أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس , نصره الله , اليوم صلاة الجمعة بمسجد حسان بالرباط . وبين الخطيب, في مستهل خطبتي الجمعة, أن من أعظم ثمرات الإيمان أن يوقن المومن بأن الله تعالى يراه ويطلع على سره وعلانيته وباطنه وظاهره وأنه لايخفى عليه شئ من أمره في كل حركاته وسكناته. وأضاف أن العديد من الآيات القرآنية تغرس في قلب المومن استحضار مراقبة الله تعالى الذي لاتخفى عليه خافية, فهو سبحانه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ويعلم ما في البر والبحر كما يعلم ما توسوس به الأنفس وأنه لذلك كانت المراقبة من أرفع المنازل وأعلى الدرجات وأشرف مقامات العبادة, موضحا أن أهل المراقبة هم أولياء الله وعباده وأحباؤه الذين يتقربون إليه بالفرائض والنوافل. وقال إن مراقبة الله تعالى يجب أن تكون على كل حال وفي كل مكان وزمان لأن الله تعالى بكل شئ عليم, فمن قر في قلبه أنه لا تخفى على الله خافية راقب ربه وحاسب نفسه وتزود لمعاده واستوى عنده السر والعلن, عملا بوصية الرسول الكريم "اتق الله حيثما كنت" أي في السر والعلن حيث يراك الناس وحيث لا يرونك . وأكد الخطيب أن مراقبة الله تعالى في حياة العبد لها ثمرات جليلة ونتائج عظيمة منها إتقان العمل والإتيان به على الوجه المطلوب, سواء كان هذا العمل عبادة أو معاملة أو سلوكا وأخلاقا , لأن بذلك يصلح العمل ويصلح صاحبه وبه تصلح الدنيا والآخرة وتفتح أبواب الخير وتغلق أبواب الشر وتحفظ القلوب من أمراضها والجوارح من تمردها والأوقات من ضياعها. وأضاف أن لمراقبة الله تعالى أثر بالغ في تعديل السلوك البشري وصرفه عن الوقوع في المهالك, فبهذه المراقبة يكون المجتمع نظيفا لأنه يشعر برقابة داخلية روحية تسيطر عليه ويستسلم لها بكل حب وانقياد , فهي أوامر ربانية المصدر موعودة بالرضا والثواب والجزاء في الدنيا والآخرة, مبرزا أن الرقابة البشرية, رغم حاجة الناس لها ورغم أهميتها, سواء أكانت رقابة إدارية أو مالية أو أسرية أو اجتماعية أو فكرية, قد تغفل وقد تغيب لكن المفهوم الإسلامي يزرع معنى رقابة الله وإحساس المسلم بهذه الرقابة, ليكون على نفسه شهيدا حفيظا . وأكد أن تنمية الإحساس الداخلي عند المومنين بأن الله يراهم ومطلع عليهم أمر عظيم الشأن لأنه يشعرهم بحقيقة الرقابة الذاتية الدائمة حتى يستوي عند المومن عمل الجلوات والخلوات والسر والعلن, موضحا أن ذلك يكون بالتربية على مراقبة الله تعالى التي تصنع وازعا ذاتيا ورقيبا داخليا يرشد المرء إلى أبواب الخير ويرده عن أبواب الشر منذ الصغر, وذلك ببث الإحساس بالمسؤولية وتدريب الأطفال على تحملها بقدر ما تستوعبه أعمارهم وأعمالهم وعقولهم, وتعويدهم على الشعور بالخوف من الله ومراقبته والالتزام بالقوانين والضوابط التي تنظم المجتمع. واعتبر الخطيب أنه من الأخطاء الكبيرة فرض رقابة سلوكية قاسية على الإنسان في مرحلة من مراحل حياته لأن ذلك يدفعه إلى نوع من التحدي والرغبة في إثبات الذات, مما قد يعقده فترة من حياته, مشيرا إلى أن المحاصرة والإفراط في المنع والحجر يصنعان نوعا من زرع الخوف من الرقيب البشري لا من الله ويخلقان نفاقا اجتماعيا ويحولان الناس إلى كائنات شكلية تراقب المظهر فقط وتعتمد عليه وتنسى معنى الإيمان والمراقبة وأن ذلك كله يقلص الانسجام الشخصي في كيان الإنسان المسلم ويبدد طاقاته وقدراته ومواهبه , ولهذا وجب أن تكون التربية على المراقبة بما يلزم من الحكمة والكياسة, ولا سيما من الوالدين . وابتهل الخطيب في الختام إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين حامي حمى الملة والدين, جلالة الملك محمد السادس , نصرا عزيزا يعز به الدين ويجمع به كلمة المسلمين وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد وبكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى الله العلي القدير بأن يشمل بواسع عفوه وجميل فضله وكريم إحسانه الملكين المجاهدين جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني وأن يكرم مثواهما ويطيب ثراهما.