أشاد رئيس مجلس النواب الإيطالي، جيان فرانكو فيني، أول أمس الاثنين، بالرباط، بالمبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي للأقاليم الجنوبية للمملكة. وقال فرانكو فيني، في تصريح للصحافة، عقب مباحثات أجراها مع الوزير الأول، عباس الفاسي، إن المبادرة المغربية "هي الوحيدة التي يمكن أن يقبلها الاتحاد الأوروبي وإيطاليا". وأعرب عن اقتناعه بأن المبادرة المغربية تتيح تنظيما عاليا، وهي الوحيدة الممكنة لأنه لا توجد برأيه "إمكانية لقيام دولة مستقلة، لأن هذا الأمر من شأنه أن يطرح بعض المشاكل بالنسبة للأمن الدولي". وأكد أن المغرب يمثل نموذجا في العلاقة بين بلدان العالم العربي والإسلامي وبين أوروبا، مبرزا أن هذا النموذج يؤكد "أن الخطر لا يكمن في الإسلام بل في التعصب والعنف والتطرف". من جهة أخرى، أبرز المسؤول الإيطالي الدور المهم، الذي تضطلع به الجالية المغربية المقيمة بإيطاليا، مشيرا إلى أن هذه الجالية تحظى بالاحترام. وخلال محادثات أجراها مع رئيس المجلس، عبد الواحد الراضي، أكد رئيس مجلس النواب الإيطالي أن المملكة المغربية تعتبر نموذجا للاستقرار والتعايش والتسامح على صعيد منطقة المتوسط. وأوضح بلاغ لمجلس النواب أن فيني أعرب عن تقديره "للمكانة الخاصة، التي تحظى بها المملكة المغربية على صعيد منطقة المتوسط كنموذج للاستقرار والتعايش والتسامح". كما عبر رئيس مجلس النواب الإيطالي، الذي يقوم بزيارة رسمية إلى المغرب، عن دعمه وتثمينه لمقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية، باعتباره مقترحا منطقيا وواقعيا وجديا لإنهاء هذا النزاع. وأشار البلاغ إلى أن الجانبين عبرا، خلال هذه المحادثات، عن ارتياحهما لمتانة وجودة العلاقات القائمة بين المغرب وإيطاليا، على مختلف الأصعدة، كما تناولا سبل تعزيز التعاون البرلماني على المستوى الثنائي والمتعدد الأطراف، وعلى صعيد الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، التي تتولى إيطاليا رئاستها حاليا، قبل انتقال الرئاسة إلى المغرب. وقدم الراضي، خلال هذا اللقاء، عرضا حول الإصلاحات والأوراش التنموية، التي تعرفها المملكة في مختلف الميادين، ومقترح الحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب لحل النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية للمملكة. وألح رئيس مجلس النواب، خلال هذه المباحثات، أيضا، على أولوية حل أزمة الشرق الأوسط وإيقاف مسلسل الاستيطان عبر إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، عاصمتها القدس الشريف، لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة المتوسطية كشرط لا محيد عنه للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة. وفي اليوم نفسه، أعرب رئيس مجلس النواب الإيطالي، جيان فرانكو فيني، خلال مباحثات أجراها مع رئيس مجلس المستشارين، محمد الشيخ بيد الله، عن رفضه لخلق كيان داخل الصحراء، واصفا هذا المسعى ب"الطوباوي"، الذي يستمد مرجعيته من أفكار وطروحات تقليدية تعود إلى سنوات السبعينيات من القرن الماضي. وذكر بلاغ لمجلس المستشارين أن فيني أعرب عن الأمل في أن يضطلع الاتحاد الأوروبي بدور أكبر في تقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع حول قضية الصحراء. وأشاد فيني بتجذر علاقات التعاون والصداقة، التي تربط البلدين، ومساهمة الجالية المغربية الموجودة في إيطاليا في بناء الاقتصاد الإيطالي، مذكرا بأن هذه الجالية تأتي في المرتبة الثانية من بين الجاليات الأجنبية المقيمة بالجمهورية الإيطالية. وبعد أن أكد أن من بين مكوناتها من يملك موقعا متقدما داخل المجتمع والاقتصاد الإيطالي، أشاد رئيس مجلس النواب الإيطالي بجدية الجالية المغربية وتنوع نشاطها، مشيرا إلى أن نسبة مهمة منها تعاطت نشاطات منتجة، أصبحت تشغل بدورها يدا عاملة إيطالية. كما نوه بقيم التسامح والحوار والفضيلة، التي تميز النموذج المغربي، إذ اعتبره نموذجا مثاليا للتعايش مع باقي الديانات السماوية، مؤكدا أنه يجب التعريف به كنموذج متميز للانفتاح والتعايش بين الحضارات والديانات. من جهته، استعرض بيد الله، خلال هذا اللقاء، العلاقات المتميزة التي تجمع بين المملكة المغربية والجمهورية الإيطالية على جميع الأصعدة، وما يربطهما من مصالح مشتركة، واصفا إياها ب"المتنوعة والاستراتيجية". كما استعرض بيد الله تجربة مجلس المستشارين وتكوينه وأداءه ودوره ووظيفته في ما يخص التشريع ومراقبة العمل الحكومي والدبلوماسية البرلمانية. على صعيد آخر، أبرز رئيس مجلس المستشارين مختلف الأوراش المهيكلة، التي ميزت العشرية الأولى من عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والمشروع المجتمعي، الذي يبنيه المغرب لمواجهة تحديات الألفية الثالثة، تأسيسا على إصلاحات عميقة مست جميع مناحي الحياة الحقوقية والسياسية والاجتماعية والروحية والاقتصادية. وأشار إلى الدور المرتقب للمغرب العربي إذا ما جرى بناؤه، وأهميته الاستراتيجية كشريك وازن وفاعل على الصعيد القاري والعالمي، ودوره في استتباب الأمن والسلم العالميين والتنمية المستدامة جنوب البحر الأبيض المتوسط ومحاربة الهجرة غير الشرعية، والإرهاب الذي يهدد منطقة الساحل الإفريقي والدول المجاورة وأوروبا، كما أثبتت ذلك التطورات الخطيرة، التي أضحت تعيشها المنطقة. وبخصوص قضية الصحراء المغربية، اعتبر بيد الله أن مقترح الحكم الذاتي سيمكن جميع سكان الصحراء، بمن فيهم أولئك الذين يقطنون في تندوف من تسيير شؤونهم بأنفسهم. وذكر بأن هذا المقترح يستمد شرعيته من الاتفاق الواسع، الذي حصل حوله، سواء على صعيد الأقاليم الجنوبية أو الفاعلين السياسيين في باقي المملكة، وأن الأممالمتحدة اعتبرته "جديا وذا مصداقية"، مشيرا إلى أن المغرب قدم هذا المقترح بعدما وصل الملف إلى المأزق.