماعه، يوم الجمعة الماضي، "تراجعات" الوزير "في رفض توقيع الاتفاق بشكل مطلق، واعتبار أن لجنة التفاوض لم تنعقد أصلا، وإعطائه تعليمات بعدم التعامل مع أي تمثيلية نقابية، وإغلاق باب الحوار القطاعي بشكل نهائي، مع ما صاحب هذه الإجراءات من تهديد ووعيد بالطحن والعجن". وندد المكتب الوطني، في بلاغ له، توصلت "المغربية" بنسخة منه، ب"محاولة اغتيال العمل النقابي الجاد والملتزم بقضايا الشغيلة العدلية، عبر استهداف الوجود القوي والمؤثر للنقابة الديمقراطية للعدل، ومن خلالها الفدرالية الديمقراطية للشغل بالقطاع، ويعتبر هذه الخطوة محاولة لإرجاع الزمن النقابي إلى ما قبل سنة 2003". وأكد المكتب الوطني للنقابة تشبثه ب"المكتسبات والتراكمات المحققة في مجال حرية العمل النقابي بالقطاع، والتي لن نسمح، بأي شكل من الأشكال، بالانقلاب عليها، وفرض عصى الطاعة على مناضلات ومناضلي النقابة الديمقراطية للعدل"، مبديا استعداده "خوض كل الأشكال النضالية، في إطار ما تتيحه دولة الحق والقانون لتحصين مكتسباتنا". ودعا مصدر من النقابة الديمقراطية للعدل وزير العدل إلى "ترجيح كفة العقل والتوازن، بدل محاولة افتعال صراع لا مصلحة لنا ولا للبلد فيه، وفي هذا الوقت بالذات"، مطالبا وزارة العدل ب"توقيع مشروع الاتفاق المتوافق حوله ومتابعة الحوار بشأن باقي النقاط العالقة، إخمادا لنار الفتنة التي يريد البعض إذكاءها". وذكر المصدر ذاته أن المكتب الوطني دعا إلى إضراب وطني، الأربعاء والخميس الماضيين، للمطالبة بتنفيذ بعض الاتفاقات العالقة، ومتابعة النقاش مع وزارة العدل بخصوص الملف المطلبي للنقابة، مشيرا إلى أن مراسلات عدة وجهت في الموضوع، تدعو إلى فتح حوار جدي وممأسس، دون تلقي أي رد. ووقال المصدر ذاته إنه بناء على "المشاركة الواسعة لموظفات وموظفي القطاع في الإضراب، انطلقت عملية الاتصال بين النقابة الديمقراطية للعدل ووزارة العدل، من خلال لقاء ودي بين الكاتب العام للنقابة، عبد الصادق السعيدي، ووزير العدل والحريات، الذي عبر عن استعداده لمعالجة جميع الملفات، وأن باب الحوار مفتوح، وأنه على استعداد لتذليل كل الصعاب، في أفق حل المشاكل المطروحة، معطيا تعليماته بعقد جلسة للتفاوض". وأضاف المصدر ذاته أنه بناء على ذلك، عقدت، مساء الأربعاء المنصرم، بمقر وزارة العدل، جلسة للتفاوض القطاعي، بحضور كل من الكاتب العام لوزارة العدل، ومدير الموارد البشرية، ومدير الميزانية، ومسؤولي النقابة الديمقراطية، واستمرت الجلسة إلى حدود الثانية عشرة ليلا، جرى خلالها التوصل إلى حل مجموعة من النقاط المطلبية، والتزام الوزارة بتوقيع اتفاق قطاعي مع النقابة بخصوص هذه النقاط، على أن ترجأ عملية صياغة الاتفاق وتوقيعه إلى غاية يوم الخميس المنصرم. وأعلن المصدر ذاته أن هذه الجلسة عرفت حضورا مفاجئا لوزير العدل، ليجدد التعبير عن دعمه للحوار القطاعي، واستعداده لتوقيع أي اتفاق تتوصل إليه النقابة مع الطاقم الإداري المفاوض لثقته فيه، ورغبته في خدمة القطاع والعاملين به. وأفاد المصدر أن نص الاتفاق صيغ صبيحة الخميس المنصرم، وبعد تدقيقه، أرسل إلى وزير العدل لإبداء الرأي حول صيغته ومضامينه قبل التوقيع، مشيرا إلى أن هذه العملية كلفت مسؤولي النقابة الانتظار من العاشرة صباحا إلى التاسعة مساء، ليفاجأو ب"تهريب الاتفاق وبقرارات وزير العدل، الذي انقلب على سابق التزاماته وقوله". واعتبر بلاغ المكتب الوطني هذا التراجع "انحرافا خطيرا يهدد العمل النقابي بالقطاع في وجوده، ويؤكد ما سبق أن عبرنا عنه من أن محاولات تمييع العمل النقابي بالقطاع سيتلوها ولا شك محاولة القضاء عليه مجددا بآليات ووجوه جديدة، نلخص تجلياتها في محاولة تسييس إضرابنا، والتشويش الذي رافقه والتعبئة المضادة التي قام بها أبواق الإدارة". وقرر المكتب الوطني، في اجتماعه، "إمهال وزارة العدل لتوقيع مشروع الاتفاق بالصيغة المتوافق حولها واستئناف الحوار القطاعي، ومراسلة الجمعيات الحقوقية والهيئات السياسية والفرق البرلمانية بخصوص محاولة اغتيال العمل النقابي بالقطاع"، داعيا المجلس الوطني للانعقاد في دورة استثنائية، السبت المقبل، بالرباط.