شرع المغرب بشكل رسمي في اتباع سياسة الرد بالمثل، وعلى أعلى مستوى في مواجهة "خيانة" المملكة العربية السعودية، التي خرقت اتفاقا سابقا لقمة جامعة الدول العربية المنعقد بجدة، والداعي إلى دعم المغرب من أجل احتضان كأس العالم ل 2026. والأخطر في خيانة السعودية، ليس التصويت ضد المغرب فقط، بل حشد قرابة 50 دولة لتأييد الملف الثلاثي الأمريكي- الكندي- المكسيكي، امتثالا للتهديد الذي أطلقه دولاند ترامب، الرئيس الأمريكي. وقرر المغرب مقاطعة التحالف العربي في اليمن لأول مرة، جراء تداعيات الخيانة السعودية والخليجية، وبعض الدول الأسيوية التي خضعت للضغوطات، وهو الاجتماع الذي كان مخصصا للحديث إعلاميا عن الحرب التي يشنها المحور السعودي لقتال جماعة "أنصار الله"، الجناح العسكري للحوثيين. وأعلن محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال، عدم المشاركة في اجتماع خاص لوزراء الاتصال لدول التحالف الداعم للشرعية في اليمن المنعقد بالسعودية. وأكد الأعرج في بلاغ وزاري مقتضب أنه لن يشارك في اجتماع وزراء الاتصال للتحالف العربي، المنعقد في السعودية، بدعوى أن أجندته لا تسمح له بالحضور، إلا أن مراقبين رأوا أن القرار متعلق بمقاطعة المغرب للاجتماع جاء احتجاجا على السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول الخليج العربي، وليس اعتذارا لامتلاء أجندة الوزير، الذي كان من الممكن أن يرسل من ينوب عنه. وأدى موقف السعودية الذي وصف من قبل الشعب المغربي ب "الخذلان" و"الخيانة" و"الغدر"، إلى تقارب كبير بين المغرب ودولة قطر التي تحاصرها السعودية والإمارات اقتصاديا وسياسيا، منذ أزيد من عام، بدعوى أنها تدعم المتطرفين عبر احتضانهم فوق أراضيها، وتمويلهم واستعمال قناة "الجزيرة العربية" لقصف الأنظمة العربية الإسلامية، والدفاع عن فكرة "أخونة الدول". ومباشرة بعد إعلان نتيجة التصويت على الملف الأمريكي، وكسب المغرب لوحده 65 صوتا، أجرى الملك محمد السادس، اتصالا هاتفيا مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، الذي أعرب عن دعمه الكامل للمغرب إذا تقدم للترشح لاحتضان كأس العالم 2030، كما تقدم الملك محمد السادس بالشكر للأمير تميم عن تصويت بلاده لصالح المغرب ووقوفها إلى جانبه. وتضمن الاتصال الهاتفي بين الملك محمد السادس وأمير قطر تميم بن حمد، رسالة مباشرة للسعودية والإمارات العربية، ردا على تصويتهما السلبي ضد المملكة المغربية، ورسالة ثانية بأن مواقف المغرب من قطر ومن أزمة الخليج ستظل ثابتة وغير خاضعة لأي ضغوطات خارجية. وأجرى ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، اتصالات هاتفية مع سفراء الدول العربية والإفريقية والأجنبية في الرباط التي صوتت لصالح ملف المغرب لاحتضان المونديال، وشكرهم على موقفهم الداعم لملف المغرب، إذ بدأت ملامح صناعة محور جديد، يرتكز على تبادل المصالح وحمايتها باستقلالية تامة، عن الأوامر الخارجية لبعض الدول الكبرى، التي تسعى دائما إلى تغيير الخرائط وتساهم في قلب أنظمة ووضع أخرى. وجدد المغرب، بتعليمات ملكية، عزمه المضي قدما للترشيح لاستضافة نسخة 2030 من المونديال، بعدما فشل للمرة الخامسة، إذ أكد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، تنفيذ المغرب التزاماته لاحتضان نسخة 2030، عبر تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة والمندمجة والعدالة الاجتماعية. وتأسف مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، لعدم تصويت دولة عربية شقيقة لملف المغرب الذي خسر تنظيم بطولة كأس العالم لعام 2026 في مواجهة الملف الأمريكي. عن (الصباح)