أمرت هيئة المحكمة الرمزية، التي نظمتها "الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة"، يوم الجمعة الماضي، بالدارالبيضاء، ضد ما أسمته بالتجاوزات، التي قامت بها الحكومة تجاه تنزيل مقتضيات الدستور من خلال القانون التنظيمي لمجلس النواب، وتجاه التزاماتها الوطنية والدولية، بفتح تحقيق جهوي ووطني في جميع الأضرار اللاحقة بالنساء في جميع المجالات، ومتابعة كل من تورط، أو ساهم في الحط من كرامة النساء. وقررت المحكمة بعد التداول في الموضوع قبول الشكاية المباشرة، التي رفعتها الحركة، شكلا وموضوعا، وإدانة الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة، لعدم التزامها بالمواثيق الدولية والدستور، التي تقر بالحقوق السياسية للنساء والولوج إلى المناصب الانتخابية، كما قررت، أيضا، التزام الدولة باتخاذ تدابير إيجابية لرفع أشكال التمييز، سواء على المستوى التشريعي والإداري والتنظيمي، مع ما يتناسب والتجارب الدولية. ورأت هيئة المحكمة الرمزية إحداث مرصد وطني يهتم بالمجالات السياسية والاقتصادية، وتقديم آراء حول النصوص التشريعية والتنظيمية، ووضع مقتضيات تعتمد المناصفة. ومثلت الشهادات والضحايا أمام هيئة المحكمة، وسردن معاناتهن من تخفيض التمثيلية السياسية للنساء، وخرق حق المناصفة. وعبرت آسية بنزكري (ضحية وشاهدة)، مستشارة جماعية بتطوان، من التجمع الوطني للأحرار، عن أسفها لما آلت إليه اللائحة الوطنية الخاصة بالمرأة، التي أصبحت تمثل 60 في المائة من الأشخاص، معتبرة أن ذلك يعطي نسبة تمثيلية تتراوح بين 12 و15 في المائة. وتساءلت بنزكري بصوت مرتفع "أين نحن من المناصفة والتمثيلية للمرأة التي نطمح إليها؟"، و"ما هي القيمة التي أضافتها، بل أدت إلى صدامات داخل الأحزاب السياسية بين المرأة والشباب والنساء في ما بينهم؟". وقالت وفاء بوفراخي (ضحية وشاهدة)، مستشارة جماعية بالمضيق، إن "نسبة 60 في المائة خلقت صراعات ومشاكل ما بين المرأة والشباب، نحن مع الشباب لكن ليس على حسابنا، لهذا نطالب بالمناصفة المناصفة"، بينما قالت ثورية العمري، عن الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة، بصوت مجلجل "الضرر الذي لحقنا كان التنزيل في القوانين التنظيمية، وعلى رأسها قانون الأحزاب ومجلس النواب". من جهتها طالبت خديجة الرباح، منسقة "الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة"، الدولة بالرجوع عما أسمته ب "الفدلكة" الخطيرة، مؤكدة وجود عدة اختلالات في القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب. وانتفضت الرباح قائلة "أنا مواطنة مغربية صوتت على الدستور، لأنه أجاب عن حاجيات كانت تطالب بها النساء، وأكد أنه سيأتي بالمساواة الحقيقية والمناصفة، لكن يأتي القانون التنظيمي لمجلس النواب ويقول في المادتين 5 و6 إن النساء اللواتي وجدن في اللوائح الوطنية لم يعد لهن الحق في الترشح للانتخابات، مرة أخرى". حتى الرجال أدلوا بشهادتهم أمام هيئة المحكمة، إذ اعتبر حكيم الشافعي، ناشط حقوقي، أن الدولة أخلت بالعقد، أي بالتزام تحقيق المناصفة، الذي جاء في الدستور. واستدل الشافعي بالقانون الفرنسي، الذي حكم على أحزاب سياسية بدفع غرامات مالية لحرمانهم النساء من حق الترشيح. وطالب المطالب بالحق المدني، خلال الجلسة، بقراءة جديدة للقانون التنظيمي، ملتمسا الاستجابة للشكاية، التي رفعتها الحركة من أجل ديمقراطية المناصفة، من ناحية الشكل والمضمون، كما طعن في لا دستورية القانون. وطالب الدفاع بإجراء خبرة على العقلية الذكورية، ملتمسا إدانة الدولة المغربية والعقل الذكوري. أما النيابة العامة الممثلة في شخص مصطفى المانوزي، محام بهيئة البيضاء، وناشط حقوقي، فتبنت الدعوى العمومية جملة وتفصيلا، وطالبت بفتح نقاش عمومي، كما أدانت الدولة بمراجعة القوانين التنظيمية، حتى تتماشى مع المواثيق الدولية وروح الدستور.