تندرج العملية الانتحارية، التي وقعت، السبت الماضي، في ولاية بانشير، التي كان يعتقد أنها الأكثر أمانا في البلاد، في استراتيجية طالبان الحالية الرامية إلى إثبات أنه ليس هناك أي منطقة آمنة في البلاد وأن الحكومة الأفغانية عاجزة عن ضمان الأمن. جنود أفغان يستعدون للتدريب بإحدى الثكنات العسكرية في كابول (أ ف ب) وهاجم أربعة انتحاريين دون التمكن من اقتحامه مقر فريق إعادة إعمار الولاية، وهي وحدة مختلطة مدنية-عسكرية تابعة لحلف شمال الأطلسي وإحدى الهيئات العسكرية الأجنبية النادرة في هذه الولاية، ما أسفر عن مقتل سائقين أفغانيين. ويعتبر هذا الاعتداء الانتحاري الأول، منذ 2001 في هذه الولاية، التي كانت من أكبر معاقل مقاومة القوات السوفياتية ثم طالبان، التي لم تتوصل يوما حتى بعدما تولت الحكم (1996-2001) إلى بسط نفوذها على هذا الوادي العميق الصعب المسالك. وتبنت الهجوم حركة طالبان، التي تحولت إلى حركة مقاومة في نهاية 2001، بعد أن أطاح بها تحالف عسكري دولي. وقال المحلل الأفغاني، هارون مير، المتحدر من تلك المنطقة، الذي كان مقربا من القائد الأسطورة أحمد شاه مسعود "أسد بانشير"، الشخصية الكاريسماتية، خلال مقاومة القوات السوفياتية ثم طالبان، "لم نكن نظن أن بوسع طالبان الوصول إلى بانشير"، مؤكدا أن "هذا الهجوم دليل على أن طالبان يمكن أن تضرب في كل مكان". وليس في المنطقة أي هدف استراتيجي كما لم يخلف هجوم السبت المنصرم، سوى خسائر محدودة رغم تصريحات طالبان المبالغ فيها. وقال هارون مير "كان بإمكان طالبان استعمال هذه الوسائل في كابول ضد أهداف أكثر أهمية لا سيما أن فريق إعادة إعمار الولاية معزول كثيرا وتعلم طالبان أنها لن توقع فيه خسائر فادحة". لكن التضحية بأربعة انتحاريين في عملية ذات فوائد تكتيكية محدودة تدل على أن العملية رمزية بامتياز. من جانبه، قال الكاتب والمحلل وحيد مجدا إن "الأمن في بانشير كان يوحي خطأ إلى الحكومة بأن طالبان غير قادرة على زعزعة استقرار هذه الولاية لأن سكانها يعادونهم". لكنه أضاف أنه "بهذا الهجوم أرادوا أن يثبتوا أنهم قادرون على الوصول إلى كل أنحاء البلاد في أي وقت". وبتبنيها الهجوم على الإنترنت أوضحت حركة طالبان أنها أثبتت أن الحلف الأطلسي "ليس في مأمن في أي مكان من البلاد". لكن باستهداف ولاية يعتبر فيها الانتشار العسكري منعدما تقريبا، أراد المقاتلون خصوصا استهداف الحكومة الأفغانية. ومما يدل على أن الهدف رمزي هو أن بانشير تعتبر من المناطق السبع الأولى، التي سلمت فيها قوات الحلف الأطلسي القوات الأفغانية المسؤوليات الأمنية الصيف الماضي. واعتبر المحلل أحمد الساعدي أن "طالبان تريد أن تقول للعالم إن الأفغان غير قادرين على التكفل بأمنهم بأنفسهم".