تباينت ردود فعل الشارع التونسي إزاء استقالة الوزير الأول, محمد الغنوشي, وتكليف خلف له لتشكيل حكومة جديدة في شخص, السياسي التونسي المخضرم, الباجي قائد السبسي, بين مؤيدين ومعارضين. ففي الوقت الذي خلفت فيه هذه الاستقالة ارتياحا واضحا لدى مئات المعتصمين, منذ أزيد من أسبوع, أمام مقر الحكومة وسط العاصمة, عبر أكثر من ألفي متظاهر اعتصموا بدورهم أمام منزل الغنوشي بأحد أحياء العاصمة عن رفضهم لهذه الاستقالة مطالبين إياه بالتراجع عنها. واكتفت الصحف التونسية الصادرة أمس الثلاثاء, من خلال عناوين بارزة على صفحاتها الأولى, باستعراض مظاهر الأزمة السياسية التي تعرفها تونس, معتبرة أن استقالة الغنوشي تشكل "منعطفا هاما في مسيرة التحول السياسي"، الذي تعيشه البلاد. من جهتها، اعتبرت المركزية النقابية, الاتحاد التونسي العام للشغل, استقالة الغنوشي "خطوة في الطريق الصحيح". وكان الغنوشي أعلن بشكل مفاجئ عن استقالته من منصبه, معربا "أسفه" لكون أقلية من الناشطين حرضت الشارع التونسي ضد الحكومة وضد الوزير الأول شخصيا أمام أغلبية صامتة. واتهم الغنوشي " قوى خفية" تعمل على تخريب مكاسب" ثورة الشباب" وتحاول زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد قصد إفشال الثورة, مشيرا في هذا السياق إلى ضبط مصالح الأمن لأشخاص بسياراتهم الفارهة, في تونس وفي ولاية القصرين بالجنوب, ومعهم مبالغ مالية كبيرة يوزعونها على "العناصر الإجرامية"، التي تندس وسط المظاهرات السلمية بهدف إثارة أعمال الشغب والعنف في البلاد. ويرى بعض المتتبعين للشأن التونسي, أن استقالة الغنوشي, وإن كانت قد تساهم في تهدئة الشارع التونسي وفسح المجال أمام الحكومة الجديدة للتحضيرللانتخابات المقبلة, التي ستجري قبل منتصف يوليوز المقبل, كما أعلن الغنوشي قبل رحيله, فإنها مع ذلك, قد تشجع المعارضة على الضغط من أجل الحصول على مزيد من التنازلات. ويبدو أن استقالة الغنوشي, الذي يعتبره المعارضون, أحد الوجوه المحسوبة على نظام الرئيس المخلوع, زين العابدين بن علي, غير كافية, إذ يصر المعتصمون بساحة القصبة, مقر الحكومة, على مواصلة اعتصامهم إلى حين رحيل كامل أعضاء الحكومة, وتلبية كافة مطالبهم, وأهمها, تشكيل حكومة انتقالية, تقطع مع النظام السابق وإنشاء مجلس تأسيسي لصياغة دستور جديد وحل البرلمان والحزب الحاكم سابقا. واعتبر المحتجون الذين جاءوا من عدد من الولاياتالتونسية أن استقالة محمد الغنوشي خطوة أولى على درب تحقيق أهدافهم. وعبر عدد من الشخصيات السياسية التونسية في تصريحات نقلتها إحدى الإذاعات الخاصة عن أسفها لذهاب الغنوشي منوهين بما يتميز به الرجل من "كفاءة وقدرة عالية" في تدبير الملفات الاقتصادية, فضلا عن "خصاله الإنسانية", وقال أحدهم "دائما الأغلبية الصامتة لا تخرج عن صمتها إلا بعد فوات الأوان". من جهة أخرى، أعلن أول أمس الاثنين عن استقالة وزيرين في الحكومة التونسية, بعد استقالة الوزير الأول محمد الغنوشي. وأوردت وكالة الأنباء التونسية أن محمد النوري الجويني, الذي كان يشغل منصب وزير التخطيط والتعاون الدولي في حكومة الغنوشي, قدم استقالته من الحكومة المؤقتة, دون ذكر أسباب هذه الاستقالة. وكان وزير الصناعة والتكنولوجيا محمد عفيف شلبي أعلن استقالته من الحكومة.