في خطوة وصفت بالمفاجئة اتفق رئيس مجلس النواب و رئيسة و رؤساء الفرق والمجموعة النيابية على الشروع في تنزيل الإجراءات الكفيلة بتصفية نظام المعاشات نهائيا. جاء ذلك عقب اجتماع عقده رئيس مجلس النواب، السيد الحبيب المالكي، أمس الأربعاء، مع رئيسة ورؤساء الفرق والمجموعة النيابية بحضور بعض المسؤولين عن صندوق الإيداع والتدبير. وذكر بلاغ لمجلس النواب أنه « من روح النقاش الوطني الذي عرفه موضوع معاشات أعضاء مجلس النواب سواء بين مكونات المجلس المختلفة أو داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية المطبوعة بالواقعية والرغبة في طي ملف المعاشات، اتفق رئيس المجلس ورئيسة ورؤساء الفرق والمجموعة النيابية على الشروع في تنزيل الإجراءات الكفيلة بتصفية نظام المعاشات نهائيا بتعاون وتنسيق مع أجهزة المجلس المختلفة والعمل على صياغة الإطار القانوني لتحقيق هذه الغاية ». و تعليقا عن هذا الإجراء أكدت النائبة البرلمانية، ابتسام عزاوي، التي تقدمت بمقترح قانون إلغاء المعاشات منذ سنة، أن تصفية صندوق المعاشات قد تأخر كثيرا حيث كانت هناك تعثرات دامت مدة طويلة داخل مجلس النواب، وقد حان الوقت لطي هذه الصفحة بإنهاء معاشات البرلمانيين. وتوضح عزاوي، النائبة عن حزب الاصالة والمعاصرة ، أن مقترح إلغاء المعاشات نابع من كون النائب البرلماني أدى مهمة انتدابية محددة في الزمان والمكان، وبالتالي فإن تعويضه المالي يجب أن ينتهي مع نهاية ولايته البرلمانية. مضيفة أن إلغاء معاشات البرلمانيين سيشكل، إشارة مهمة لاسترجاع الثقة في العمل السياسي بالمغرب، كما سيعطي إشارات إيجابية للشباب بأن الممارسة البرلمانية لا ترتبط بالاغتناء. عمر بلافريج، البرلماني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، هو الآخر لم يتوقف عن المطالبة، بإلغاء معاشات البرلمانيين. وذكر بلافريج، بأنه وزميله مصطفى شناوي، تقدما سنة 2018 بمقترح قانون لإلغاء معاشات أعضاء البرلمان "انطلاقا من مبدأ أساسي كنأمنو به، ما كاين لا مزايدات لا حتى شي حاجة"، على حد قوله. وقال البرلماني: "نعتبر أن العضوية في مجلسي البرلمان مهمة وطنية شريفة، من خلالها كتمثل الأمة، ولكن ليست مهنة، وهدا أمر مهم جدا، ماشي نائب فالبرلمان يعني گريمة كيشدها طول حياتو، وهاد الشي اللي كيعتقدوه المواطنين وخاصنا نفسرو ليهم باللي هاد الشي ماشي مهنة، هي مهمة محددة فالوقت كتتعاقد مع المواطنين لمدة 5 سنين ومن بعد كيعاودو يصوتو عليك ولا العكس". هذه المهمة، يضيف النائب، "ما خاصش يكون عليها معاش، هاد الشي علاش كنطالبو بإلغاء معاشات البرلمانيين، ما كيعنيش باللي ما خاصش يكون تعويض بالعكس خاص يكون تعويض، وهاد الشي كنؤكد عليه، علاش؟ حيت إيلا ما كانش تعويض كيفاش غتضمن استقلالية هاداك العضو، وحنا عندنا إشكال الاستقلالية السياسية فبلادنا مع الأسف، باش ما يبقاش مول الشكارة هو اللي كيدخل للمجلس، أنا ما كنعممش... حنا مع إلغاء معاشات البرلمانيين". و في المقابل كانت هناك أحزاب أخرى كالاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد طالبت بإصلاح صندوق معاشات البرلمانيين. حيث يرى مراقبون أن الموقف ينبع من كون الحزبين من أقدم الأحزاب المغربية يتوفران على أكبر عدد من البرلمانيين الذين فاق سنهم 65 عاما. وكانت رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي، القيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي، قد دافع عن معاشات البرلمانيين، معتبرا أنها ليست ريعا مادام الأمر يتعلق بمساهمات يتحملها البرلماني والدولة على حد سواء و كان موضوع معاشات البرلمانيين قد أثار الكثير من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تدخل إدريس الأزمي الإدريسي، النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية تحث قبة البرلمان حين هاجم القيادي في حزب العدالة والتنمية، خلال مناقشة معاشات أعضاء مجلس النواب، بالغرفة الأولى، بعض نشطاء « فيسبوك » متهما إياهم ب »تبخيس دور المؤسسات »، قائلاً: « واش بغيتو برلمانيين والحكومة والولاة والعمال والرؤساء والمدراء والموظفين يخدمو بيليكي وبدون أجر، وفي نهاية الشهر ميلقو ميوكلو ولادهم ». داعيا إلى التصدي ل »الشعبوية » المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتابع قائلاً: « مخصناش نخافو من مؤثرين اجتماعيين. ما الذي صنعه لنا هؤلاء؟ »، معتبراً أن بعض نشطاء « فيسبوك » يساهمون في « ضبابية المشهد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي عوض ترك الأحزاب والمجتمع المدني والإعلام الجاد تقوم بعلمها »، حسب بتعبيره. وكان ملف تقاعد البرلمانيين قد أثار العديد من النقاشات في المغرب أكثر من مرة وداخل البرلمان والحكومة، وكان من المفترض أن يتفق البرلمانيون قبل حوالي ثلاث سنوات على صيغة لمعالجة هذا الموضوع إلا أن الأمر تأجل بسبب خلافات سياسية. يشار إلى البرلمانيين، في غرفتي البرلمان، يتلقون تعويضاً شهرياً يصل إلى 35 ألف درهم، ويدبر صندوق الإيداع والتدبير نظام معاشهم، حيث يحصل البرلماني في ولاية واحدة على تقاعد قدره 5000 درهم، وفي حالة ولايتين برلمانيتين يحصل على 7000 درهم و9000 درهم في حالة قضاء ثلاث ولايات برلمانية.وتُجمَع اشتراكات نظام معاشات البرلمانيين بالمغرب بموجب اقتطاعات من تعويضات البرلمانيين الشهرية بحوالي 2500 درهم، فيما تؤدي الدولة النصيب نفسه كمساهمة منها في هذا النظام.