في حضور كل المنتخبات الكبيرة في القارة السمراء، تنطلق في ساحل العاج، السبت، كأس أمم إفريقيا لكرة القدم التي ستشهد صراعا ناريا على اللقب، يتقدمه المغرب أول منتخب إفريقي يبلغ نصف نهائي كأس العالم والسنغال حاملة اللقب وساحل العاج البلد المضيف. وتقام النسخة ال34 من المسابقة الأرفع في القارة شتاء، وسط روزنامة أوروبية مزدحمة؛ ما أثار انتقادات جديدة قديمة لمدربي أندية الصفوة في أوروبا. ولطالما كان موعد البطولة، التي تقام كل عامين، مثار جدل كبير. ووصل بعض نجوم الأندية الأوروبية بالفعل، بعد مباريات نهاية الأسبوع الماضي؛ مثل المصري محمد صلاح (ليفربول الإنجليزي)، المغربي أشرف حكيمي (باريس سان جرمان الفرنسي)، والنيجيري فيكتور أوسيمهن (نابولي الإيطالي). فيما سيصل الحارس الكاميروني أندريه أونانا (مانشستر يونايتد الانكليزي) متأخرا، عشية لقاء بلاده الافتتاحي الاثنين بعد الاتفاق على خوضه مباراة فريقه ضد توتنهام الأحد. وفيما يشارك نجوم الصف الأول، ستفتقد البطولة أمثال المهاجم الكاميروني إريك ماكسيم تشوبو موتينغ (بايرن ميونيخ الألماني)، والمهاجم العاجي ويلفريد زاها (غلطة سراي التركي)، ومواطنه المدافع إريك بايي (بشيكتاش التركي) بقرارات فنية، وفيكتور بونيفايس مهاجم باير ليفركوزن الألماني للإصابة. وصلت المنتخبات ال24 إلى الكاميرون، واستقرت في خمس مدن هي، بالإضافة إلى أبيدجان وملعبيها، العاصمة السياسية ياموسوكرو ومدينة بواكي الكبيرة وسان بيدرو الساحلية (جنوب غرب) وكورهوغو (شمال). وأظهرت حكومة الرئيس الحسن واتارا استعدادا لإنفاق ما يلزم لضمان نجاح الحدث، حيث استثمرت 1,5 مليارات دولار أمريكي تقريبا. وبالإضافة إلى الملاعب الستة التي بُنيت أو جُددت، أنشئت الطرق وشُيدت الجسور والفنادق وقرى كأس الأمم الإفريقية لإيواء المنتخبات. ومنذ الوصول إلى مطار فيليكس أوفويت- بوانيي في أبيدجان، تستقبل فرق راقصة، تؤدي رقصات محلية بهلوانية وأغنيات محلية، الضيوف؛ فيما تطغى الحماسة والبهجة على الأجواء. وفي أرجاء المدينة، يمكن رؤية أعلام ساحل العاج وقمصان المنتخب المُلقب "الفيلة" برتقالية اللون معلقة في كل مكان. رغبة مغربية بعد تحقيق المركز الرابع في مونديال 2022 كأول بلد إفريقي يبلغ نصف النهائي، بات على لاعبي المغرب نقل تفوقهم من المحفل العالمي إلى العرس القاري ووضع حد لانتظار دام 48 عاما للظفر بلقب ثانٍ في كأس الأمم الإفريقية. على الرغم من الترسانة المهمة من النجوم المنتشرين في جميع أنحاء أوروبا، فإن "أسود الأطلس" لا يحققون الآمال المعقودة عليهم في النهائيات القارية، ويبقى أفضل إنجاز لهم التتويج باللقب عام 1976 والوصافة عام 2004. ويدخل المنتخب، المصنف ال13 عالميا، غمار البطولة بصفته مرشحا قويا لإحراز اللقب؛ وهو الذي لم يتأهل الى نصف النهائي منذ خسر النهائي عام 2004 أمام تونس المضيفة، على الرغم من خوضه البطولة كل مرة بكتيبة محترفين. قال مدربه وليد الركراكي: "قلت للاعبين بأننا لا نستطيع أن نكون ملوك العالم إذا لم نكن ملوك قارتنا". ويدخل المغرب البطولة متسلحا بكتيبة قوية في كافة الخطوط، يتقدمها نجوم المونديال؛ بدءا من الحارس ياسين بونو (الهلال السعودي)، وخط الدفاع بقيادة رومان سايس (الشباب السعودي) وحكيمي، وخط الوسط الذي يضم سفيان أمرابط (مانشستر يونايتد الإنجليزي) وعز الدين أوناحي (مرسيليا الفرنسي)، والهجوم بقيادة يوسف النصيري (إشبيلية الإسباني) وحكيم زياش (غلطة سراي التركي). السنغال و"كسر النحس" تعيش السنغال أزهى عصورها الكروية على الإطلاق، على كافة المستويات والأعمار؛ فالمنتخب الأول توج بطلا لإفريقيا 2021 في الكاميرون (مطلع 2022) وتأهل إلى كأس العالم 2022، ثم فاز منتخب المحليين بكأس إفريقيا في الجزائر (فبراير 2023)، قبل أن يُتوج منتخب الشباب (أقل من 20 عاما) بكأس إفريقيا في مصر (مارس 2023). وبالإضافة إلى وجود كافة كبار القارة تاريخيا، مصر والكاميرون وغانا ونيجيريا وساحل العاج والمغرب وتونسوالجزائر، سيواجه "أسود التيرانغا" تحديا خاصا يتمثل في فشل آخر ستة أبطال في الدفاع عن لقبهم القاري، ولم يتقدم أي منهم أكثر من دور ال16 في تحدٍ كبير أمام رجال المدرب المحلي أليو سيسيه. ويزين المهاجم ساديو مانيه (النصر السعودي) وخاليدو كوليبالي (الهلال السعودي) والحارس إدوارد مندي (الأهلي السعودي) والمهاجم نيكولاس جاكسون (تشلسي الانكليزي) قائمة السنغال الطامحة للقبها الثاني تواليا وفي البطولة عموما. لعنة المضيف؟ لم يُتوج أي منتخب على أرضه منذ مصر عام 2006، وما فرض هذا الواقع استضافة النهائيات من دول متواضعة فنيا؛ على غرار أنغولا والغابون وغينيا الاستوائية. وسيتعين على منتخب "الفيلة"، المدجج بالنجوم في خطي الهجوم والوسط، كسر هذه اللعنة من أجل إحراز ثالث ألقابه بعد 1992 و2015. ولتحقيق اللقب القاري، تعول ساحل العاج على سيباستيان هالر (بوروسيا دورتموند الألماني)، وسيكو فوفانا (النصر السعودي)، وفرانك كيسييه (الأهلي السعودي) الذين تعج شوارع العاصمة بصورهم. وإلى جانب تلك المنتخبات الثلاثة، تأتي مباشرة خلفها في الترشيحات على الورق، المنتخبات ذات الباع الطويل كالمنتخب المصري صاحب ال7 ألقاب (رقم قياسي) بقيادة صلاح متصدر هدافي الدوري الإنجليزي (14)، ونيجيريا مع أوسيمهين أفضل لاعب إفريقي لعام 2023، والكاميرون مع القائد الجديد لجيلها الحالي لاعب وسط نابولي الإيطالي أندريه-فرانك زامبو أنغيسا، كما يمكن لتونسوجنوب إفريقيا وغانا المنافسة نظريا. وبعيدا عن الصراع على اللقب، ستتجه الأنظار إلى منتخبات عديدة يمكن أن تلعب دور الحصان الأسود على غرار بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية. فيما لا تزال خمسة منتخبات تبحث عن فوزها الأول في البطولة القارية، على الرغم من مشاركتها لأكثر من مرة؛ كموزامبيق وموريتانيا وغينيا بيساو وناميبيا وتنزانيا. تابعوا آخر الأخبار عبر Google News