دعا مشاركون في ندوة نظمت, اأمس الأربعاء بالدار البيضاء, حول" الهوية والتنوع", إلى بناء مجتمع منفتح ومتعدد الثقافات يحترم قيم التعايش والتسامح والحوار. وأكدوا أن هناك مجموعة من المفاهيم والقيم المرتبطة بالتنوع والاختلاف, والتي يجب الوقوف عندها لبلورة تصور مشترك لمسألة الهوية وتحديد القواسم المشتركة بين كل مكونات المجتمع المغربي بثقافاته المتنوعة, وهو ما من شأنه أن يسهم في خلق حركة مجتمعية تقود نحو بناء مجتمع يجمع بين عراقة التاريخ وقيم الانفتاح والتعدد. وأوضح محمد برادة, رئيس مركز الأبحاث القانونية والاقتصادية والاجتماعية (روابط), الذي نظم هذه الندوة بحضور السيد أندري أزولاي مستشار جلالة الملك, ومجموعة من الشخصيات المعروفة في عالم السياسة والاقتصاد والثقافة, أن هذا اللقاء هو محاولة للإجابة عن جملة من الأسئلة أو الإشكالات المرتبطة بموضوع الهوية الذاتية في مواجهتها للآخر والشعور بالانتماء إلى الجماعة في مواجهة النزعة الفردانية. وطرح برادة في هذا الإطار أسئلة تتعلق أساسا بالهوية كمفهوم متطور وكمجموعة من القيم التي تبني علاقة الفرد بمحيطه, مشيرا إلى أنه لا يمكن الحديث عن الذات دون إدراك حدود كينونة الآخر, إذ أن الإنسان يغذي شعوره بالهوية وما يجعله مختلفا عن الآخرين. واعتبر أن الهوية, التي هي المرتكز الذي يمكن الاستناد إليه لخلق التلاحم الاجتماعي, تنبني على مفهوم الوحدة بين كل مكونات المجتمع باختلاف اتجاهاتها الفكرية والثقافية والعرقية والدينية. من جهته, أبرز ادريس اليزمي رئيس المجلس الأعلى للجالية المغربية المقيمة بالخارج, التحديات التي يواجهها المغرب في ما يتعلق بقضايا الهوية والاختلاف, مسجلا أن مناقشة هذا الموضوع هو ورش مركب يحتاج إلى تفكير عميق للإحاطة بأبعاده والقيم التي تتحكم فيه. وأجمل هذه التحديات في علاقة المغرب كوطن أم بأبنائه المقيمين في بلدان أخرى وطبيعة العرض الثقافي الذي يقدمه لهم للحفاظ على الروابط التي تجمعهم بوطنهم الأصلي, وكيفية بناء هوية تغتني من الانتماءات المختلفة والمتنوعة, والمسؤولية التي يتحملها الجميع انطلاقا من انتمائهم إلى بلد ذي حضارة وتاريخ يمتدان عبر الزمن بكل ما يحملانه من قيم تحث على التعايش والانفتاح على الآخرين. وذهب رشيد بلمختار رئيس المرصد الوطني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى أن المكان ليس محددا للهوية, التي اعتبرها مجرد تصور ذهني خاص بكل شخص يتمثل من خلاله موقعه داخل المجموعة وعلاقته بالآخر. فالهوية, بالنسبة لبلمختار, ليست معنى مطلقا بل هي قيم تبنى بواسطة التربية والتكوين اللذين يتلقاهما كل فرد داخل البيت والعائلة والمدرسة, مؤكدا على أهمية التثقيف الذاتي والقراءة العالمة للتشبع بقيم التسامح والتعايش والانفتاح على الآخر. وبالمناسبة, تم الإعلان عن تشكيل جمعية (ماروكان بلورييل), وهي جمعية تتوخى دعم المبادرات الرامية إلى ترسيخ قيم التسامح والتعدد والحوار داخل المجتمع المغربي, والمساهمة في تعبئة الرأي العام الوطني بخصوص القضايا الراهنة للبلاد وفي تحقيق التقدم نحو الحداثة والمستقبل. وبهذا الخصوص, قال رئيس الجمعية أحمد غيات, إن هذه المبادرة جاءت بهدف خلق حركة مجتمعية تساهم في تحقيق التنمية الشاملة وتثمين القيم التي تميز المجتمع المغربي وإيجاد جسور للتواصل بين المغرب والعالم.