وصف وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة استعادة الدولة السورية لمدينة حلب من أيدي الفصائل المسلحة بأنه انتصار على الإرهاب. وقال لعمامرة، في تعليقه على مقال لمسؤول أوروبي توقع أن يتكرر المشهد السوري في الجزائر، إن ما حدث في سوريا هو أن الدولة السورية استطاعت أن تسترجع سيادتها وسيطرتها على مدينة حلب. وأوضح الوزير الجزائري أن “الأشخاص الذين يقفون وراء تلك التصريحات كانوا يحلمون بانتصار الإرهاب في حلب وفي أماكن أخرى، أما وقد فشل الإرهاب فهم يظنون أنه يمكن أن ينجح في الجزائر”. وكان المدير التنفيذي لمركز “ما دارياغا-كوليج أوروبا”، والمدير العام الشرفي بمفوضية الاتحاد الأوروبي بيار دوفراني، قد نشر مقالا في صحيفة “لا ليبر” البلجيكية تحت عنوان “الجزائر بعد حلب” توقع أن يحدُث في الجزائر ما حدث في سوريا، مطالبا الاتحاد الأوروبي باستخلاص الدروس مما يجري في حلب، خاصة أن نفس الخطر يتهدد إحدى دول جوار أوروبا، وهي الجزائر. ورأى دوفراني أن “خلافة بوتفليقة الذي لم يعد قادرا على حكم البلاد منذ سنوات قد تشعل الصراع الصامت في الجزائر منذ ثلاثين عاما بين الإسلامويين والعسكر”. وتعد هذه المرة الأولى، التي يصف فيها مسؤول جزائري التنظيمات المناهضة لحكم بشار الأسد بأنها إرهابية. وفاجأت تصريحات لعمامرة المتابعين للشأن السوري؛ حيث جاءت في وقت كانت الجزائر تدعو فيه إلى التخلي عن خيار الحسم العسكري للأزمة السورية. وقد تؤسس هذه التصريحات لتحول جذري في الموقف الرسمي الجزائري الذي ظل يقف على الحياد من طرفي النزاع السوري انسجاما مع التوجه التقليدي للسياسة الخارجية الجزائرية بعدم التدخل في النزاعات الدولية. وظلت الجزائر تبدي دعمها للنظام السوري، لكنها ظلت حريصة على عدم تصنيف معارضيه في خانة الإرهاب. وعلى العكس من ذلك، كانت الجزائر تسعى للوساطة بين النظام والمعارضة لحقن دماء السوريين؛ حيث أرسلت وزير الشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل إلى دمشق في 24/04/2016 ليكون أول وزير عربي يزور سوريا منذ بدء النزاع. كما استقبلت قبل ذلك وزير الخارجية السوري وليد المعلم في 29/03/2016 ضمن المساعي لتليين الموقف السوري الرسمي. وأشاد وزير الخارجية السوري لحظتها بالجهود التي تبذلها الجزائر من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية؛ مؤكدا أن الطرفين اتفقا على مواصلة مكافحة الإرهاب. وقد تتسبب تصريحات لعمامرة في انهيار الثقة بين المعارضة السورية والنظام الجزائري، وهو ما من شأنه أن يُبعد الجزائر عن خط الوساطة بين أطراف المشهد السوري ويدفعها للتمسك أكثر بنظام الرئيس بشار الأسد. ولا تخفي الجزائر وقوفها في محور الداعمين للرئيس السوري بشار الأسد حيث تحفظت على عدة قرارات ضد الأسد في جامعة الدول العربية ورفضت تسليم سفارة سوريا في الجزائر للمعارضة كما فعلت دول عربية عديدة. ورغم أن الموقف الجزائري من الأحداث في سوريا يخالف مواقف بعض الأطراف في الداخل خاصة الأحزاب الإسلامية، وتسبب لها في أزمات دبلوماسية صامتة مع دول الخليج العربي التي تسعى لإطاحة الأسد، فإن الجزائر ظلت تصر على التمسك بالنظام السوري.