أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس، صلاة الجمعة بمسجد النور بمدينة الحسيمة. (ح م) وذكر الخطيب في مستهل خطبة الجمعة، بأن الله تعالى خلق الناس في الدنيا ومراده منهم أن يتنافسوا في العمل الصالح، ومرجعهم إلى الله وحسابهم عنده في الآخرة، مصداقا لقوله تعالى "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور". وبين الخطيب أن الابتلاء المذكور في هذه الآية، معناه الامتحان في المنافسة في العمل الصالح، بحيث من المفروض في المؤمن أن يتساءل كيف يمكنه أن يكون أحسن من غيره، ويفوز في هذه المسابقة في الخير، التي مسرحها الحياة، لا سيما أن العمر عقود قليلة بين سن الشباب، وسن العجز، والشيخوخة. وقال إن هناك أسرارا عديدة من أجل هذا الفوز المطلوب منا والنجاح في مباراة الحياة، وأن نتناصح في الحرص على استعماله، وأن من هذه الأسرار اغتنام الوقت واستغلاله واحترامه وتعميره وضبطه، مؤكدا أنه ليس هناك لذة حقيقة في الحياة، إلا بالعمل الذي إذا صلح ينتفع به الشخص العامل وأهله وأمته، وبه وحده يكون للحياة المعنى الحقيقي، الذي ارتضاه خالق الموت والحياة. ولذلك، يضيف الخطيب، فإن السؤال عن الحياة بعد الممات سؤال موجه إلى الإنسان عن عمره في ما أفناه وبالخصوص عن شبابه في ما أبلاه ، ما دام المطلوب من الإنسان العمل بجد إلى آخر لحظة من عمره، مبرزا أن الدين الإسلامي الحنيف يقسم الوقت إلى وقت يقظة تتخله أوقات خمسة للصلاة، وبين صلاة وصلاة، وقت عمل على اعتبار أن الصلاة توجه الإنسان إلى ما ينبغي أن يتصف به العمل من إخلاص وإتقان، كما جعل لنا سبحانه وتعالى وقتا للنوم، مؤكدا أن كل خلل يقع في هذا التقسيم يعود على جسم الإنسان وقدراته العقلية والنفسية بالضرر. وأكد أن الوقت أمانة في عنق كل منا لأنه مجال الحياة، وهو وحدات عمرنا التي يكتب لنا منها عدد لا ندري متى ينقضي، لكننا نرد منه كل ساعة وكل دقيقة وكل وحدة من وحدات الزمن إلى الخالق سبحانه وتعالى، الذي قال "إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون"، مشيرا إلى أن الأمم من أهل الإسلام وغيرهم تتنافس اليوم في استعمال الوقت، بحيث تدخل ذلك في تربية الأطفال وفي التربية الاجتماعية عامة. وأضاف أن هناك أمرين في ما يخص الوقت، أولهما استعمال ما يسمى بوقت الفراغ، وثانيهما وجوب الحرص على ضبط المواعيد وعدم إخلافها، مشددا على ضرورة تخصيص وقت الفراغ لما يقوي الجسم والعقل من رياضة وقراءة وتعلم، وكذا عدم التخلف عن المواعيد، سواء كانت مواعيد عمل في الإدارة أو مواعيد اجتماعات. واستطرد أن الوقت أهم الأمور التي تحيلنا على تربيتنا على السلوك الديني الصحيح، الذي هو مجلبة الرضى، وأن النشاط في العمل يكون ممن ينسب الحياة ومن فيها لمولاه. كما أن تدبير الوقت بحسب أخلاق الدين ينبغي أن يكون في مجالات التعاون كل من جهته وبمقتضى موقعه وواجبه. وقال الخطيب إن الاقتصاد في الوقت يعد من أوكد واجبات المؤمنين، فإذا كان الله تبارك وتعالى أمر المؤمنين بعدم التبذير في المال، ووصف المبذرين بأنهم إخوان الشياطين، فإن الحرص على الوقت تبع للحرص على المال، باعتباره ذخيرة للفرد لا تعوض وثروة تحتاج إليها الأمة، فضلا عن كونه حق الله ونعمته الكبرى. وأكد أن أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ما فتئ يعطي من نفسه المثل لأمته ورعاياه في شأن اغتنام الأوقات في الخيرات والمبرات، بحيث لا يرى جلالته إلا متنقلا بين مدن الوطن وقراه من أقصاه إلى أقصاه، مدشنا للأعمال التنموية ومستفتحا للمشاريع الاقتصادية والمنشآت العمرانية والخدمات الاجتماعية، حريص على تتبعها حتى تنجز داخل الآجال المحددة لها، وكأن جلالته يسابق الزمن في تنفيذ ما يعود بالنفع على الأمة والوطن. ولذلك، يضيف الخطيب، يحق لنا أن نقتدي بجلالة الملك في القيام، على ساق الجد، أفرادا وجماعات، بانين مشيدين، ومجدين مجتهدين، ومبادرين مبتكرين في كل الميادين، محققين لهذا الوطن كل ما يروم له أمير المؤمنين من العزة والرقي والازدهار، وعلو الشأن بين سائر الأقطار. وفي الختام ابتهل الخطيب إلى الله تعالى بأن يحفظ أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس بما حفظ به كتابه المبين، ويجعل له ذكرا في عباده الصالحين، ويجزيه عن أمته الجزاء الأوفى ويقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يتغمد برحمته وغفرانه الملكين الصالحين المصلحين، جلالة المغفور لهما محمد الخامس، والحسن الثاني، ويجزيهما الجنة والرضوان.