أكد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي، امس الأربعاء بالداخلة، أن المجتمع المدني يعد شريكا أساسيا للدولة في تنزيل برامج الحماية الاجتماعية. وأضاف الخلفي، خلال افتتاح اللقاء الجهوي التشاوري السادس، الذي نظمته الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني بشراكة مع مجلس جهة الداخلة – وادي الذهب ومجلس جماعة الداخلة ، أن "الدولة ملزمة بدعم أعمال ومبادرات المجتمع المدني وتوفير شروط نجاحها". وقال الوزير إن تنظيم اللقاء التشاوري حول "دور المجتمع المدني في الحماية الاجتماعية"، يأتي بعد خطاب العرش الذي دعا فيه جلالة الملك محمد السادس الحكومة والفاعلين إلى إعادة هيكلة شاملة وعميقة لبرامج الدعم والحماية الاجتماعية ورفع اقتراحات بشأنها واعتماد مقاربة تشاركية، وبعد دعوة جلالة الملك في خطابه السامي بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الحالية إلى تبسيط المساطر لتشجيع التطوع والتبرع والأعمال الخيرية. وأشار إلى أنه تم اختيار جهة الداخلة واد الذهب لاحتضان هذا اللقاء لوجود مجتمع مدني نشيط انخرط في شراكة مع الوزارة لحوالي سنة في سلسلة من الأنشطة، ولتوفر إرادة قوية لدى الهيئات المنتخبة والسلطات الترابية من أجل التعاون والشراكة ودعم مبادرات المجتمع المدني. وأكد الخلفي على أن هذا اللقاء يوفر منصة للإنصات للمجتمع المدني وتجميع المقترحات من أجل المساهمة في تطوير منظومة الحماية الاجتماعية من زاوية المجتمع المدني، والتي سيتم تقديمها للقاء الوطني الذي سينظم خلال شهر نونبر المقبل، ويخصص لموضوع الحماية الاجتماعية بمشاركة مختلف الفاعلين . وأشار الوزير إلى أن دور المجتمع المدني يظل محوريا في برامج التنمية، بما نص عليه الدستور والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية والمراسيم التطبيقية لها، من ضرورة إشراك الجمعيات في إعداد وتتبع وتقييم البرامج التنمية على المستوى الجهوي والإقليمي والمحلي، وكذا في سياق إرساء مسار الديمقراطية التشاركية وتعزيز دور المجتمع المدني كفاعل أساسي إلى جانب الهيئات المنتخبة والسلطات الترابية . وأضاف أن هذا المسار انطلق بشكل مبكر وسابق على القوانين التنظيمية للجهات في 2015، حيث برز دوره في اللجان الجهوية لحقوق الإنسان بالداخلة والعيون وكلميم بعد سنة 2011، وفي المحطات التشاورية لإعداد مشروع النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية في 2013 مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ثم برز دوره كمخاطب له شرعيته الميدانية في الهيئات والمنصات الدولية والقارية مثل مجلس حقوق الإنسان بجنيف، واللجنة الرابعة بالأمم المتحدة بنيويورك، وصولا إلى الاتحاد الأوروبي والنقاش الجاري في البرلمان الأوروبي حول منظومة الاتفاقية المتعلقة بالشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي وما يرتبط بها من اتفاقيات في مجالات الفلاحة والصيد البحري، والتي تحقق فيها اعتراف بالمجتمع المدني في الصحراء المغربية وكان له دوره في تفكيك وهدم أوهام الخطاب الانفصالي حول تدبير الثروات الطبيعية وأثرها على الساكنة . ومن جهته، أكد عامل إقليم أوسرد، عبد الرحمان الجوهري، على الدور الأساسي الذي يضطلع به المجتمع المدني في تجويد منظومة الدعم والحماية الاجتماعية عبر مختلف الآليات والأدوات التي تتيحها له الديمقراطية التشاركية . وأضاف الجوهري أنه، بالنظر إلى تجربة هذه الجهة ورصيدها في تفعيل وتنزيل علاقات الشراكة والتعاون مع مختلف فعاليات المجتمع المدني، فإن هذا اللقاء التشاوري الجهوي في جولته السادسة ينظم لتعزيز سبل التعاون بين الوزارة الوصية ومجالس الجماعات الترابية، من أجل تفعيل آليات الديمقراطية التشاركية وتقوية الهيئات الاستشارية المحدثة لدى تلك المجالس، وتصميم وتطوير مساهمة جمعيات المجتمع المدني في تعزيز الحماية الاجتماعية . وأشار إلى أن هذا اللقاء يهدف إلى تعميق النقاش الجماعي حول المجتمع المدني والحماية الاجتماعية، والتفكير في الشروط والسبل الممكنة لتفعيل الأدوار المنوطة به، وتفعيل المقاربة التشاركية في تناول موضوع الحماية الاجتماعية بين المدبر العمومي والفاعل المدني، وتقديم مقترحات من شأنها النهوض بمساهمة جمعيات المجتمع المدني في منظومة الحماية الاجتماعية. ومن جانبه، أكد رئيس مجلس جهة الداخلة – وادي الذهب، الخطاط ينجا، أن المجلس تبنى مقاربة تشاركية تستهدف إدماج فعاليات المجتمع المدني المتواجدة على الصعيد الجهوي و المتسمة بالحيوية والتجربة الغنية في مختلف الأنشطة المبرمجة والاستئناس برأيها في كثير من القضايا و المشاريع . وأضاف أن المجلس عمل على التسريع بإحداث الآليات التشاركية للحوار المتمثلة في الهيئات الاستشارية المنصوص عليها في القانون التنظيمي المتعلق بالجهات والمختصة في دراسة القضايا الجهوية المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة و تكافؤ الفرص ومقاربة النوع وتلك المتعلقة باهتمامات الشباب، وكذا تلك التي تعنى بدراسة القضايا ذات الطابع الاجتماعي. وأشار ينجا إلى أن المجلس الجهوي حرص على عقد اجتماعات دورية لتلك الهيئات الاستشارية وأخذ بالعديد من توصياتها في القضايا المطروحة عليها، خاصة في مراحل إعداد برنامج التنمية الجهوي . وذكر بأن المجلس عمل أيضا على دعم وتمويل الكثير من المبادرات والمشاريع التي تقدمت بها، والتي مكنتها من تجسيد هذه المشاريع وإنجازها في أفضل الظروف الممكنة وكذا ابرام اتفاقيات للشراكة والتعاون مع العديد من الجمعيات الرائدة بالجهة، وهو التوجه الذي يعتزم المجلس الجهوي الاستمرار على نهجه والعمل على تطويره خلال السنوات القادمة . وبدوره، أبرز رئيس مجلس جماعة الداخلة سيدي صلوح الجماني، المكاسب التي حققتها المملكة في مجال الحماية الاجتماعية بمختلف أنظمتها المتنوعة مع بحث سبل تعميم التغطية الصحية على وجه الخصوص . وأضاف الجماني، في كلمة تليت بالنيابة عنه، أن اللقاء يعد فرصة لتثمين التجارب الوطنية الرائدة والاستئناس ببعض التجارب المقارنة ليشكل ذلك كله أرضية خصبة لدعم وتعزيز النقاش الوطني لاستصدار نظام متجدد ومتقدم للحماية الاجتماعية . وأشار إلى أن الجماعة الترابية للداخلة تتملكها إرادة قوية للرفع من وتيرة مساهمتها في بلورة أهداف التنمية، بعدما عززت من موقع الفعل الاجتماعي من خلال برامج محاربة الهشاشة والإقصاء الاجتماعي، إلى جانب المجتمع المدني والسلطات المحلية والقطاعات الحكومية وبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لمضاعفة فرص استفادة الساكنة من خدمات القرب، وتثمين لكل المبادرات المواطنة في انسجام تام مع اختصاصات الجماعة المحددة بموجب القانون . ومن جهته، أكد ممثل المديرية العامة للجماعات الترابية، عزيز عبرات، أن تعزيز دور المواطنين والمجتمع المدني، عن طريق الآليات التشاركية للحوار والتشاور، يعد من أبرز المستجدات التي جاءت بها القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، والتي تفسح المجال أمام هذه الأخيرة لإحداث هيئة استشارية بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني، تختص بدراسة القضايا المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع، علاوة على تمكين المواطنين والجمعيات من الحق في تقديم العرائض . وأضاف عبرات أن المجتمع المدني أصبح يضطلع اليوم، كطرف فاعل في الحياة العمومية، بوظائف مجتمعية متعددة لا محيد عنها كالوظيفة الوسائطية والوظيفة الاقتراحية والوظيفة التنموية، حيث تقوم الجمعيات على وجه الخصوص بدور مركزي في المجالات المرتبطة بالتنمية والتضامن الاجتماعي والدفاع عن حقوق الإنسان . وأشار إلى أنه، وعيا منها بالدور الذي يضطلع به المجتمع المدني كثروة وطنية وقوة اقتراحية، فإن وزارة الداخلية حريصة على مواكبة ودعم الجماعات الترابية في تفعيل الديمقراطية التشاركية، وذلك من خلال مواكبتها في إرساء الهيئات الاستشارية، وتفعيل الإطار القانوني لممارسة الحق في تقديم العرائض على مستوى الجماعات الترابية . وتم، على هامش هذا اللقاء، توقيع مذكرة تفاهم بين الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني ومجلس جهة الداخلة – وادي الذهب، بشأن إرساء تعاون بين الأطراف حسب ما يتوفر عليه كل طرف من خبرات وإمكانيات بشرية ومالية ولوجستية . وتهدف مذكرة التفاهم هاته إلى تكثيف الجهود لتفعيل آليات الديمقراطية التشاركية تحقيقا للسياسات العمومية الترابية بجهة الداخلة – وادي الذهب، عبر إبرام اتفاقية شراكة وتعاون تترجم مضامين هذه المذكرة التفاهمية . وتضمن برنامج اللقاء ندوة علمية حول "دور المجتمع المدني في تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية بالمغرب"، بالإضافة إلى ورشتين تم خلالهما عرض تجارب ميدانية سواء على مستوى الجهة أو الجماعة، إلى جانب تجارب الجمعيات والهيئات الاستشارية، كما توقف المشاركون في اللقاء عند عدد من التجارب الفضلى لمساهمة الجمعيات في مجال الحماية الاجتماعية.