تنظر غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، الأربعاء المقبل، في ملف اختلاسات 700 مليون سنتيم من وكالة المداخيل، بعد استدعائها، خلال الجلسة الماضية، الشهود الذين استمع إليهم قاضي التحقيق. وذكرت مصادر مقربة من الملف أن وكالة المداخيل سوف تنصب طرفا مدنيا في القضية، للمطالبة بتعويض عن الاختلاسات التي عرفتها الوكالة في مواجهة المتهم الرئيسي الوحيد في الملف (م.د)، بعد قرار عدم متابعة الأعوان الثلاثة. وكانت الغرفة الجنحية الاستئنافية بالبيضاء أيدت في وقت سابق، قرار عدم المتابعة الصادر عن قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة نور الدين داحن، القاضي بعدم متابعة الأعوان الثلاثة في الملف، ومتابعة المتهم الرئيسي (م.د)، رئيس مصلحة الجبايات بعين الشق وسيدي معروف، لتنطلق المحاكمة. واستند قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة، في عدم متابعة الأعوان الثلاثة إلى نتائج الخبرة الأخيرة، التي أنجزت أثناء التحقيق، وأظهرت أن التوقيعات المذيلة على وصولات إبراء الذمة، مزورة ولا تخص الأعوان الثلاثة المتابعين في الملف. وذكرت المصادر ذاتها أن الخبرة برأت المتهمين الثلاثة من تهمة المشاركة في اختلاس وتبديد أموال عمومية والتزوير واستعماله، فيما أظهرت تورط المتهم الرئيسي، باعتباره صاحب تلك التوقيعات المزورة، وأن المتابعين الثلاثة الآخرين لا علاقة لهم بعمليات التزوير، وعمد قاضي التحقيق، مباشرة بعد صدور نتائج الخبرة إلى تمتيع المتهمين الثلاثة في الملف بالسراح المؤقت التلقائي، على اعتبار أن الخبرة أكدت براءتهم من الاختلاس، وهو السراح الذي لم تعارضه النيابة العامة ساعتها، وسبق للمختبر الوطني للشرطة التقنية، أن أجرى خبرة على صاحب التوقيعات المزورة المذيلة بها وصولات إبراء الذمة، وتبين من خلال الخبرة أنها لا تخص وكيل المداخيل، وإنما مجرد تقليد لتوقيعه، وأن شخصا معينا عمد إلى تزوير توقيع وكيل المداخيل على وصولات إبراء الذمة المستعملة، لتغطية عمليات الاختلاس. وخلصت الأبحاث التي أجرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بناء على شكاية الوكيل القضائي للمملكة، أن رئيس مصلحة الجبايات لم يرجع كنانيش الأورومات، بعد استنفادها وانتهاء العمل بها لسنوات عدة، رغم أن القانون يفرض ذلك، إذ أفاد خلال الاستماع إليه أن ذلك يرجع إلى تقصير منه، وأن وكيل المداخيل لم يطالبه بإرجاعها، إضافة إلى إمساكه سجلات محاسبية، بشأن ملحقة سيدي معروف لضبط وحصر المداخيل، ولم يقم بمراجعة كنانيش الأورومات، ومقارنة مداخليها مع تلك المودعة بحساب القابض الجماعي لأزيد من أربع سنوات، ولم تقف الأبحاث عند ذلك، بل تبين أن المتهم الرئيسي لم يكن يسلم للأعوان التابعين له بملحقة سيدي معروف إبراء الذمة عن المداخيل التي كان يتسلمها منهم، باعترافه الشخصي وتصريحات الأعوان. وأظهر تقرير مفتشية الخزينة العامة للمملكة، أن بعض المداخيل بكل من مصلحة الجبايات لعين الشق والملحقة التابعة لها بسيدي معروف جرى اختلاسها، ولتغطية تلك الاختلاسات استعملت بعض وصولات إبراء الذمة المزورة، وأكد التقرير أن الأعوان العاملين بملحقة سيدي معروف وبعد استخلاصهم للمداخيل، لم يتلقوا أي إبراء على تسليمهم تلك الأموال من طرف رئيس القطاع كما ينص على ذلك القانون، كما أنهم لم يمسكوا أي سجل محاسباتي لضبط وحصر المداخيل، وهو ما ساهم بشكل فعال في عمليات "الاختلاس" التي عرفتها المصلحة.