بعد نشوة أول انتخابات حرة في تاريخ تونس، يشعر بالقلق الحداثيون والتيارات المدافعة عن حقوق المرأة في تونس، التي صدمت بالفوز الكبير، الذي حققه حزب النهضة الإسلامي والتراجع الكبير لقوى اليسار في انتخابات 23 أكتوبر الجاري. سيدة تونسية مبتهجة بفوز حركة النهضة في الانتخابات الأخيرة (أ ف ب) وقالت فوزية هميلة (58 عاما) "هناك مشاعر حزن وإحباط". وأضافت السيدة، التي تعمل في القطاع العام، "صدمت أنا وزملائي بنتيجة الانتخابات إلى درجة أننا لم نستطع العمل". وأضافت وقد اغرورقت عيناها بالدموع "لم تقنعنا تصريحات قادة النهضة المتكررة حول التزامهم باحترام حقوق المرأة" في تونس، التي تتميز بتقاليد عريقة في مجال حرية المرأة على خلفية إسلام سني مالكي معتدل ومتسامح. وقالت الصحافية، حياة السايب، "من الطبيعي أن يطرح اليوم السؤال حول مستقبل المشروع الحداثي في ظل ارتفاع أصوات باتت تنعق، منذ فترة في محاولة غريبة لإعادة التونسيين إلى الوراء ومن المواطنة الحقة إلى زمن الرعايا بالإيالة التونسية" زمن حكم البايات العثمانيين. وأضافت أن "منح الناخبين فرصة ذهبية للإسلاميين لا يعني أنهم منحوها صكا على بياض"، مذكرة بأن التونسيون رفعوا، خلال ثورة 14 يناير الماضي، شعار "لا خوف بعد اليوم". وفي الاتجاه ذاته، قال رياض بن فضل، منسق "القطب الديمقراطي الحداثي،" إن "هناك شعورا كبيرا بالمرارة في أوساط الديمقراطيين"، معترفا بهزيمة القطب وهو تجمع من خمسة أحزاب حول حزب التجديد (الشيوعي سابقا) بزعامة أحمد إبراهيم، في انتخابات المجلس التأسيسي، التي جرت الأحد الماضي. وأضاف أن "المرأة شكلت إلى جانب الشباب العمود الفقري خلال الحملة (...)، لكن خسرنا ويخيم علينا شعور بالمرارة لكننا متفائلون وسنعمل في المستقبل على توجيه (أفضل) لقوانا". من جهته، قال جنيدي عبد الجواد، أحد قياديي حزب التجديد، "ربحنا معركة المناصفة بين النساء والرجال" ما اعتبره "مكسبا وثمرة الثورة التونسية"، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي قبل تسعة أشهر. وأضاف "سنواصل النضال من أجل إدراج مبدأ المناصفة في (انتخابات) المجالس المنتخبة القادمة". وبلغت نسبة النساء على رأس القوائم الانتخابية المترشحة، سبعة في المائة فقط رغم ما تتمتع به المرأة التونسية، منذ أكثر من نصف قرن من قوانين تقدمية فريدة من نوعها في العالم العربي الإسلامي. وبدت الشابة ايناس (26 عاما)، التي ترتدي تنورة قصيرة متخوفة. وقالت "ينتابني شعور بالرعب والضيق لمجرد التفكير في أن ملتحين سيحكمونني"، مشيرة إلى أن عددهم أصبح كبيرا في منطقة المروج في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس، حيث تعيش. ووصفت أستاذة جامعية فضلت عدم الكشف عن هويتها تقدم النهضة في الانتخابات "بيوم حداد للمرأة والديمقراطيين على حد سواء". أما روضة الطالبي، طبيبة اختصاص علاج طبيعي، فاعتبرت أن "الأمر المحير فعلا هو سلوك الإسلاميين في الشارع". وعددت الطالبي بعض مواقف الإسلاميين من المرأة غير المحجبة وصفتها "بالمستفزة"، ورأت أن "ما يقوم به بعض الإسلاميين في الشارع أخطر بكثير من وجودهم في الحكومة". وبدت الجمعيات النسوية، التي تعرضت للقمع خلال فترة نظام بن علي، أكثر تحفظا ولم ترد، بعد ردوود فعلها حول انتصار النهضة في هذه الانتخابات التاريخية في تونس.