تعيش الساحة الإذاعية الوطنية، هذه الأيام، على وقع مناقشات معمقة تهم قياس نسب الاستماع في المغرب، على غرار التلفزيون في المملكة، الذي نهج هذه الفكرة خلال السنوات الثلاث الماضية. ومن المنتظر أن يعلن، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، عن مضامين المشروع الجديد، المنتظر أن يعرض على مختلف المحطات الإذاعية الوطنية، بهدف إدخال تعديلات عليه في أفق إقراره. وعلمت "المغربية" أن الإذاعات العمومية، التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، غير مرحبة بهذا الموضوع، إلى جانب إذاعة خاصة، من الجيل الثاني لتراخيص الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. وأشار متحدث من "دار البريهي"، ل"المغربية"، إلى أن سبب عدم ترحيب الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بهذا المشروع، يرجع لمجموعة من الأسباب التقنية، من قبيل أن المجموعة تملك محطات إذاعية خاصة، وبالتالي لا يمكن مقارنتها بإذاعات تغطي التراب الوطني، إلى جانب عدم توضيح الطرق، التي ستقاس بها هذه النسب والمعايير التي ستستخدم فيها. ولم يخف المتحدث ذاته رغبة الشركة الوطنية في خروج هذا المشروع إلى حيز التنفيذ، شريطة أن توازيه مجموعة من المعايير، من قبيل تقسيم النسب إلى جزئين، يهم الأول الإذاعات الجهوية، والثاني الإذاعات الوطنية. وتشرف على التنسيق في هذا المشروع، جمعية الإذاعات الخاصة، التي يرأسها رشيد الحياك، الرئيس المدير العام لإذاعة "شدى إف إم". وكانت مجموعة من الإذاعات الخاصة دعت إلى إحداث جهاز متخصص في القياس، يرتبط بدفتر تحملاتها مع وزارة الاتصال ويشتغل في الإطار القانوني، الذي وضعته "الهاكا" قبل أربع سنوات، خصوصا أن الظرفية الحالية التي يمر بها المجال السمعي البصري المغربي تستدعي خلق هذا الإطار، بالنظر إلى العديد من المؤشرات، يتجلى أولها في حركية تحرير المجال السمعي البصري، تبدو أكثر بروزا في المجال الإذاعي، بعد تعليق منح تراخيص تلفزيونية جديدة في فبراير 2009. ثانيها، أن السوق الإشهارية الإذاعية عرفت تطورا لافتا يقتضي، بالموازاة مع ذلك، توفير معطيات موثوق بها في ما يتعلق بنسب الاستماع لكل إذاعة على حدة، لتمكينها من تسطير استراتيجياتها التسويقية وبلورة شبكات برامجها من جهة، وضمان نوع من الشفافية والتوازن في الولوج المنصف إلى العائدات الإشهارية، حسب ما أشار إليه أحد مسؤولي إحدى المحطات الإذاعية الخاصة في حديث ل"المغربية". كما أن سرعة إقرار هذا المشروع، تأتي في الوقت الذي تصل فيه، حاليا، الإذاعات الخاصة إلى حوالي 130 مليون درهم، كما أنه في ظل غياب آلية موضوعية لقياس نسب الاستماع، تلجأ الإذاعات الخاصة إلى التعامل مع شركات خاصة لقياس نسب سماعها، وهو ما يفتح الباب أمام كثير من الأسئلة المقلقة، التي تحول دون صدقية نتائج هذه الدراسات وخضوعها للضوابط العلمية والمنهجية، التي تسمح بنشرها واعتمادها مرجعا بالنسبة إلى المسؤولين والمستشهِرين في المجال السمعي البصري. ومن المنتظر أن تشرف على عملية قياس نسب الاستماع في المغرب، شركة "سيوميد" الفرنسية، التي تقيس، حاليا، نسب المشاهدة، من خلال مشروعها "ماروك ميتري".