وسط حراسة أمنية مشددة، وحشد جماهيري كبير، ملأ جنبات ساحة جامع الفنا، قلب مدينة مراكش، في ساعات مبكرة من صباح أمس الأربعاء، انطلقت عملية إعادة تمثيل الاعتداء الإرهابي، الذي استهدف مقهى "أركانة"، يوم 28 أبريل الماضي.. ت:سوري من طرف عادل العثماني، المتهم بأنه المنفذ الرئيسي للعملية الإرهابية، التي راح ضحيتها 17 شخصا، وإصابة أزيد من 21 آخرين، مغاربة وأجانب. وجرت وقائع إعادة تمثيل الاعتداء بحضور الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، وعدد من المسؤولين الأمنيين بولاية أمن مراكش، وعناصر من الفرقة الوطنية. "شوف أولد الحرام غير تنعسو حنا، تيفيقو سبعة رجال، والله لافلتي منها"، عبارة رددها أحد المواطنين بنبرة مراكشية، أثناء اقتياد المتهم الرئيسي في عملية التفجير، عادل العثماني (26 سنة)، المتحدر من مدينة آسفي، إلى موقع الاعتداء الإرهابي، في الوقت الذي تعالت أصوات المراكشيين والمراكشيات للمطالبة بإعدام المتهم، من خلال ترديد عبارات الشجب والتنديد بالعملية الإرهابية، هزت مختلف أرجاء ساحة جامع الفنا، من قبيل "بغينا ليه الإعدام"، "بغينا يقتلوه، كيف ما قتل هادوك الأبرياء". ولم تلتزم السلطات الأمنية بموعد إعادة تمثيل الاعتداء الإرهابي، الذي كان مقررا في حدود العاشرة صباحا، وفضلت مباشرة إعادة العملية في السابعة والنصف صباحا، منطلقة من محطة القطار، بحي جيليز، التي كانت نقطة بداية العملية. ويتضح، من خلال عملية إعادة التمثيل، أن المتهم، الذي كان يخفي هويته بعد تنكره كسائح أجنبي من خلال وضع شعر مستعار، وقبعة رياضية، ونظارة شمسية سوداء، لإخفاء ملامح وجهه، توجه، فجر الخميس الدامي، إلى مدينة مراكش، مستقلا القطار القادم من آسفي، بعد تأكده من نجاح تجارب التفجير الأولية، التي كان يتدرب عليها بمنطقة قروية بمسقط رأسه، بضواحي آسفي، حاملا قيثارة، للإيحاء بأنه مولع بالموسيقى، وحقيبة رياضية، محشوة بكمية كبيرة من المتفجرات. وانتقل المتهم إلى ساحة الكتبية، القريبة من جامع الفنا، على متن سيارة أجرة صغيرة، لوضع اللمسات الأخيرة قبل تنفيذ العملية، من خلال برمجة التفجير عن بعد، باستعمال جهاز هاتف محمول، جرى شحنه ببطارية إضافية، وبرمج على رنة واحدة لتنفيذ عملية التفجير، ليتوجه مباشرة إلى مقهى "أركانة" سيرا على الأقدام، وصعد إلى الطابق الأول، وطلب من النادل عصير برتقال. بعد فترة جلوس عادل بمقهى "أركانة"، التي تعرف توافد السياح الأجانب خلال الفترة الصباحية مدة حوالي 45 دقيقة، وبعد تأكده من توافد عدد كبير من السياح الأجانب، غادر المقهى، تاركا الحقيبة الرياضية المحشوة بالمتفجرات تحت طاولة، دون إثارة الانتباه، وعلى بعد 50 مترا من المقهى المذكور، وتحديدا في عرصة البيلك، بساحة جامع الفنا، ضغط على زر هاتف محمول، استخدمه في التفجير عن بعد، ما أدى إلى انفجار كبير، تسبب في إحداث ثقب في أرضية المقهى، على مساحة حوالي 70 سنتمترا، ليتوجه إلى مكان قرب مقر القنصلية الفرنسية القديمة، المحاذية لمسجد الكتبية، ويتخلص من الشعر المستعار. دقائق بعد الحادث، استقل عادل سيارة أجرة صغيرة، وتوجه إلى حديقة بساحة باب دكالة، أمام الباب الرئيسي للمحطة الطرقية للمسافرين، لحلق شاربه، والعودة عبر حافلة إلى مدينة آسفي، مسقط رأسه، ليطلع شركاءه على نجاح عملية التفجير. وذكر مصدر أمني أن المتهم الرئيسي حاول أكثر من أربع مرات الهجرة خارج أرض الوطن، الأولى، سنة 2004 في اتجاه أوروبا، قبل إيقافه وإبعاده نحو المغرب، والثانية، سنة 2007، في اتجاه الشيشان، مرورا بجورجيا، قبل أن تضطره موجة البرد القارس إلى العدول عن مخططه، والالتحاق بالعراق، عبر سوريا، وهناك سيجري اعتقاله من طرف مصالح الأمن السورية، وترحيله إلى المغرب. وقرر المتهم الهجرة مجددا إلى العراق، عبر ليبيا، وهناك ستجهض محاولته، ويجري طرده مجددا نحو المغرب. وأضاف المصدر نفسه أن هذه المحاولات الفاشلة دفعت المتهم الرئيسي إلى تغيير مخططه "الجهادي"، من "جهاد الطلب إلى جهاد الانتقام"، مفضلا تنفيذ عملية بالمغرب ضد مصالح أجنبية، مستعينا بمداركه في مجال صناعة المتفجرات، وما تتيحه شبكة الإنترنيت من معلومات في هذا الصدد، ولإنجاح العملية، اقتنى مجموعة من الوسائل الحارقة والمواد الكيماوية، وتمكن من صنع عبوة ناسفة محدودة التفجير، استعملها في تفجير مقهى "أركانة".