أكد وزير الشؤون الخارجية السينغالي، ماديكي نيانغ, أول أمس الأربعاء, أن بلاده " لا يمكنها أن تواصل علاقاتها الدبلوماسية مع بلد يعمل على زعزعة استقرارها الداخلي". وكان نيانغ يتحدث حول موضوع قرار دكار بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران. وقال "لدينا تقرير لرئيس أركان الجيش يعتبر بأن المتمردين (الحركة الانفصالية للقوات الديمقراطية لإقليم كازامانس) مدججون بالسلاح ويتوفرون على أسلحة متطورة", موضحا أن التحقيقات تؤكد أن هذه الأسلحة متأتية من إيران. وأكد "أنه ما من شك في تورط إيران, والسينغال لا يسعها إلا أن تقطع العلاقات مع هذا البلد". وبخصوص تداعيات هذا القرار على المستوى الاقتصادي, قال الوزير السينغالي " قطعنا علاقاتنا الدبلوماسية, وليس لنا حسابات اقتصادية. وإذا لم تكن إيران في جانبنا على الصعيد الطاقي, فإنه لدينا إمكانيات وسائل وإمكانيات أخرى مع بلدان شريكة". وشدد على أن السينغال "بلد يقيم تعاونا متنوعا. وإذا كان لنا مشكل مع أي شريك, يمكننا التعامل مع شركاء آخرين". وكان بيان رسمي صدر في دكار أعلن أن السينغال قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران على خلفية قضية شحنة الأسلحة الإيرانية هذه. وأضاف البيان أن "التقرير الذي رفعته رئاسة أركان الجيش السينغالي إلى رئيس الجمهورية حول التطورات الأخيرة في كازامانس, أظهر أن متمردي حركة القوات الديموقراطية في كازامانس (التمرد الانفصالي) يمتلكون أسلحة متطورة تسببت بمقتل جنود سينغاليين". واندلعت الأزمة الدبلوماسية بين البلدين في نونبر الماضي، عندما جرى رصد سفينة راسية بميناء لاغوس (نيجيريا) وهي محملة بشحنة من الأسلحة الإيرانية. ولاعتقادها بأن هذه الأسلحة كانت متوجهة إلى المجموعات المتمردة بكازامانس, استدعت السينغال سفيرها بطهران للتشاور. وكشفت العناصر الأولية للتحقيق، الذي جرى بأبوجا، أن 13 حاوية المحجوزة , التي سجلت على أنها "معدات للبناء" قبل أن يتضح أنها تحتوي أنواعا مختلفة من الأسلحة والذخيرة الحية, كانت في طريقها إلى غامبيا. وأكدت غامبيا, على الفور, أن السفينة الإيرانية المحملة بالأسلحة كانت متجهة إليها وقررت في 22 نونبر الفارط قطع علاقاتها الديبلوماسية والاقتصادية مع إيران. وبعد فترة وجيزة, دخلت السينغال على الخط بسبب شكوك حول الوجهة الحقيقية لهذه الأسلحة, إذ أكدت الصحافة السينغالية التي خصصت حيزا مهما لهذه القضية أن السلطات السينغالية راودتها "شكوك حقيقية" مفادها أن هذه الأسلحة كانت موجهة بالأحرى إلى المجموعات المسلحة للحركة الانفصالية ب "كازامانس", التي تتخذ من الأحراش الواقعة بعدد من المناطق جنوب البلاد ملجأ لها. وكانت السنغال قررت بتاريخ 14 دجنبر الماضي استدعاء سفيرها في طهران للتشاور. وذكر بلاغ للدبلوماسية السنغالية أن "السينغال الوفية لمتطلبات السلام والأمن التي يجب أن تحكم العلاقات بين الدول, واعتقادا منها بأن التوضيحات التي أدلى بها الجانب الإيراني حول هذه القضية غير كافية, قررت استدعاء سفيرها لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية للتشاور". وتشكل منطقة (كازامانس) الواقعة جنوب السنغال على الحدود مع غامبيا, في غالب الأحيان, مسرحا لهجمات تنفذها العناصر المسلحة التابعة لحركة القوات الديمقراطية في كازامانس, وهي مجموعة انفصالية تطالب ب "استقلال" هذا الجزء عن التراب السينغالي. وكانت منطقة كازامانس وقعت مع الحكومة السينغالية على اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار سنة 2004 , ونعمت المنطقة بالهدوء إلى غاية سنة 2010 , حين قامت بعض المجموعات الصغيرة بخرق هذا الاتفاق من خلال شن هجومات مسلحة, تزايدت وتيرتها ومداها خلال الأشهر الأخيرة. وعقب الهجوم الأخير, الذي وقع الأحد الماضي، وخلف ثلاثة قتلى والعديد من الجرحى في صفوف الجنود السينغاليين, أكدت دكار أخيرا أنها تملك الدليل على أنه جرى اللجوء إلى استعمال الأسلحة الإيرانية خلال تجدد الاشتباكات المسلحة في كازامانس.