أعطيت بمدينة الصويرة، أخيرا، الانطلاقة الرسمية لمشروع "مشاركة السكان في إصلاح التعليم الابتدائي" بالتوقيع على اتفاقيتي شراكة بين مؤسسة الشرق الأدنى ونيابتي وزارة التربية والتكوين بإقليمي الصويرة وشيشاوة.ويهدف هذا المشروع، الذي أعدته مؤسسة الشرق الأدنى بشراكة مع أكاديمية جهة مراكش تانسيفت الحوز، إلى تحقيق هدف مزدوج يتمثل في سعيه إلى تنمية كفاءات السكان المحليين، وإلى تحقيق انخراطها في بلورة حلول ملائمة كفيلة بالمساهمة في الارتقاء بالعمل التربوي بالمدرسة القروية من خلال تعميم التعليم، و خفض نسبة الهدر المدرسي، واستقرار المدرسين، وإصلاح المؤسسات التعليمية، وهي جوانب لا يمكن تحقيقها، بحسب المنظمين، دون انخراط السكان المحليين في تدبير الشأن التربوي، لذلك يظل الهدف الأساسي للمشروع المذكور هو القيام بأنشطة تمكن من تحقيق هذا الانخراط، حتى تصبح المدرسة في صلب اهتمامات سكان الدواوير المستفيدة من خدمات المشروع. وتتيح المقاربة التشاركية المعتمدة في هذا المشروع، التي جرى استعراض خطوطها العريضة في هذا اللقاء، صهر خبرات وقدرات الشريكين بالصويرة وشيشاوة معا، لتحقيق الهدف المنشود لذلك، وطبقا لمقتضيات الاتفاقية المبرمة بين النيابتين، فإن كل الأنشطة المبرمجة اعتمدت المقاربة التشاركية والبحث عن حلول خلاقة وملائمة للأوضاع المحلية، كما أنها راهنت على التعبئة المستدامة لمعالجة مشاكل التربية و التعليم بالعالم القروي. وسبق لمؤسسة الشرق الأدنى أن أنجزت في الإطار نفسه، مشروع إشراك السكان في إصلاح التعليم بمنطقة جبال الأطلس الكبير، بتمويل من مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط، وقد خص مكون التعليم، وكان يهدف إلى الرفع والمحافظة على نسبة المتمدرسين وتطوير مقاربة التمدرس بالوسط القروي المبنية على مشاركة السكان و كل الفاعلين المهتمين بالميدان. وتقوم المؤسسة حاليا بإنجاز مشروع مشاركة الساكنة في إصلاح التعليم الأساسي بجهة سوس ماسة درعة من أجل تحسن مستدام للتعليم الابتدائي بالجهة. وتقوم المقاربة المعتمدة من قبل المشروع، التي جرى تقديمها بشكل مستفيض، على تفعيل دور المرأة القروية في التحسيس والتعبئة و التكوين، علما أن المشاكل المطروحة على مستوى الدوار تعرقل أحيانا عمل فريق المشروع. و من أهم هذه العوائق، الصراعات المحلية والأعراف والتقاليد. ولمواجهة هذه العوائق، جرى اختيار امرأة زعيمة بالنسبة لكل دوار، لتقوم بدور الربط والاتصال وتيسير التواصل. و تهدف حصص التحسيس والتعبئة عموما، إلى جعل النساء القرويات واعيات بمسؤوليتهن في تمدرس الأطفال، خاصة القيام بعملية التتبع حتى نهاية الطور الأساسي من التعليم، وتتمحور الدورات التكوينية حول مختلف أوجه دور المرأة في محيطها المباشر. وكان لزيارات تبادل الخبرات المنظمة لفائدة نساء الدواوير، المستهدفة بجهة سوس ماسة درعة، و مختلف الأنشطة التي زاولنها، وقع إيجابي، يؤكد المنظمون، ليس فقط بالنسبة لمشاكل المدرسة القروية، و إنما أيضا بالنسبة للمجتمع المحلي بصفة عامة. وفي هذا الصدد تقول سعيدة بويخرار، من محيط مدرسة الإمام الغزالي بتفنكولت، بإقليم تارودانت، في شهادة لها ل"المغربية" من قبل كانت تخشى "الحديث إلى الرجال...لكني اليوم، وبفضل مشروع مشاركة السكان في إصلاح التعليم الابتدائي أصبحت امرأة رائدة...لي ثقة كبيرة بالنفس و يمكنني مواجهة جمهور واسع من الرجال و النساء. لم أكن أعرف شيئا عن العالم خارج الدوار، أما الآن فإني أسافر كثيرا وأتبادل التجارب مع الدواوير الأخرى بتزنيت و وارزازات...إني نشيطة جدا ومصممة على أن أسير إلى الأمام لتحسين مدرستنا و للمشاركة في تمكين نساء أخريات و لتنمية قريتنا". يذكر أن مؤسسة الشرق الأدنى منظمة دولية غير حكومية، تأسست سنة 1915 لمساعدة اللاجئين الأرمن، بعد أحداث الحرب العالمية الأولى، تتدخل حاليا في 16 دولة من ضمنها المغرب والسودان و مالي و العراق و قطاع غزة. وأنشأت المؤسسة مكتبا لها في المغرب سنة 1987 بإقليم وارزازات. أول مشروع قامت بإنجازه كان هو تربية الماعز، وكانت تهدف من ورائه إلى تحسين الإنتاج لحليب الماعز من أجل تحسين التغذية ومدخول النساء القرويات، ثم توالت تدخلاتها بعد ذلك، في عديد من المجالات بهدف مساعدة السكان المعوزين على تحسين ظروف عيشهم، عن طريق مقاربة تشاركية و مندمجة لضمان تنمية مستدامة ومتساوية.