إن جرائم الإرهاب تأخذ مساحة أكبر من الاتساع في التعريف كنوع من التحوط لمواجهة الجريمة الإرهابية. يحتل الإرهاب حيزا كبيرا من اهتمام فقهاء القانون الدولي والداخلي.ائي لما تشكله هذه الظاهرة من خطر عظيم على المجتمع بما يخلفه من ضياع للأمن وتدمير للممتلكات وانتهاك للحرمات وتدنيس للمقدسات وقتل وخطف للمدنيين الأمنيين وتهديد لحياة الكثير منهم . بأخذ هذا الموضوع بعدا أكثر أهمية بحكم معاناته من مختلف صور الجرائم الإرهابية وتحت مسميات وذرائع مختلفة . لا يعتبر الإرهاب ظاهرة حديثة على المجتمع الدولي، بل يعود انتشار الأعمال الإرهابية الى تاريخ قديم، حيث كان الإرهابيون يقومون بعمليات القرصنة البحرية واختطاف الطائرات والسفن واحتجاز الرهائن والاعتداء على السياسيين والدبلوماسيين. وقد أدى تفاقم النشاطات الإرهابية وشدتها وحداثة تقنياتها الى اهتمام المجتمع الدولي بمكافحة هذه الظاهرة، فانعقدت المؤتمرات وتم التوقيع على المعاهدات والاتفاقيات، وصدرت القوانين والتشريعات والقواعد القانونية العديدة لتجريمها وملاحقة فاعليها واتخاذ الاحتياطات اللازمة لاكتشافها والحول دون وقوعها. يحتل موضوع الإرهاب حيزاً كبيراً من اهتمام فقهاء القانون الدولي والقانون الجنائي لما تشكله هذه الظاهرة من خطر جسيم على المجتمع بما يخلفه من ضياع للأمن, وتدمير للممتلكات, وانتهاك للحرمات, وتدنيس للمقدسات, وقتل, وخطف للمدنيين الآمنين, وتهديد لحياة الكثير منهم. وفي العراق يأخذ هذا الموضوع بعداً أكثر أهمية بحكم معاناة العراقيين من مختلف صور الجرائم الإرهابية, وتحت مسميات, وذرائع مختلفة عرضت سلامة المجتمع, وأمنه للخطر, وألقت الرعب في نفوس المواطنين, وألحقت الضرر بالاقتصاد, والبيئة, والمنشآت, والأملاك العامة, والخاصة, وعرقلة ممارسة الحياة الطبيعية في أجزاء كبيرة من الوطن. ولا شك ان البحث في مفهوم الإرهاب يتطلب دراسته من جوانبه المختلفة. غير أن دراستنا هذه ستقتصر على تحديد مفهومه باعتباره ظاهرة قانونية على الصعيدين الدولي والداخلي أهملت الدول العربية والإسلامية معالجتها, ومكافحتها عندما كانت في المهد فاستفحل شأنها. ولا شك أن البحث في المفهوم الإرهاب يتطلب دراستها من جوانبها المختلفة غير أن دراستها هذه تقتصر على تحديد مفهومه باعتبارها ظاهرة قانونية على الصعيدين الدولي والداخلي . الإرهاب، المصطلح الأكثر إثارة في العصر الحديث، والذي صار الأكثر تداولا في مجالات الإعلام والسياسة والثقافة والعلاقات الدولية والحضارية، فهو ذو جذر لغوي ينطوي على الخوف أو التخويف بعد انتصار حرب أكتوبر عام 1973م، ظلت سيناء بعيدة تماما عن أعين الدولة، حتى استوطنت فيها الجماعات الإرهابية، وفى عام 2011 كانت مهمتها هى قطع خط البترول إلى إسرائيل ثم إلى المنطقة العربية. الإرهاب بعد 25 يناير فى 30 يوليو 2011 شن هجوما مسلحا على مركز للشرطة بالعريش، مما أسفر عن مقتل 6، وبتاريخ 2 أغسطس 2011 أعلنت مجموعة أطلقت على نفسها اسم “تنظيم القاعدة” ثم أعلنت تأسيس خلافة إسلامية فى سيناء، وفى عام 2012 توالت العمليات الإرهابية بحق الجنود البواسل، وأشهرها مقتل 16 وسرقة مدرعتين مصرية، وفى عام 2013 اندلعت أزمة الرهائن التى قام بها مسلحون من بدو سيناء باختطاف مجموعة من ضباط الشرطة، وبعد محادثات طويلة تم الإفراج عنهم فى 22 مايو 2013. الإرهاب ومرسى بعد عزل محمد مرسى ازدادت حدة وقوة العنف فى سيناء من قبل المتشددين من الجماعات المسلحة، وفى خلال أسبوعين من 3 يوليو وقعت 39 هجمة إرهابية على الجيش والشرطة، منها وضع قنبلة فى فندق يتردد عليه رجال الشرطة ولكنه لم يتسبب فى وقوع إصابات، ويوم 18 أغسطس قتل 25 من رجال الشرطة نتيجة هجوم فى المنطقة الشمالية بسيناء، وتوالت الأخبار التى تأتى بقتل العشرات من الجنود واستهدافهم بشكل يومى. تعريف الإرهاب:- أن الإرهاب في الاصطلاح المعاصر مفهوم ظهر في تاريخ أوروبا الحديث، وأوضح أنه إجراء منظم يستهدف الإضرار بالأنفس والممتلكات العامة لإحداث أغراض غير مشروعة، ومنها قتل الأنفس وسفك الدماء، و: إن حوادث الإرهاب في العالم كثيرة رصدها بعض الباحثين مبيناً أن ثلثها حدث في أوروبا، ونصفها في أمريكا، والباقي توزع في أنحاء العالم، أن أقربها للواقع تعريف وزراء الداخلية العرب، ونصه: الإرهاب: هو العدوان الذي يمارسه أفراد أوجما عات أو دول بغياً على الإنسان: (دينه ودمه، وعقله، وماله، وعرضه) ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبيل وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم أو أحوالهم للخطر، ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة، أو تعريض أحد الموارد الوطنية، أو الطبيعية للخطر، فكل هذا من صور الفساد في الأرض التي نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عنها في قوله: {وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحبُّ الْمُفْسِدِينَ} (القصص:77). ففي الرؤية السياسية: عرّفته لجنة الإرهاب الدولي التابعة للأمم المتحدة عام 1980م، بأنه: "عمل من أعمال العنف الخطيرة يصدر عن فرد أو جماعة بقصد تهديد الأشخاص أو التسبب في إصابتهم أو موتهم سواء كان يعمل بمفرده أو بالاشتراك مع أفراد آخرين، ويوجه ضد الأشخاص أو المنظمات أو المواقع السكنية أو بهدف إفساد علاقات الود والصداقة بين الدول أو بين مواطني الدول، أو ابتزاز تنازلات معينة من الدول في أي صورة كانت" وعرفته الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب سنة 1998م، المادة الثانية، بأنه: "كل فعل من أفعال العنف والتهديد أيا كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر" الإرهاب من خلال أنماط مختلفة للتعريف: نمط التعريف البسيط والعادي للإرهاب، ويعني عنفًا أو تهديدًا يهدف إلى خلق خوف أو تغيير سلوكي. النمط القانوني لتعريف الإرهاب، ويعني عنفًا إجراميًا ينتهك القانون ويستلزم عقاب الدولة. التعريف التحليلي للإرهاب، ويعني عوامل سياسية واجتماعية معينة تقف وراء كل سلوك إرهابي. تعريف رعاية الدولة للإرهاب، ويعني الإرهاب عن طريق جماعات تُستخدم بواسطة دول للهجوم على دول أخرى. نمط إرهاب الدولة، ويعني استخدام سلطة الدولة لإرهاب مواطنيها **أما في مصر فقد عرف الإرهاب في قانون العقوبات المصري:- فقد ادخل المشرع المصري علي قانون العقوبات عام 1992 في المادة 86، والذي يعد نموذجاً للتعريف المطاط على النحو التالي: (يقصد بالإرهاب في تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع يلجأ إليه الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم وتعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو المواصلات أو بالأموال أو المباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها، أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة، أو دور العبادة ومعاهد العلم لأعمالها أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح. وإلى جانب استخدام تعبيرات غامضة وغير محددة على غرار "القوة" و"العنف"، فإن التعريف المذكور يمد بساط التجريم على نحو يشمل بعض الأفعال التي تدخل في نطاق حرية التعبير والتجمع والتنظيم، كالدعوة إلى الإضراب السلمي عن العمل أو عن الدراسة، أو تنفيذ اعتصام سلمي في الطريق العام، وغير ذلك من الأفعال التي يفترض بالقانون أن يحميها لا أن يجرمها. الجرائم الإرهابية يجب أن تنحصر في الحالات التي تتوفر فيها الشروط الثلاثة التالية مجتمعة: (أ) الأفعال المرتكبة بقصد القتل أو التسبب في إصابات جسمانية خطيرة، أو أخذ الرهائن؛ (ب) وأن تكون بغرض إشاعة حالة من الرعب وتخويف السكان أو إرغام حكومة أو منظمة دولية على القيام بعمل ما أو الامتناع عن عمل ما؛ (ج) وأن تمثل جرائم تقع ضمن نطاق الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المتعلقة بالإرهاب ووفقاً للتعريفات الوارد فيها."و يسمح القانون الدولي، وعلى الأخص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في مادته الرابعة، للحكومات بأن تعلق العمل ببعض الحقوق الواردة فيه في حالات الطوارئ العام. غير أن الدول لا تتمتع بحرية غير مقيدة في استخدام ظروف الطوارئ – بما في ذلك تهديد الإرهاب - كمبرر لتجميد تدابير الحماية المكفولة لحقوق الإنسان. فقد استقرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لدى الأممالمتحدة، والتي تتولى تفسير ومراقبة تنفيذ العهد الدولي، على أن الحكومات لا تملك سلطة تعليق العمل ببعض التزاماتها القانونية بحماية حقوق الأفراد إلا عندما تواجه الدولة إحدى حالات الطوارئ العامة التي تهدد حياة الأمة. "لا يجب أن يعتبر كل شكل من أشكال الخطر أو الكوارث حالة طوارئ عامة تهدد حياة الأمة"، وأن أية إجراءات تتخذ لتعليق العمل ببعض الالتزامات الواردة في العهد [الدولي للحقوق المدنية والسياسية] لابد أن تقتصر "على الإجراءات التي تفرضها بشدة احتياجات الوضع القائم0 من الحقوق القانونية للمحتجزين جراء الاشتباه في مشاركتهم في أعمال إرهابية أو التخطيط لها، ومنها الحق في معرفة الاتهامات الموجهة إليهم، حيث "لا تكفي أن توجه للشخص المحتجز تهمة الإرهاب، وإنما يجب أن تكون مصحوبة بتهم تتعلق بارتكاب أفعال محددة".كما تنص مسودة المبادئ على أنه لا يجوز أن يتم توقيف أحد على أساس أدلة تم الحصول عليها عن طريق التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة؛ ولا أن تقتصر أسباب توقيف شخص ما على أدلة تم الحصول عليها من شخص آخر تم احتجازه بالفعل. أما مفهوم الإرهاب في الرؤية الإسلامية: فقد استخدم القرآن الكريم لفظة الإرهاب بقصد صد المعتدي، وإرجاع الناس إلى الطريق القويم، ومنعهم من الفساد في الأرض، قال تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ ". (سورة الأنفال:60). فظهر أن الإرهاب إنما يكون لعدو الله وعدو المؤمنين وللمنافقين الذين يحاربونه من وراء ستار، ولكن الإعلام ابتذل هذا المصطلح القرآني حتى عاد مرادفًا للعدوان، والظلم، والطغيان، وقتل المدنيين والأبرياء، وخلط الأوراق، وسوء النية، إلى غير ذلك مما يأباه كل مسلم على وجه الأرض. وقد عرفه مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بأنه: "ترويع الآمنين وتدمير مصالحهم ومقومات حياتهم والاعتداء على أموالهم وأعراضهم وحرياتهم وكرامتهم الإنسانية بغياً وإفساداً في الأرض. ومن حق الدولة التي يقع على أرضها هذا الإرهاب الأثيم أن تبحث عن المجرمين وأن تقدمهم للهيئات القضائية لكي تقول كلمتها العادلة فيهم ". وعرفه المجمع الفقهي الإسلامي بأنه: "عدوان يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغياً على الإنسان (دينه، ودمه، وعقله، وماله، وعرضه)، ويشمل صنوف التخويف، والأذى، والتهديد، والقتل بغير حق، وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبل، وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم أو حريتهم، أو أمنهم أو أحوالهم للخطر، ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة، أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة أو تعريض أحد الموارد الوطنية، أو الطبيعية للخطر، فكل هذا من صور الفساد في الأرض التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها " وللحقيقة؛ فإن الإرهاب في الرؤية الإسلامية له معنيان: المعنى الأول - هو إرهاب العدو عن أن يعتدي على الحرمات وهو بهذا يلتقي مع مفهوم المقاومة المشروعة، لأن الباعث من ورائه هو الدفاع عن النفس، وهو يأتي – أيضًا - بمعنى التخويف، والرَّهبة هي الخوف، والله سبحانه يُرَهِّبُنا أي يُخوِّفنا مِن عقابه إنِ انْحرفنا فيقول: "وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا" (سورة الإسراء:59). والإنسان يُرْهِبُ غيره بأساليب متنوعة ولأغراض متعددة، فإن كان لغرض مشروع كالتأديب والنهي عن المنكر كان مشروعًا، ومنه: - تأديب الصبي إذا ترك الصلاة: "وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْر". - وتأديب الزوجة الناشز: "وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ" (سورة النساء:34). - إرهاب العدو منعًا لعُدوانه علينا، وذلك بالاستعداد لمقاومته وبوسائل أخرى كالدِّعاية لتخْويفه، قال تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ ". (سورة الأنفال:60). أما المعنى الثاني للإرهاب - وهو الذي انتشر معناه وغلب على الكلمة - فهو الاعتداء على المظلومين وقتل المدنيين بدون سبب مشروع، وهو - كما يرى العلماء - محرم شرعًا ، فكل من اعتدى على مدني مسلم أو غير مسلم ، فقد تجاوز حد الله، ذلك أن الإسلام دِينُ السلام، لا يبدأ بعُدوان، ويُؤْثِر السلامة على المُخاطرة، والحب على الكراهية، والقرب على البعد، والاجتماع على الفرقة والتشتت قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ" (سورة البقرة:208)، وَهُو دخول في السِّلْم بَيْن المُسلمين بعضهم مع بعض وبينهم وبين غيرهم، قال تعالى: "وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ" (سورة الأنفال:61). مفهوم الإرهاب ومن الملاحظ أن مفهوم ظاهرة الإرهاب تعددت خاصة في السنوات الأخيرة، بسبب تعدد السياسات والثقافات والعقائد للشخص أو الهيئة أو المنظمة أو الدولة، وظهر أن هناك تباينًا كبيرًا بين مفهوم الإرهاب في الرؤية السياسية عنه في الرؤية الإسلامية. المحور الثاني: مظاهر الإرهاب أما مظاهر الإرهاب المشهودة، فقد بينها معالي د.التركي كما يلي: 1) قتل الأنفس البريئة والمعصومة، مسلمة كانت أو غير مسلمة. 2) تدمير الممتلكات العامة والخاصة، والمرافق التي ينتفع منها الناس، وإهدار الأموال وضياعها. 3) ترويع الآمنين ونشر الخوف والفزع بين الناس. واستشهد معاليه بالعديد من الأحداث المرتبطة بهذه المظاهر التي تدخل في نطاق المحرمات المؤكدة في الشريعة الإسلامية. المحور الثالث: آثار الإرهاب وعدد معاليه آثار الإرهاب على المجتمع المسلم، وبين أنه يشغل المسلمين عن مهامهم، مشيراً إلى أن من أبرز آثاره: 1) الإخلال بأمن الأمة، وهذا يؤدي إلى الإخلال بحياة الناس في المجالات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها. 2) إعطاء الذريعة لأعداء الأمة للهجوم على الإسلام والمسلمين ومجافاتهم. 3) شق عصا الطاعة لولاة الأمر، وفي هذا مخالفة عظيمة لأمر الله سبحانه: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء:59). المحور الرابع: موقف الإسلام من الإرهاب موقف الإسلام من الإرهاب وتحريمه القطعي مشيراً إلى ما يلي: 1) اعتبار الإسلام سفك الدماء وقتل الأنفس المعصومة من أشد المحرمات وأشار إلى أن ذكر تحريم سفك الدماء ورد في مواضع تصل إلى 120 موضعاً في القرآن الكريم، ومن ذلك قوله سبحانه: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ} (الإسراء:33). 2) تحريم الإسلام الإفساد في الأرض: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} (الأعراف:56). 3) اعتبار الفساد في الأرض محادة ومحاربة لله ورسوله، وفرض عقوبة قاسية بشأنه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (المائدة:33). 4) تحريم أساليب الترويع والتخويف، حيث وردت نصوص عديدة في الكتاب والسنة بهذا الشأن ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لمسلم أو مؤمن أن يروع مؤمناً " و: " من حمل علينا السلاح فليس منا ". المحور الخامس: أسباب الإرهاب أسباب الإرهاب المتعددة، ومنها: 1) إتباع الهوى. 2) التأثر بالآراء المضللة. 3) الغلو في الدين. فقد أثار مشروع قانون الإرهاب الذي وافقت عليه الحكومة وقسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة ومجلس القضاء الأعلى موجة من الجدل ما بين من يتحفظ على القانون ويبدى تخوفات كثيرة من أن يؤدى القانون إلى الإضرار بالمناخ العام للحريات بسبب أن التعريفات الخاصة بالعمل الإرهابي وتمويل الإرهاب جاءت فضفاضة ومرنة وغير منضبطة، لان القانون لم يحدد ما هي الوسائل الإرهابية وما هو الغرض الإرهابي أو مفهوم التخابر وساوى في العقوبة بين تهمة التحريض والجريمة التامة وتجاهل القصد الجنائي وهو أن يكون المتهم على علم بالجريمة، وتوسع في العقوبات لدرجة أنه عاقب بالسجن المؤبد أو بالسجن المشدد الذي لا تقل مدته عن عشر سنين كُل من حاول بالقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع أو بغير ذلك من وسائل العمل الإرهابي تغيير شكل الحكومة، وتحفظاتنا على القانون وهى: أولا: المادة الأولى من القانون عرفت الجماعة الإرهابية بأنها كل جماعة أو جمعية أو هيئة أو جهة أو منظمة، أو عصابة مؤلفة من ثلاثة أشخاص على الأقل، تهدف إلى ارتكاب واحدة أو أكثر من جرائم الإرهاب. ما معنى الجهة؟ لأنها كلمة إنشائية لا تنبئ عن نص منضبط. ثانيا: عندما عرف القانون الجريمة الإرهابية ذكر أنها كل جريمة منصوص عليها في هذا القانون، وكذا كل جناية أو جنحة ترتكب باستخدام إحدى وسائل الإرهاب أو بقصد تحقيق أو تنفيذ غرض إرهابي، ما هي الوسائل الإرهابية؟ وما هو الغرض الإرهابي؟ لان القانون كان يجب أن يحدد ماهية الأساليب الإرهابية والغرض الإرهابي بدقة كان يقول الغرض الإرهابي هو ما يهدف لقلب نظام الحكم أو تغييره أو إجبار الدولة على فعل معين. ثالثا: توسع المشرع في تعريف العمل الإرهابي وما هو معنى الإضرار بالسلام الاجتماعي والبيئة؟ حيث ذكر تعريف العمل الإرهابي أنه كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع في الداخل أو الخارج، بغرض الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو الأمن القومي، أو إلحاق الضرر بالبيئة، أو بالأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها. هذه المادة أن لو واحد كتب مقالًا عن خطورة الطبقات الغنية وتوحشها وتغولها على المجتمع يكون بذلك ارتكب عملًا إرهابيًا لأنه عمل على إثارة الطبقات الفقيرة مما يهدد السلام الاجتماعي. وكذلك الذين يحرقون قش الأرز، يرتكبون عملًا إرهابيًا لأنهم يلحقون ضررًا بالبيئة، وكذلك أصحاب المراكب النيلية لأنهم يلحقون ضررًا بالنيل ومن يدخل دخل شقة واحد بالقوة أو يستولى على حيازة أرض أو يسرق قمحًا من شونة، بهذا نحول قضايا مدنية إلى إرهابية. رابعا: تجاهل مشروع القانون القصد الجنائي وهو ما يعنى أن المتهم لابد أن يكون على علم بالجريمة حتى يكون هناك عقوبة في حين أن تعريف تمويل الإرهاب لم يراع هذا المبدأ القانوني عندما ذكر أن من بين من يمول الإرهاب هو من يوفر ملاذا آمنا لإرهابي أو أكثر، ولم يذكر أن يكون على علم بأنه إرهابي وهذا أنى لو قمت بتأجير شقة أمتلكها لشخص لا أعرف أنه إرهابي أصبح ممن يمولون الإرهاب. إن عدم توافر القصد الجنائي في عدد من المواد مثل المادة "18" التي عاقبت بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنوات كل من مكن إرهابيا من الهرب، دون أن تذكر أن يكون على علم بأنه إرهابي، وعاقبت في نفس المادة بنفس العقوبة كل من تعامل في أشياء استعملت أو أعدت للاستعمال في ارتكاب جريمة إرهابية. أن المواطن إذا اشترى سيارة كانت معدة لارتكاب جريمة إرهابية كان يعلم بذلك حتى يعاقب؟ غياب القصد الجنائي بعدم توافر المعرفة في المادة 21 التي عاقبت بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنين، كل من حاز سلاحًا تقليديًا لاستعماله أو إعداده للاستعمال في ارتكاب جريمة إرهابية كيف سيتم إثبات أن من يحوز مسدسًا أو أي سلاح تقليدي كان بهدف استعماله في جريمة إرهابية. مساواة التحريض بمرتكب الجريمة التامة خامسا: أن عقوبة الشروع تختلف عن عقوبة الجريمة التامة، لان المادة الرابعة من القانون تحمل خللا جسيما لأنها عاقبت على التحريض على ارتكاب أية جريمة إرهابية، بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة، ولو لم يترتب على هذا التحريض أثرًا. هذا توسيع في العقوبة لأنه مجرد الكلام حتى لو لم يكن له أثر يؤدى إلى معاقبة صاحبة بنفس عقوبة الجريمة التامة. سادسا: المادة السادسة من القانون نصت على عدم مساءلة القائمين على تنفيذ القانون جنائيا إذا استعملوا القوة لأداء واجباتهم، أو لحماية أنفسهم من خطر محدق يوشك أن يقع على النفس أو الأموال، وذلك كله متى كان استخدامهم لهذا الحق ضروريًا وبالقدر الكافي لدفع الخطر، ماذا يعنى الخطر المحدق وما هو معيار الضرورة؟ عدم وضوح معنى التخابر سابعا: لم يحدد القانون مفهوم التخابر الذي تحدثت عنه المادة 13 وعاقبت بالسجن المؤبد كل من سعى أو تخابر لدى دولة أجنبية، أو أية جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة أو غيرها يكون مقرها داخل مصر أو خارجها، أو لدى أحد ممن يعملون لمصلحة هذه الدولة الأجنبية أو أي من الجهات المذكورة، وذلك بهدف ارتكاب أو الإعداد لارتكاب جريمة إرهابية داخل مصر، أو ضد أي من مواطنيها أو مصالحها أو ممتلكاتها أو مقار ومكاتب بعثاتها الدبلوماسية أو القنصلية، أو مؤسساتها أو فروع مؤسساتها في الخارج، أو ضد أي من العاملين في أي من الجهات السابقة، أو ضد أي من المتمتعين بحماية دولية هل منظمات المجتمع المدني تدخل في دائرة التخابر، وهل لقاء سياسيين مع سفراء دول أجنبية تخابر وهل التعاون مع منظمات مجتمع مدني أجنبية أو حقوقية تخابر. ثامنا: عاقب القانون بالسجن المؤبد أو السجن المشدد الذي لا تقل مدته عن عشر سنين، في المادة "13" كل من هدد بالهجوم على مقار البعثات الدبلوماسية أو القنصلية أو الهيئات أو المنظمات الدولية أو الإقليمية أو المكاتب الرسمية أو السكن الخاص لأعضائها في مصر أو في الخارج، لان التهديد بعمل مظاهرة أمام سفارة يخضع لهذه المادة. التظاهر جريمة إرهابية!!