لا شك أن برنامج أي حزب سياسي أو أي شخصية سياسية هي المحدد الرئيسي لاختيار الناخب له ليكون في موقع المسؤولية, وبالتالي فالوعود التي يطلقها المرشح هي المعيار الذي يتم على أساسه هذا الاختيار و إذا كنا نشهد في دول كثيرة مسؤولين كبار يتساقطون لعدم قدرتهم على الوفاء بالوعود المقدمة بنسبة معينة فإننا في بلداننا العربية نرى البرامج الانتخابية و الحكومية تطلق العنان لوعود كبيرة بل و صعبة التحقق أحيانا وذلك لثقة مقدم هذه الوعود بأنها مجرد وعود قد لا تتحقق ولن تتحقق ولو بنسبة ضئيلة و بالتالي فهو يطلق من الوعود ما لا يستطيع أن يفي بها وليس له القدرة على الوفاء بها حتى إن أراد ذلك, وهو يعي ان كلامه سينسى بمجرد مرور شهور بل أيام قليلة على تربعه على منصبه, لكن الكذب السياسي بالمغرب يتخد أشكالا كثيرة بين الكذب الانتخابي و الكذب في البرامج الحكومية مرورا بالكذب المؤسساتي و القطاعي و الكذب المسكناتي ...الخ يعاني المغاربة الله اشافي من ضعف في الذاكرة و/أو ربما من التسامح الزائد عن حده و يستغل المسؤولون هذا الضعف في الذاكرة من أجل الكذب على المواطنين لإلهائهم بكذبة ما و العيش على صدى هذه الكذبة الى حين نسيانها ثم العودة من جديد الى كذبة جديدة تسكن الرأي العام مدة معينة أخرى و هكذا دواليك. لنستعرض معا مجموع الكذبات التي عاش عليها المغاربة في السنوات الأخيرة و التي كانت كمسكنات للشعب حتى لا ينفجر و حتى يبقى على الأمل إلى حين كذبة جديدة. لن أغرق في التاريخانية بل سأكتفي بخطوط عريضة للكذبات السياسية السلطوية التي عاش عليها المغاربة مدد طويلة وأخرى متوسطة: كذبة حكومة التناوب عاش المغاربة أملا في حكومة اشتراكية كان المتوقع منها قطيعة كبيرة مع الحكومات السابقة و فعلا عملت هذه الحكومة بقيادة اليوسفي في بداياتها على التفكير في حلول إستراتيجية للمشاكل الكبرى للمملكة لكن هذه الحكومة الأمل الكذبة ما لبثت أن عادت حكومة مميعة كسابقاتها ولاحقاتها و دجن الكل أو ربما جاء مدجنا أصلا فغابت الاستراتيجيات التي كانت موضوعة ولم نرى تحقيقا على أرض الواقع, وجاء اليوسفي و ذهب وكما كان كما سيكون. كذبة النفط بعد أن ضاق العيش بالمغاربة و كاد الشعب أن يثور ثورة خبز جديدة أطلقت السلطة كذبة اكتشاف النفط بالمغرب وعاش المغرب و المغاربة أملا جديدا متجددا في حياة وردية وتصوروا أنفسهم خليجيين جدد وفي كل يوم يعلن عن اكتشاف حقل جديد وهكذا الآخر ثم الآخر و الاكتشاف تلو الآخر حتى ظننا أننا نعيش فوق بحر نفطي لا شاطئ له, دون أن ينفي المخزن خبرا سابقا وعاش المغاربة مع طلات بن خضرة على هذا الأمل الكبير و الى اليوم لا يوجد أي تصريح رسمي عن مسار هذه الاكتشافات بل و ازداد الامر بعد أن تم تأكيد حجم الاستكشاف و حجم الاستثمار بين نفط و غاز. كذبة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أطلقت الدولة وعودا بالقضاء على الفقر بواسطة عصا سحرية سميت بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية واستبشر الناس خيرا وانطلقت وأصبح كل مشروع كان يقام قبل انطلاق المبادرة فيسمى بها و كل دكان أو معمل أو رصيف يسمى باسمها حتى سمعنا من باب التفكه أن تسمية المواليد تدخل به المبادرة ومرت السنوات دون اي يتغير شيء في دار لقمان. كذبة التخفيض من أسعار المواد الغذائية الكل يتذكر وسائل الاعلام المغربية الرسمية التي أعلنت قبل انطلاق حراك حركة 20 فبراير أثمنة جديدة لأغلب المواد الغذائية الحياتية و التي فرح المغاربة بها اذ أنها كانت بالفعل أثمنة تتلاءم والجيب المغربي لكننا الآن بعد أن نسي المغاربة الموضوع نرى زيادة في الأسعار بطريقة جنونية. والكذبات كثيرة وعامة ومجالية ككذبة اصلاح التعليم و مثاقها وإصلاح الأسرة والسيرو مدونتيهما و التصالح والإنصاف وهيأتها و......وصولا الى الدستور الجديد و الذي وصف أنه دستور الحريات بامتياز هذه الحريات التي ترجمت الى اعتقالات و تضييقات و زيادات و وصف بأنه دستور ربط المسؤولية بالمحاسبة فدشنوا لنا توزيع مناصب مهمة على من له سوابق في سرقة المال العام و اختلاس الميزانيات و وصف انه دستور الانتخابات النزيهة فعمل بتقطيع انتخابي عليل وعدم اعتماد البطاقة الوطنية و تأجيل الانتخابات الجماعية و ضبابية مصير الجهوية الموسعة........الخ هذه هي سياسة السلطة كذب تينساو الكذبة أو عاود وحدا أخرى نتمنى صادقين ان يكفوا عن الكذب السياسي فالمؤمن لا يكذب و ان يشاركونا هم الوطن فإننا لا نحتاج الى كذب فالوطن وطننا بسلبياته و ايجابياته و مستعدون للصبر حتى يستقيم هذا الوطن شامخا بين الأوطان بل مستعدون لنهج سياسة التقشف, لكن لنتقشف جميعا أو نرفه جميعا. ياسين گني(غير فمي وما گال)