في 30 يناير 1960، على الساعة الحادية عشرة صباحا، حلت طائرة على متنها الملك محمد الخامس بأرض الكويت، وكان في استقباله بالمطار أمير الكويت الشيخ عبد الله سالم الصباح برفقة ولي عهده الأمير عبد الله وكبار شخصيات الدولة وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي. كانت أول زيارة يقوم بها ملك المغرب للكويت وعدد من الدول العربية، «كانت شوارع العاصمة الكويتية غاصة بجماهير غفيرة، وهي واقفة على جانبي الطريق تصفق وتهتف بحياة الضيف الجليل محمد الخامس وبحياة العروبة والإسلام، ومختلف أنواع الزينة في كل مكان وأقواس النصر ممتدة في عرض الشوارع الكبرى، تتوسطها لافتات الترحيب مكتوب عليها أجمل العبارات وأحسن كلمات الترحيب»، كما جاء في أرشيف الثانوية العسكرية الكويتية. قام محمد الخامس بجولة في شوارع المدينة، وحظي بحفلة شاي وزيارة مدرسة ثانوية ومعسكر حربي وناد رياضي للضباط، هناك تعرف على مدرب من أصول مغربية يدعى لحريزي تجاذب معه أطراف الحديث حول الغربة. بعد استراحة محمد الخامس بالقصر المعد لنزوله وتناوله طعام الغداء به شخصيا، خرج بعد الظهر متجولا في شوارع المدينة، واطلع على مختلف المنشآت العصرية التي أحدثتها الكويت بأرضها بفضل أميرها عبد الله سالم الصباح، وبالأخص ما يرجع للنفط الذي ينبع في هذه الإمارة بغزارة. في اليوم نفسه، أصر الملك على زيارة مدرسة ابتدائية بدعوة من وزير التهذيب الوطني بالكويت عبد الله الجابر، حضرتها، علاوة على الحاشية الملكية، عدة شخصيات بارزة بالكويت، ومرة أخرى يصادف محمد الخامس مدرسا مغربيا. كما زار مدرسة ثانوية وسُر بما لاحظه فيها من نشاط في تدريس العلوم وشجع التلاميذ الذين قابلوه بابتهاج كبير على الاجتهاد والتحصيل في كلمات مؤثرة. في برنامج الزيارة وقفة بالمعسكر الحربي، حيث شاهد محمد الخامس استعراضا عسكريا للقوات الكويتية المسلحة، ثم اطلع في الأخير على كيفية إحياء أراض جرداء بفضل تصفية ماء البحر في معامل خاصة وسقيها به حتى صارت أراضي خصبة ينتفع بها. وفي المساء، أقام أمير الكويت الشيخ عبد الله سالم الصباح بقصره مأدبة عشاء رسمية، تكريما لمحمد الخامس، حضرها أمراء الكويت وأعضاء الحكومة وأفراد الحاشية الملكية وأعضاء السلك الدبلوماسي وعدد كبير من المدعوين. اغتنم العاهل المغربي زيارته للكويت فأجرى محادثة مع أمير الكويت الشيخ عبد الله سالم الصباح، الذي كان محفوفا بإخوته الذين يقاسمونه الحكم. ودارت هذه المحادثة حول المسائل المالية والاقتصادية باعتبار أن الكويت كانت تعد أغنى بلد عربي في النفط ولها رغبة ملحة في توظيف رؤوس أموال هامة بالمغرب، إذ عرض عليهم العاهل المغربي الاستثمار في المجال السياحي بمدينة طنجة. وفي اليوم الموالي، غادر محمد الخامس الكويت في اتجاه مدينة بغداد العراقية.