كيفما كانت تشكيلة الحكومة المرتقبة، فإن حظوظ ولادتها ستكون بفضل دخول اللاعب الجديد في شخص حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي لن يكون مرمما أو منقذا لحزب العدالة والتنمية فقط، بل فاعلا أساسيا في تدبيرها، كما يقول ذلك مزوار، إلذي يعتبر دخوله إلى التحالف الحكومي الجديد خطوة متقدمة في إصلاح الأعطاب، التي كانت تواجهها حكومة بن كيران الأولى. إن ما يهمنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، هو استعادة الحكومة لعافيتها من أجل الانكباب على ما ينتظرها من تحديات في مختلف المجالات، لأن الاستقرار الحالي في تركيبتها الهشة لم تسعفها فيه مبادرات جريئة لأعضائها لصيانة تحالفها، الذي خرج منه الاستقلاليون مؤخرا، أو امتلاكها لخطة عمل مؤسسية، قادرة على إقناع الخصوم والرأي العام الوطني، منذ قيامها حتى الآن، اللهم إلا خرجات رئيسها، وقراراته، التي لم تكن تحظى بمباركة أطرافها، ناهيك عن المعارك التي خلفتها مواقفه الانفعالية والارتجالية، وهذا ما يفرض على الوافد الجديد، أعباء إضافية لا يتوقع أن يتجاوزها في ظل التدبير الحكومي الحالي، الذي اتضحت عيوبه في أكثر من مجال، وتبدو المسؤولية ثقيلة على الحزب الحاكم، إذا أراد تخطي الوضعية الحالية، إن كان يؤمن بأن الاستقرار الحكومي أساسي في تدبير الشأن العام، خصوصا، وأن حكومة بن كيران، منذ ولادتها وهي تواجه الإكراهات الطبيعية والمفتعلة، ولا سبيل إلى تجاوزها بدون الانسجام في تركيبتها النسبية، التي لم تتحقق في ظل التباين الذي ينجم عن تحالفاتها، التي لم تعمر طويلا نتيجة التناقضات في الرؤى والمناهج واستراتجيات العمل، والتي لم تساعدها بفعل التشدد في المواقف بين مكوناتها الحزبية والنقابية، التي جعلت أغلبيتها في البرلمان والحكومة، تفتقر إلى الوحدة والانسجام والالتزام حتى خروج الفريق الاستقلالي منها. هل سيصمد إذن التحالف الحكومي الجديد في وجه ما ينتظره مستقبلا إلى نهاية الانتداب الحكومي الراهن ..؟ وهل في متناول هذا التحالف ما يستطيع به مواجهة انتظارات المواطنين والمعارضة ..؟ وهل سيتوقف صقور حزب العدالة والتنمية على السلوكات التي عصفت بحكومتهم الأولى ..؟ وهل سيتمكن رئيس الحكومة من إنجاز ما وعد به الناخبين والبرلمانيين في برنامجه الانتخابي ..؟ وهل الوافد الجديد على الحكومة يتوفر على ما يمكن الخروج به من العجز في معالجة الأزمة الهيكلية، التي تواجه الوطن والمواطنين ..؟ وهل هناك أمل في تجاوز المأزق الملموس في الأداء الحكومي الحالي ..؟. إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لم نكن في أي يوم هواة للمعارضة السلبية أو دعاة للنقد المجاني الرخيص ضد أي أحد، ومن هنا تعتبر الأسئلة التي نطرحها من صميم دورنا النقابي والوطني، الذي يجبرنا على المساءلة الصريحة لمن يتحملون المسؤولية الحكومية في أفق إثارة انتباههم إلى ما هو مطلوب منهم اتجاه الوطن والمواطنين، وما كنا منذ قيام نقابتنا في الاتجاه الذي يعاكس هذا المنظور الوطني المسؤول، الذي لا نغازل فيه ولا نجامل دفاعا على المصالح العليا، التي تلزم الجميع بضرورة العمل على إنجازها في أحسن الظروف، ومهما كانت التحديات والعراقيل. على ضوء هذه القناعة النقدية الوطنية، لا نجد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة الحرج أو مركب النقص في التعبير عن وجهة نظرنا المسائلة والمنتقدة لما أصبح عليه واقع الأداء الحكومي، الذي نتمنى أن يتجاوز المعوقات المرحلية، التي تواجهه حتى يتمكن من الاستجابة لتطلعات المغاربة، التي يمكنه إنجازها من جهة، وتجاوز التحديات المتفاقمة الراهنة في ظل التحالف الحكومي الجديد، إن توفرت الإرادة والنزاهة بين الأطراف، التي يتكون منها، وابتعاد رئيس الحكومة عن تدبيره السابق المرفوض من بعض أطراف أغلبيته، ومن المعارضة من جهة أخرى، والذي تأكد له عجزه الموضوعي نظريا وتطبيقا، من خلال قراره الانفرادي الأخير باللجوء إلى المقايسة في إقرار الزيادة في أسعار المحروقات، الذي شكل ضربة أخرى لما تبقى للمواطنين المغاربة في مواجهة لهيب أسعار المواد والخدمات، التي أصبحت خاضعة لأسعار الأسواق الدولية، والتي لا يمتلك المواطنون القدرة على مواجهتها، في الوقت الذي كان فيه الجميع، بما في ذلك أطراف أغلبيته ينتظرون مناقشة ذلك، واتخاذ القرار المناسب، وفي الظرفية التي يتطلع فيها إلى إنقاذ حكومته، التي فقدت أغلبيتها عقب انسحاب الفريق الاستقلالي منها، احتجاجا على عدم استجابته لمطالبهم المرفوعة إليه، والتي كانت قليلة بالنسبة لما طالب به حزب مزوار. ختاما، لا يسعنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، إلا أن تنجح المساعي المبذولة لإنقاذ الحكومة من الأزمة، التي تواجهها، حتى تتمكن من الانصراف إلى مهامها، التي لا يقدر صعوبتها إلا من يمارسها، والأمل كبير، في تخلي صقور الحزب الحاكم على سياسة الهجوم على خصومهم، للدفاع عن شرعية الوجود الحزبي، بعد أن تأكد لهم مفعول خطورتها على أكثر من صعيد، ما دامت لغة التعالي والقذف المجاني لا تساعد صاحبها على إخفاء عيوبه ونقائصه، خصوصا إذا كان مسؤولا .. ! . الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة