مع كل نهاية موسم دراسي تطرح بحدة قضية الدروس الخصوصية و انعكاساتها السلبية على مستوى التحصيل الدراسي و النتائج و كذا انعكاساتها المادية و النفسية مع كل نهاية موسم دراسي تطرح بحدة قضية الدروس الخصوصية و انعكاساتها السلبية على مستوى التحصيل الدراسي و النتائج و كذا انعكاساتها المادية و النفسية خاصة أنها أصبحت إلزامية على الرغم من أن المشرع لم يقر بأية نصوص تنظيمية تصها بل نجدها تخضع لفتاوى أساتذة تحولوا إلى مقاولين استثمروا جهدهم و تجربتهم و بيوتهم و أحيانا حتى غرف نومهم من أجل جمع المال على حساب تلاميذ وجدوا أنفسهم ضحايا لمقاولي التربية و المعرفة. لا زالت الوزارة تلتزم الصمت تجاه هؤلاء المقاولين و بالرغم من أنها استثمرت أموالا طائلة في برنامجها الإستعجالي إلا أنها لم تهتم بهذا الجانب و ما يمكن أن يسبب من فشل لأية محاولة لإنقاذ التعليم من السكتة القلبية لأن الدروس الخصوصية تنفلت من الرقابة التربوية و البيداغوجية كما أن الظروف التي تنجز فيها غير إنسانية فقد يحشر اُستاذ عشرات التلاميذ في غرفة واحدة و يذهب البعض إلى توزيع مجموعة كبيرة من التلاميذ بين غرف متعددة و قد يحتاج إلى المطبخ أو غرفة النوم لتخفبف الضغط و الغريب في الأمر أن الوزارة عالمة بهذا الأمر و لا تحرك ساكنا من أجل وضع حد لهذا النزيف و كأنها متواطئة مع أولئك الأساتذة الذين داسوا كرامة التلاميذ و قتلوا مبدأ تكافؤ الفرص التي تأسست من أجلها المدرسة العمومية . هناك فرق بين الدعم و الدروس الخصوصية، يقوم الدعم على مبدأ التطوع من خلال الإيمان بأهمية المدرسة العمومية في تكوين جيل يؤسس للمستقبل القائم على مبدأ ديموقراطية المعرفة و تكافؤ الفرص و للدعم أساليبه البيداغوجية و طرقه التربوية يسعى إلى توسيع دائرة المعرفة و التعليم و يهيئ التلميذ لمواجهة الوضعيات الجديدة ،فهو إذن سبيل لتثبيت الكفايات و طريق لتحقيق التدريس عن طريق الإدماج و من هنا تكون للدعم انعكاسات إيجابية جمة أهمها مساعدة المتخلفين من التلاميذ و منحهم نفس الفرص التي منحت لزملائهم و توطيد العلاقات الإنسانية و تحبيب المدرسة للمتعلمين. تتموضع الدروس الخصوصية في الطرف المقابل فهي تنم عن فكر مقاولاتي شرس لا يؤمن بالعلاقات الإنسانية او التربوية تقوم على الكذب و الزيف و هي مظهر من مظاهر الإرتشاء التربوي أساسها المكر و الخداع و استغلال التلاميذ و أولياء أمورهم لا تكتنفها أية إيجابية لأن جوهرها الربح المادي السريع و لعل هذا ما دفع إلى القول بأن الأساتذة الذين يقبلون على الدروس الخصوصية بشراهة هم مقاولون يراكمون ثروة هائلة عن طريق الإبتزاز و بيع النقط لتلاميذهم و نتيجة هذه الوضعية غير الصحية ارتفعت أصوات الكثير من الآباء الذين لم يجدوا إطارا يدافع عن حقوق أبنائهم و يضع حدا لهذا المسخ التعليمي الذي ساهم فيه الكثير من رجال التعليم الحاملين لأحلام بورجوازية تفوق بكثير رواتبهم الشهرية و لكنهم عملوا على تحقيق هذه الأحلام و جسدوها على أرض الواقع على حساب التلاميذ ، فكم منهم أصبح يملك فيلات وسيارات فاخرة وعقارات يقدر ثمنها بمئات الملايين.. فمن أين لكم هذا أيها الأساتذة المقاولون؟ راتبكم الشهري يعرفه الجميع..اللهم إذا كنتم تسرقون التلاميذ تبيعون لهم الأوهام تكذبون عليهم و برهان كذبكم هي النتائج الضعيفة التي يخجل منها أي إنسان كريم إلا الأساتذة الذين تحولوا إلى مقاولين جشعين أو تجار يبيعون نقطا في المزاد العلني . لا بد أن نستثني الأساتذة الكرماء الشرفاء الذين يرفضون أن يتحولوا إلى مرتشين يتعففون على منح دروس خصوصية مزيفة يفضلون العمل في صمت أحلامهم كبيرة تتمثل في المساهمة في بناء مجتمع فاضل لكن هذه الفئة أصبحت قليلة مقارنة مع المرتشين و المقاولين و تجار المراقبة المستمرة لتأكيد ما يحدث على الواقع من تجاوزات نزلت الجريدة إلى الواقع و رصدت آراء و مواقف التلاميذ و الآباء و الأساتذة نفسهم ، يقول التلميذ م ف " لقد اضطر أبي إلى دفع مائتي درهم شهريا لأستاذي في مادة الفزياء كي يمنحني نقطة جيدة في المراقبة المستمرة..." فاطمة الزهراء تلميذة شعبة العلوم الفزيائية تؤكد نفس القول و تصرح : " أنا كاندير الفيزيك عند واحد الأستاذ و خاصني نزيد السوايع عند أستاذي باش يدور معايا مزيان ... "، أما التلميذ "ع-س" شعبة علوم الحياة و الأرض "الرشوة فبلادنا ما خلات حتى بلاص راها حتى فالتعليم خاصك الدور مع الأستاذ باش يدور معاك و إيلا مافهامتش غادي تبقى فقيسمك و ما تنجاحش..."، أما الأستاذ علي-م فقد صرح لنا بما يلي " الدروس الخصوصية كارثة في مجتمعنا و هي آفة التعليم ، أعرف أستاذا يعمل يوميا بما فيه يوم الأحد من الثامنة صباحا إلى العاشرة مساء ما يعادل اثنا عشر ساعة يوميا ، منطقيا هذا الأستاذ لا يعطي شيئا للتلاميذ فهو يوهمهم و يكذب عليهم ..." بينما يذهب الأستاذ فريد بعيدا في تصريحه إذ يقول :" يستعمل بعض الأساتذة للترويج لأنفسهم نفس التقنيات التي يستعملها المشعوذون ففي ثقافتنا الشعبية مثلا نسمع ما مفاده " هذا الفقيه يجمد الما ضربة ببطلة " ، تقريبا نفس التعبير يستعمله بعض الأساتذة ..." . عندما نقترب من الآباء ، فإننا نقترب أكثر من فداحة الوضع و جسامة الكارثة ، آباء لا حول و لا قوة لهم يجدون أنفسهم يقتطعون مبالغ مهمة من قوتهم اليومي لمنحها لأساتذة شرهون من أجل ضمان نقطة في المراقبة المستمرة ، و المشكل يتعاظم عندما يصبح أساتذة كل المواد "بزناسة حقيقيين" لم نكن نعلم أن التلاميذ بحاجة إلى دروس خصوصية في مادة الإجتماعيات و اللغة العربية و التربية الإسلامية ، قد ينهج بعض الأساتذة استراتيجية محكمة خاصة أولئك الذين يدرسون الأولى باك يعمدون إلى منح التلاميذ نقطا متدنية في الدورة الأولى من أجل استقطابهم في الدورة الثانية بحجة أنهم بحاجة إلى دعم لتحضيرهم للامتحان الجهوي ، و بقدرة قادر ترتفع نقطة المراقبة في الدورة الثانية و كأن الأستاذ يملك خاتم سيذنا سليمان و في غالب الأحيان تكون نقطة الجهوي ضعيفة ، يقول أحد أولياء التلاميذ : " إضطررت أن أخصص لإبني دروسا خصوصية في جميع المواد حتى ذات الصبغة الأدبية و هذا كان يكلفني ميزانية كبيرة لكن النتيجة كانت ضعيفة ... شكيناهم لله " و يقول أب آخر :" بنتي كانت الدير ليتيد فالكوزينة، مرات الأستاذ تقلي الكبدة او هي مسكينا تشم الريحة كانت دوزها مع الماط ، كاين شي أساتذة شفارة." . إنه الواقع كما عايناه بكل تجلياته المأساوية ، بناء المجتمع لا يمكن أن يتحقق في غياب تعليم قوي و مدرسة عمومية كفأة و أساتذة يؤمنون بالتغيير و يعملون من أجله ، لقد استمعنا إلى الكثير من التلاميذ و أحسسنا بمعاناتهم الناتجة عن وجود أساتذة قضوا على أحلامهم ، أشاد المتدخلون بجريدتنا و بجرأتها و طلبوا منا أن ننقل رسالتهم إلى المسؤولين لعلهم يخرجون عن صمتهم .