كتبت صحيفة "الأهرام المسائي" في عددها الأسبوعي الأخير، أن المغرب لم يدخر جهدا في سبيل التوصل إلى حل لقضية الصحراء، العالقة منذ عام 1975، مسجلة أن آخر تلك المساعي كان مقترح الحكم الذاتي الموسع، الذي يفوض صلاحيات حقيقية للصحراويين لتسيير شؤونهم الداخلية تحت السيادة المغربية. وذكرت الصحيفة في مقال للأستاذ فيصل صالح الخيري، رئيس مركز التراث الفلسطيني، أن الأقاليم الصحراوية، التي يدين الجزء الأكبر من سكانها للمغرب بالولاء، "نالت جميع الصلاحيات الديمقراطية منذ الأيام الأولى لاسترجاع الصحراء"، مسجلة أن من نتائج ذلك كون العديد من سكان هذه المناطق هم اليوم برلمانيون، ومنتخبون، ورؤساء جماعات، ورؤساء بلديات، ورجال تعليم، وموظفون سامون، يشاركون في جميع الأنشطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. أما على الجانب الآخر، يضيف المقال "فلا نملك إلا أن نعجب لأولئك المنساقين في تيار تكريس التجزئة العربية، رغم درايتهم التامة بأنها السبب الرئيسي في التردي في المهاوي التي يعانيها عالمنا العربي، باعتبارها رافعة من روافع مشروع الشرق الأوسط الجديد"، مبرزا أن النتيجة المنطقية لما يدعو إليه هؤلاء هي تقسيم المنطقة وخلق كيان غريب في الجسم العربي، ومركز للحماية والنفوذ الأجنبي، بما في ذلك من خطر على دول الجوار. وسجل صاحب المقال أنه "منذ أكثر من ثلاثين عاما وسماسرة الحرب من قادة البوليساريو يواصلون استخدام سكان المخيمات في تندوف" كأداة للمقايضة، وأصول تجارية لا تنضب، من أجل جلب المساعدات، التي يجري تحويلها باستمرار من طرف بعض قادة البوليساريو وتسويقها خارج الصحراء". وأضاف أن العديد من المؤسسات الدولية، مثل اللجنة الأميركية من أجل اللاجئين والمهاجرين، ومؤسسة "فرانس ليبرتي"، والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وبرنامج الغذاء العالمي، والمكتب الأوروبي لمكافحة التزوير، أثارت كلها، وفي مناسبات عديدة انتباه المجتمع الدولي إزاء ظاهرة تحويل المساعدات هذه، وآثارها الكارثية على حياة السكان المحرومين قسرا من العودة إلى ديارهم، الموجودين في مخيمات تندوف. كما أشار المقال إلى الانقسامات التي تنخر الجسد المتهالك لبوليساريو، خاصة تيار "خط الشهيد"، الذي يطالب بفتح حوار، لمناقشة أوضاع الصحراويين المحتجزين في مخيمات "تندوف"، وتدارس آفاق حل مشكلة الصحراء المغربية بشكل حر وديمقراطي. وأكد أن هذه الأحداث "تعطي فكرة عن المأزق الحاد، الذي وقعت فيه جبهة بوليساريو، بعد أن نجحت الرباط في استيعاب السكان الصحراويين، وضمان ولاء الغالبية العظمى للمغرب الأم". وجاء في المقال، أيضا، أن جبهة بوليساريو "تعاني الآن أكثر من أي وقت مضى انشقاقا بين قادتها، بعد تقدم المغرب بمقترح الحكم الذاتي، إذ بدا جليا أن كبار قادة الجبهة يؤيدون الاقتراح المغربي، فيما عدا قلة من المتاجرين بالقضية، المدعومين من دولة مجاورة للمغرب"، وبالنتيجة، يقول الكاتب " لن يجر أي اتفاق إلا إذا كان يرضي هذه الدولة".