أجلت الغرفة الجنائية الابتدائية بمحكمة الاستئناف بفاس، نهاية الأسبوع الجاري، النظر في محاكمة رجال الأمن الأربعة، المتابعين في قضية "هناء التسولي"، الخادمة التي تعرضت للاغتصاب والتعذيب في مخفر الشرطة، إلى 13 دجنبر المقبل.واتخذت الغرفة قرار التأجيل، بسبب وجود أحد قضاة هيئة الحكم في عطلة، فضلا عن تغيير زميل له سبق أن كان ضمن الهيئة، التي بتت في ملف متابعة المشتكية بتهمة السرقة، التي برأت منها ابتدائيا واستئنافيا، فيما رفض المجلس الأعلى طلب نقض الحكم السابق. وخلال الجلسة، التي حضرها المتهمان (عميد شرطة وضابط شرطة)، والمشتكية، لم يتقدم دفاع عميد أمن بولاية الأمن بفاس، بما يفيد استفادة موكله من الامتياز القضائي، المتهم على خلفية اغتصاب الخادمة / المشتكية، التي تعرضت للتعذيب والاغتصاب لانتزاع أقوالها، أثناء اعتقالها احتياطيا لاتهماهما بسرقة حلي ومجوهرات بقيمة 30 مليون سنتيم، من قبل مشغلها. وسبق للغرفة نفسها أن أجلت هذا الملف خمس مرات متوالية، من أجل إعادة استدعاء شهود المتهمين، ومنح مهلة لهيئة الدفاع من أجل إعداد الدفاع. ويتابع في الملف (ب.ر)، 51 عاما، ضابط سام برتبة عميد شرطة، والضابط (ع.ز)، 48 عاما، في حالة سراح مؤقت، بتهم تتعلق باستعمال العنف دون مبرر مشروع، أثناء القيام بوظيفته والتعذيب بالنسبة للعميد، مع إضافة تهمة هتك العرض بالعنف بالنسبة للمتهم الثاني. وأنكر (ب.ر)، المنسوب إليه، أثناء الاستماع إليه من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أو قاضي التحقيق، مؤكدا أن المشتكية لم تتعرض لأي تعذيب أو إهانة، واعترافاتها كانت تلقائية، مؤكدا أن البحث معها جرى تحت إشرافه، في حين أنكر المتهم الثاني، الذي كان مكلفا بانجاز البحث مع المشتكية بعد اعتقالها، التهم الموجهة إليه، سواء أمام الفرقة الوطنية أو أمام قاضي التحقيق، إذ أنكر تعريضه الضحية للتعذيب أو العنف أو التهديد أو هتك العرض بالعنف. أما المشتكية التي اعتقلت في 30 شتنبر 2006، فأكدت في تصريحاتها، بعد فتح تحقيق في الشكاية، التي تقدمت بها أمام النيابة العامة لدى استئنافية فاس، بواسطة دفاعها، (أكدت) أن (ب.ر)، و(ع.ز)، ورجلي أمن آخرين لم تتعرف على هويتهما، وأعطت مواصفاتهما، عنفوها وضربوها بسلك سبب لها جروحا ورضوضا في الجمجمة، حسب نتائج الخبرة الطبية، مضيفة أن (ع.ز) اقتادها حوالي العاشرة من تلك الليلة، من مخفر الشرطة إلى المصلحة، لأجل البحث معها، واعتدى عليها جنسيا بالقوة، حسب ما تثبته الشهادة الطبية المرفقة مع الشكاية. يذكر أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، دخلت خلال جلسة مارس الماضي، كطرف مطالب بالحق المدني في القضية، ومساندة الضحية هناء. وكانت محكمة الاستئناف، برأت يوم الخميس 2 أبريل 2009، الضحية هناء التسولي، من تهمة سرقة مشغلها، التي قضت بسببها في سجن عين قادوس، في إطار الاعتقال الاحتياطي، ما يقرب من سنة وخمسة أيام، وبسببها كذلك، تؤكد بأنها اغتصبت من قبل بعض رجال أمن، حين كانت رهن الاعتقال في مخفر الشرطة بولاية أمن فاس. ويعتبر ملف هناء التسولي، من الملفات القضائية، التي شغلت الرأي العام المحلي والوطني، منذ تفجرها سنة 2006، حين تحدثت هذه الخادمة نفسها، وجهرت بما تعرضت له من اغتصاب على أيدي رجال الأمن المتورطين حاليا في الملف، إبان فترة اعتقالها في مخفر الشرطة. وتتهم الضحية هناء التسولي، 29 سنة، الأظناء باغتصابها بطريقة شاذة، وتعنيفها، وممارسة التعذيب عليها داخل مخفر الشرطة بولاية الأمن، في نهاية شهر شتنبر من سنة 2006. وكانت السلطات القضائية لجأت إلى خبرات متخصصين، للتأكد من تهمة اغتصاب رجال الأمن للضحية، وأثبت تقرير طبي لسجن عين قادوس حادث الاغتصاب، والحادث ذاته أثبتته خبرة طبية أنجزت لها بإيعاز من المحكمة. وإلى جانب هذه التقارير، أشار تقرير الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، الجهة التي أشرفت على التحقيق معها، بعدما رفضت مواصلة "استقبال" رجال الشرطة القضائية، إلى تعرض الفتاة للتعذيب والعنف، والممارسة التحكمية، والاغتصاب من الخلف والسب والشتم. وكان الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بفاس، أصدر قرارا بتحريك المتابعة القضائية ضد عميد شرطة وضابط شرطة تابعين لولاية الأمن الإقليمي بفاس، للاشتباه في تورطهما في قضية "تعذيب فتاة لانتزاع أقوالها"، أثناء الاستماع إليها في شأن اتهامها وخطيبها بالسرقة والفساد من قبل مشغلها.