وضع مجلس بنك المغرب، أول أمس الثلاثاء، خارطة طريق للوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية، وللتوقعات الخاصة بالتضخم، للفترة الممتدة إلى غاية الفصل الأول من سنة 2012. وقدم المجلس، خلال اجتماعه الفصلي الأخير في السنة الحالية، والذي قرر خلاله الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي في نسبة 3.25 في المائة، لمحة عن الوضعية الاقتصادية الوطنية، مؤكدا أن آفاق الاقتصاد الوطني برسم سنة 2011 تشير إلى تواصل تحسن النشاط غير الفلاحي، بفضل الطلب الداخلي العمومي والخاص. ولاحظ المجلس أن نسبة التضخم ظلت معتدلة، ارتباطا بضعف الضغوط من جانب الطلب، واستمرار انخفاض مستوى التضخم لدى أبرز البلدان الشريكة. وبلغ التضخم على أساس سنوي 2.6 في المائة في نونبر 2010، سيما بفعل ارتفاع أسعار المواد الغذائية المتقلبة، بعد تسجيله 0.5 في المائة في الفصل الثالث. وموازاة مع ذلك، واصل مؤشر التضخم الأساسي، الذي يعكس التوجه الرئيسي للأسعار، ارتفاعه المعتدل، إذ لم يتجاوز 0.5 في المائة منذ الفصل الثاني من 2009. وارتفعت أسعار الإنتاج الصناعي، المرتبطة بتطورات أسعار المواد الأولية في السوق العالمية، بنسبة 7.1 في المائة في أكتوبر، مقابل 4.9 في المائة في شتنبر، و5.7 في المائة في غشت. وأكد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، على الحذر في التعامل مع آثار الأزمة العالمية، موضحا أن الشك ما زال يحوم حول الاقتصاد الوطني، نتيجة التوترات الجديدة، التي ظهرت في الأسواق العالمية، المتعلقة بالسندات والعملات، التي نتجت عن مشاكل المالية العمومية في بعض بلدان منطقة الأورو، ما دفع هذه البلدان إلى الانكماش على ذاتها. وأبرز الجواهري، خلال لقاء صحفي عقده على هامش الاجتماع الفصلي لمجلس بنك المغرب، أن أوروبا، الشريك الأول للمغرب، ما زالت "مريضة"، وأن سوق الديون غير مستقر، وأمريكا تعاني أزمة بطالة حادة، مضيفا أنه، على الصعيد الدولي، تميزت الأوضاع المالية بظهور ضغوط جديدة في أسواق السندات والصرف، ارتباطا بتفاقم المشاكل المتعلقة بالمالية العمومية في بعض دول منطقة الأورو، وأن الضغوطات مقترنة بارتفاع مستوى البطالة وضعف الطلب، ما يزيد من الشكوك القائمة بخصوص انتعاش النشاط الاقتصادي في أبرز البلدان الشريكة، والذي ما زال بطيئا وهشا. وأعلن الجواهري أنه سيكون لهذه الشكوك، المحيطة بالآفاق الاقتصادية العالمية، تأثير على الاقتصاد الوطني، وتوقع أن يناهز النمو الإجمالي 4 في المائة سنة 2010، فيما يرتقب أن يستقر نمو القطاع غير الفلاحي خلال الفصول المقبلة في حوالي 5 في المائة . وقال الجواهري إن تحليل الأوضاع النقدية بنهاية أكتوبر 2010، يشير إلى استمرار النمو المعتدل للمجمع م3 بوتيرة 5.7 في المائة على أساس سنوي، مقابل 6.7 في المائة في المتوسط خلال الفصول الثلاثة الأخيرة من 2010، مبرزا أن الفجوة النقدية ظلت في مستوى سلبي، لتعكس غياب الضغوط النقدية على الأسعار. وأضاف أنه، على غرار الأشهر العشرة الأولى من السنة، يرتقب أن تعرف القروض البنكية، خلال 2011، نموا بوتيرة تقارب متوسطه المسجل على المدى الطويل، وأن احتياطات الصرف، التي تمثل إلى اليوم حوالي 7 أشهر من واردات السلع والخدمات، أبانت عن متانتها، مقارنة بما كان متوقعا في بداية السنة، مشيرا إلى أنه، بناء على هذه المعطيات، يظل التوقع المركزي الخاص بالتضخم قريبا من التوقع الصادر في شتنبر الماضي، إذ يتوقع أن تصل نسبة التضخم إلى 1 في المائة، سنة 2010، وأن تناهز 2.2 في المائة في أفق التوقع بالنسبة للفصول الستة المقبلة، كما يتوقع أن تستقر هذه النسبة، مع نهاية أفق هذا التوقع، أي الفصل الأول من 2012، في مستويات قريبة من 2 في المائة، في حين، يرتقب أن يظل مؤشر التضخم الأساسي منسجما مع هدف استقرار الأسعار. وأعلن والي بنك المغرب أن الإجراءات المتعلقة بإنعاش الادخارات الصغيرة والمتوسطة ستدخل حيز التنفيذ سنة 2011، مضيفا أن بنك المغرب أصبح يفكر في الصكوك و نوافذ أخرى بالنسبة للمنتوجات البنكية الإسلامية. وقرر مجلس بنك المغرب، انسجاما مع أفضل الممارسات في مجال حكامة البنوك المركزية، الانخراط في ميثاق للأخلاقيات، يحدد المبادئ والقيم الأخلاقية المتعلقة بها. كما تطرق المجلس لدراسة، سينجزها بشراكة مع البنك الدولي حول التربية المالية، من شأنها أن تشكل خارطة طريق في المجال، فضلا عن المنطقة المالية للدار البيضاء، إذ طالب المجلس على هذا المستوى بالعمل في اتجاهين. وتدارس مجلس البنك ورش الجهوية، الذي يرى أن على القطاع البنكي المشاركة في بلورة مشروعه.