كادت سيدي اسليمان تغرق، أول أمس الثلاثاء، بسبب الأمطار الغزيرة، التي شهدتها خلال ليلة واحدة، قدرتها مصالح الأرصاد في 78 ملم. لم يكن السبب فيضان نهر بهت العابر للمدينة، بل فقط بسبب اختناق المجاري.. إذ خرجت المياه نافرة من وسط المنازل ومن الأزقة فاضحة سوء التدبير، فرغم الميزانيات، التي صرفت وتصرف على شبكة الصرف الصحي، ورغم تفويت الأمر إلى المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، ورغم التكلفة الباهظة، التي توزع كل ثلاثة أشهر على جميع البيوت مرفقة بفاتورة الماء، ورغم القول "بحسن التدبير والاستباق"، كما سمعنا السنة المنصرمة، حيث عرفت المدينة تساقطات أكثر حجما ولم يحدث مثل ما وقع اليوم. ورغم كل ذلك، وقعت واقعة فيضان جزئي وغريب في المجال الحضري بسيدي اسليمان. من حي السليمانية إلى الغماريين مرورا بحي السلام... ومن جديد، احتلت المياه بيوتا وشوارع، ولعلنا سنصبح معتادين على مثل هذه الكوارث لمجرد نزول تساقطات متوسطة الحجم. ظل الغرقى طيلة اليوم يفرغون منازلهم، وهم في سباق مع الزمن، هناك من يفرغ بما أوتي من صبر وأي آنية تصلح لذلك، وهناك من اكترى مضخات لعلها تسعفه بسرعة، مادامت مضخة الوقاية المدنية، التي حملت إلى حي السلام، على سبيل المثال، لم تجد نفعا.. لأول مرة في تاريخ سيدي اسليمان يغرق شطر الفيلات بحي السلام، وتمتلئ الدهاليز عن آخرها، وتغرق بما فيها من أمتعة وسيارات. وفعلا، تحرك المسؤولون المعنيون، حسب معاينتنا العابرة، لبعض الأحياء المتضررة، وشاركت في شفط المياه آليتان تابعتان للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب، ولم نتمكن من مقابلة أي مسؤول عن المكتب الوطني للماء الصالح للشرب مساء اليوم ذاته، حين توجهنا لمقر الإدارة المعنية، وكان المبرر هو خروج المسؤولين إلى المناطق المتضررة. المطلوب الآن هو إيجاد حل نهائي حتى لا تتكرر مثل مشاهد أول أمس، بالتنقية المستمرة للقنوات، والتعجيل بتحويل الصرف الصحي السائل إلى محطة المعالجة، التي لم تر النور بعد، وتجديد المتآكل من القنوات التي تربط بعض الأحياء بالقنوات الرئيسية المستحدثة، ووضع قنوات الصرف الصحي لحي السلام، الذي تفتقد جل مجموعاته السكنية لذلك رغم حداثة هذا الحي، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك.