لقد فوجئ جميع المتتبعين للشأن السياسي الوطني بالمنطق القمعي الذي تعاملت به حكومة السيد بنكيران مع ملف الأساتذة المجازين وحاملي الماستر المقصيين من الترقية بالشهادة ، فوجي 2012 2013 المعتصمين في الرباط من أجل مطالبهم المشروعة والعادلة في الترقية بالشهادة. علما أن هذه الأحداث المؤلمة تشكل تراجعا خطيرا عن المسار الديمقراطي- المرتكز على فلسفة حقوق الإنسان- الذي توافق عليه المغاربة من طنجة إلى الكويرة. كما أن استنجاد الحكومة بالمقاربة القمعية في تدبير الشأن العام يشير إلى مجموعة من الدلالات الخطيرة ٬ أبرزها: أولا: استمرار وتيرة الانتهاكات و الخروقات التي تطال ممارسة الأفراد والجماعات لحقهم في حرية التعبير عن الرأي بشكل سلمي، رغم دخول دستور يوليو 2011 حيز التطبيق. وهذا أمر خطير يهدد السلم الاجتماعي الذي يعرفه المغرب و يمنح أعداء الوحدة الترابية مجالا للمناورة في المحافل والمنتديات الدولية. وعليه ٬ يتوجب على صناع القرار التقاط هذه الإشارات الإنذارية ٬ وتجنب لغة القمع التي لم تعمل سوى على تعقيد المشكلات ٬ وزيادة الاحتقان ٬ وتأخير المغرب في سلم الحضارة الإنسانية. ثانيا : غياب الإرادة الحقيقية لإصلاح منظومة التربية والتكوين ٬وذلك بتهميش العنصر البشري (الطاقم التربوي)، وجعله في أدنى السلم الاجتماعي ٬ فلا قيمة للشواهد العلمية العليا التي يحملها رجال ونساء التعليم والتي لا يتوفر عليها العديد من الوزراء ٬ وكأن الحكومة تعاقب كل من تسول له نفسه تحصيل المعرفة وطلب العلم . فلا عجب إن قلنا أن الحكومة الحالية تعمل على إغراق قطاع التعليم في المحيط في الوقت الذي كان عليها أن تنقذه من الغرق في البحر. ثالثا : التلميح بعودة المغرب إلى ظلمات القمع والتضييق على الحريات وإعلاء صوت" الزرواطة " في زمن الربيع العربي والانفتاح السياسي والحقوقي الذي يعرفه المغرب.وهذا ما يظهر جليا في امتهان المخزن لكرامة رجال ونساء التعليم مرة تلوى الأخرى. بيد أن ما يثير الدهشة في تعاطي الحكومة مع هذا الملف المطلبي العادل وتعنتها هو المنطق الغريب الذي تروج له في تبريرها لاستثناء فوجي 2012 و2013 من الترقية بالشواهد الجامعية دون الأفواج السابقة ، حيث ربطت هذا الموضوع بالظرفية السياسية التي عرفها المغرب آنذاك والتي حتمت عليه ترقية جميع الأفواج ٬ في إخلال واضح بمبدأ تكافؤ الفرص كحق دستوري يتمتع به جميع المواطنين ٬ وفي تكريس لداء المزاجية و منطق الارتباك الذي يحكم عمل الحكومة الحالية. والحقيقة المنبلجة من أتون هذا القمع هي أن استباحة حقوق الأستاذ تؤشر على مرحلة خطيرة في منهجية تعاطي الحكومة مع الشأن العام. ذ. رضوان قطبي