فيما يتواصل التنديد الدولي بالهجوم "المروع" على سلمان رشدي، أكد وكيل أعمال مؤلف "آيات شيطانية" أن موكله وضع على التنفس الاصطناعي و"الأنباء ليست جيدة". الشرطة الأمريكية تكشف هوية المهاجم، الذي لقيت فعلته إشادة في إيران. خضعَ الكاتب البريطاني سلمان رشدي الذي أصدر مؤسس الجمهورية الإسلاميّة آية الله روح الله الخميني فتوى بهدر دمه عام 1989 بسبب روايته « آيات شيطانيّة »، لجراحة طارئة أمس الجمعة (12 غشت 2022) إثر تعرّضه للطعن في العنق خلال مؤتمر بغرب ولاية نيويورك، وقال وكيل أعماله إنّه وُضِع على جهاز التنفس الاصطناعي. وقال الوكيل أندرو ويلي في بيان مكتوب « الأنباء ليست جيدة ومن المحتمل أن يفقد سلمان إحدى عينيه. أعصاب يديه انقطعت وتعرض كبده للطعن وتضرر ». وفور تعرّضه لهجوم على منصّة مركز ثقافي في تشوتوكوا بشمال غرب ولاية نيويورك، نُقل رشدي بمروحيّة إلى أقرب مستشفى حيث خضع لجراحة طارئة، بحسب ما قال وكيله على تويتر، واعدًا بتوفير معلومات منتظمة بشأن الوضع الصحّي للروائي البالغ 75 عامًا والذي يعيش في نيويورك منذ سنوات عدّة. وقال كارل ليفان وهو أستاذ علوم سياسيّة كان موجودًا في القاعة، لوكالة فرانس برس عبر الهاتف، إنّ رجلاً هرَع إلى المنصّة حيث كان رشدي جالسًا و »طعنه بعنف مرّات عدّة ». وروى الشاهد أنّ المهاجم « حاول قتل سلمان رشدي ». وعرّفت الشرطة عن المشتبه فيه على أنّه هادي مطر (24 عامًا) من فيرفيلد في نيوجيرزي، في حين لم تّتضح دوافعه حتّى الآن. وهرع عدد من الأشخاص إلى المنصّة وثبّتوا المشتبه به أرضًا، قبل أن يعتقله أحد عناصر الأمن. وقدّم طبيب كان موجودًا بين الحاضرين إسعافات أوّليّة لرشدي قبل وصول رجال الإسعاف. وقضى رشدي المولود في الهند سنوات مختبئا بعد أن أصدرت إيران فتوى بإهدار دمه بسبب كتاباته التي اعتبرت مسيئة للإسلام، خصوصا كتاب « آيات شيطانية » تنديد عالمي في المواقف الدوليّة، قال مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي ديك ساليفان في بيان الجمعة إن « البلاد والعالم شهدا اليوم اعتداء مشينا على الكاتب سلمان رشدي »، مشيرا غلى أن هذا الهجوم « عمل عنف مروع ». وأكد البيان أن إدارة الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس « تصلي من أجل شفائه العاجل ». وكان الرئيس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعلن تضامنه مع رشدي، مؤكّدًا « أنّنا اليوم إلى جانبه أكثر من أيّ وقت مضى ». وكتب ماكرون على تويتر « منذ 33 عامًا، يُجسّد سلمان رشدي الحرّية ومحاربة الظلامية... نضاله هو نضالنا، وهو نضال عالميّ. اليوم، نقف إلى جانبه أكثر من أيّ وقت مضى ». من جهته، ندّد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بالهجوم « المروّع » الذي تعرّض له الكاتب. ودان جونسون في تغريدة الاعتداء على رشدي « أثناء ممارسته حقًا علينا ألا نتوقّف عن الدفاع عنه »، في إشارة إلى حرّية التعبير. بدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنّه يشعر بالجزع حيال هذا الهجوم، مضيفا بلسان المتحدث باسمه « الكلمات لا يمكن بأي حال من الأحوال الرد عليها بالعنف ». ووصفت حاكمة ولاية نيويورك الديموقراطية كاثي هوتشل إرشدي أنّه « فرد أمضى عقودًا يواجه السلطة بالحقيقة ». وتابعت « ندين كلّ أشكال العنف، ونريد أن يشعر الناس بأنّهم أحرار في قول الحقيقة وكتابتها ». صحف إيرانية محافظة تشيد بالمهاجم ولم تعلق السلطات الإيرانية رسميا حتى الآن على محاولة اغتيال ارشدي، الذي أصدر مؤسّس الجمهوريّة الإسلاميّة آية الله الخميني فتوى بهدر دمه عام 1989 بسبب روايته « الآيات الشيطانيّة »، لكن صحف إيرانية محافظة بمهاجم رشدي. وكتبت صحيفة « كيهان » اليومية الإيرانيّة المحافظة المتشددة اليوم السبت التي يعين المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي رئيسها، وقالت « مبروك لهذا الرجل الشجاع المدرك للواجب الذي هاجم المرتد والشرير سلمان رشدي ». وأضافت « لنقبل يد من مزق رقبة عدو الله بسكين ». تماشيا مع الخط الرسمي وصفت جميع وسائل الإعلام الإيرانية رشدي بأنه « مرتد »، باستثناء الصحيفة الإصلاحية « اعتماد ». ورأت صحيفة « إيران » اليومية الرسمية أن « رقبة الشيطان » « ضُربت بشفرة حلاقة ». وكتب محمد مراندي مستشار فريق المفاوضين حول الملف النووي في تغريدة على تويتر « لن أذرف الدموع على كاتب يدين بكراهية واحتقار لا حدود لهما المسلمين والإسلام ». وأضاف أن « رشدي بيدق إمبراطورية يتظاهر بأنه روائي ما بعد الاستعمار ». وتساءل « أليس من الغريب أننا بينما نقترب من صفقة نووية محتملة، تزعم الولاياتالمتحدة أن هجومًا على (مستشار الأمن القومي السابق في البيت الأبيض جون) بولتون كان مخططا له (...) ثم بعدها يحدث هذا؟ ». واشتهر رشدي بعد إصداره روايته الثانية « أطفال منتصف الليل » في العام 1981 التي حازت تقديرات عالمية وجائزة بوكر الأدبية. وتتناول الرواية مسيرة الهند من الاستعمار البريطاني إلى الاستقلال وما بعده. لكنّ روايته « آيات شيطانيّة » التي صدرت في العام 1988 أثارت جدلا كبيرا ليصدر بعدها الخميني فتوى بهدر دمه. واعتبر بعض المسلمين أنّ الرواية مسيئة للنبي محمد. واضطرّ رشدي الملحد والمولود في الهند لأبوين مسلمين غير ممارسين للشعائر الدينية، للتواري بعدما رُصِدت جائزة ماليّة لمَن يقتله، وهي لا تزال سارية. ووضعت الحكومة البريطانية رشدي تحت حماية الشرطة في المملكة المتحدة، وتعرّض مترجموه وناشروه للقتل أو لمحاولات قتل. وفي العام 1991 قُتل الياباني هيتوشي إيغاراشي الذي ترجم كتابه « آيات شيطانيّة » طعنًا. وبقي رشدي متواريًا نحو عقد وقد غيّر مقرّ إقامته مرارًا وتعذّر عليه إبلاغ أولاده بمكان إقامته. ولم يستأنف رشدي ظهوره العلني إلا في أواخر تسعينات القرن الماضي بعدما أعلنت إيران أنها لا تؤيد اغتياله. ورشدي مقيم حاليًا في نيويورك وهو ناشط في الدفاع عن حرية التعبير وقد دافع بشدّة عن صحيفة « شارلي إيبدو » الساخرة الفرنسيّة بعدما استهدفها إسلاميّون متطرفون بهجوم عام 2015، قاموا خلاله بتصفية موظّفين فيها ولا سيّما أعضاء في هيئة التحرير.