رغم الشعارات الرنانة والوعود المتكررة التي تطلقها وزارة التجهيز والماء في سياق خططها التنموية، تظل المناطق القروية الحلقة الأضعف في مشاريع البنية التحتية. وفي مقدمة هذه المناطق، تقف منطقة بومعاوية بجماعة صاكة، إقليمجرسيف، شاهدًا حيًا على زيف التنمية المزعومة، حيث ما زال مطلب بناء سد مائي تلي، الذي استند إلى دراسة جدوى أنجزت سنة 2011، حبيس الأدراج منذ أكثر من عقد، دون أي خطوات ملموسة لتحقيقه. تنمية على الورق فقط تظهر الوثائق الرسمية المؤرخة في 4 فبراير 2019 التزامًا شكليًا بإنشاء السد المائي الذي يمثل شريان حياة للسكان والمزارعين في بومعاوية، وهي منطقة تعاني من الإجهاد المائي وتدهور التربة وانعدام البنية التحتية الأساسية . غير أن عدم تحرك وزارة التجهيز والماء لتنفيذ هذا المشروع يؤكد الهوة الكبيرة بين خطابات التنمية والواقع المعيش في المناطق القروية. زيف التنمية القروية يتحدث المسؤولون عن العدالة المجالية والتنمية الشاملة، لكن الحقائق على الأرض تظهر صورة مغايرة. القرى تئن تحت وطأة التهميش، في ظل غياب مشاريع حيوية كتوفير الماء، الذي يعد عنصرًا أساسيًا لاستقرار السكان وتنمية الإنتاجية الزراعية. كيف يمكن الحديث عن رؤية تنموية وطنية في وقت تُعامل فيه القرى كمناطق منسية لا تحظى بالاهتمام سوى في موسم الانتخابات أو عبر وعود لا ترى النور؟ التداعيات المدمرة للتهميش إن استمرار الإهمال في تنفيذ مشروع السد المائي التلي بمنطقة بومعاوية لا يعمق فقط أزمات ندرة المياه وتدهور الأراضي الزراعية، بل يساهم أيضًا في تسريع وتيرة الهجرة القروية، مما يؤدي إلى تفريغ القرى من ساكنتها وإضعاف الإنتاجية الزراعية. وبذلك، تتحول المناطق القروية من عنصر إنتاج واستقرار إلى بؤر أزمات اجتماعية واقتصادية متراكمة، في وقتٍ تحتاج فيه المملكة إلى استغلال كافة مواردها البشرية والطبيعية لتحقيق تنمية مستدامة . المساءلة والالتزام بالعدالة التنموية أصبح من الضروري إعادة النظر في السياسات التي تعتمدها وزارة التجهيز والماء تجاه المناطق القروية. فلا يمكن الاستمرار في تجاهل الاحتياجات الأساسية لهذه المناطق، التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من النسيج الوطني. إن التنمية القروية الحقيقية تتطلب إرادة سياسية قوية وخططًا تنفيذية عاجلة تعالج الفوارق الاجتماعية والمجالية، بعيدًا عن الشعارات الفضفاضة التي لم تعد تقنع أحدًا. دعوة للعمل الجاد إن سكان بومعاوية ، وغيرهم من سكان المناطق المهمشة التابعة لجماعة صاكة إقليمجرسيف ، لا ينتظرون خطابات رنانة أو وعودًا جوفاء، بل خطوات ملموسة تعيد لهم الأمل والثقة في مؤسسات الدولة. ويجب أن تبدأ وزارة التجهيز والماء بتحمل مسؤولياتها التاريخية من خلال وضع خطة عاجلة لتنفيذ المشاريع المؤجلة، وعلى رأسها مشروع السد المائي التلي، لضمان توفير الموارد المائية وتحقيق التنمية الحقيقية. التنمية القروية ليست مجرد عنوان لحملات إعلامية، بل هي التزام أخلاقي ومؤسساتي لا يمكن التراجع عنه إذا أردنا مغربًا موحدًا، قويًا ومستدامًا في كل أركانه. https://www.almaghreb24.com/maroc24/32xl