نظم المركز المغربي لحقوق الإنسان بإقيم كليميم، وبشراكة مع المنسقية الجهوية للتعاون الوطني بكلميم، واللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، ومجلس جهة كلميم واد نون والمجلس الإقليمي لكلميم، يوما دراسيا حول موضوع : الهجرة بين المواثيق الدولية والوطنية وواقع الحال. حيث تطرق المتدخلون لجملة من الجوانب القانونية والإجرائية، التي شملت عملية تسوية الوضعية القانونية لآلاف المهاجرين، خاصة من جنوب الصحراء، كما تطرقوا للتحديات الواقعية التي تواجه العملية، فضلا عن إرهاصات المهاجرين والنشطاء الحقوقيين، حول نجاعة العملية وآفاقها المستقبلية، كما تمخض اللقاء على إصدار توصيات هامة، وجهها المشاركون إلى الحكومة المغربي وإلى المجتمع المدني، لينتهى اللقاء بالتفاتة إنسانية رمزية، تسلم على إثرها مجموعة من المهاجرين عددا من الألبسة والأغطية، عربون تضامن من لدن الشعب المغربي إلى أشقائه من المهاجرين بإقليم كلميم. حيث نوه السيد ممثل اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بهذه المبادرة، معربا عن اعتزازه بما يقدمه المجتمع المدني، إلى جانب الهيئات الحكومية، في مجال التحسيس بقضية الهجرة ، والنهوض بواقع المهاجرين ببلادنا، حيث قدم سردا اكرونولوجيا بخصوص ما قام به المجلس الوطني لحقوق الإنسان في هذا المجال، بعد إصداره لتقرير حول وضعية حقوق المهاجرين بالمغرب، مما استدعى إلى إصدار توجيهات ملكية للحكومة، من أجل القيام بواجبها إزاء المهاجرين، ليستتبعه إصدار تعليمات إلى السلطات العمومية لبدئ عملية التسوية للأفارقة، وفق شروط محددة، وبطريقة سلسة. وفي ذات السياق، اعتبر السيد طالب بويا أبا حازم، المنسق الجهوي للتعاون الوطني بجهة كلميم واد نون، أن المغرب نجح نجاحا باهرا في سياسته، الهادفة إلى تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين، المقيمين بالمغرب، وقدم نموذجا نوعيا بخصوص سياسة الهجرة واللجوء، حيث ما فتئ يبذل قصارى جهوده من أجل تحقيق إدماج كلي للمهاجرين المقيمين على أراضيه، بما يضمن لهم فرص العيش الكريم، وفق ما تقتضيه القوانين الجاري بها العمل، وفي احترام للمواثيق الدولية، المصادق عليها من طرف المملكة المغربية، حيث أوضح بأن مؤسسة التعاون الوطني دأبت، منذا الإعلان عن سياسة المغرب في هذا المجال، على فتح كافة مؤسساتها، مركزيا وجهويا وإقليميا ومحليا، في وجه المهاجرين، من أجل المساهمة في تسوية وضعيته، ومساعدتهم اجتماعيا، كما عملت على عقد شركات مع فعاليات المجتمع المدني، بغرض تقوية قدراتها لتحقيق تواصل فعال مع المهاجرين، فضلا عن قيامها بمواكبة حثيتة للمهاجرين في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية. من جهته، وبعد استحضاره للأبعاد السياسية والحقوقية التي تحكم سياسة المغرب في مجال الهجرة واللجوء، أكد السيد عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان على دور منظمات المجتمع المدني في إنجاح سياسة الهجرة واللجوء بالمغرب، لما يقتضيه من أهمية، خاصة من الناحية الحقوقية والتحسيسية، كما أن عملية التفاعل المجتمعي، المحفز على الإدماج الاجتماعي، لا يمكن أن تتحقق إلا بفضل مساهمته في الميدان، حيث يحمل على عاتقه مهمة تقريب الثقافات وتلاقحها بشكل إيجابي متناغم، كما أكد على أن المركز المغربي لحقوق الإنسان ما فتئ يعلب دور الوسيط في الدفاع على حقوق المهاجرين في العديد من المناطق، بما تكفله القوانين المحلية والدولية، كإطار مؤسساتي مستقل، وسيدعم توجهه في المستقبل القريب بشكل مؤسساتي وعلى نطاق التراب الوطني، وفي ذات السياق، تساءل المتدخل عن استعداد المغرب لمواجهة التحديات الحقيقية التي تواجه عملية الادماج السيوسيواقتصادي للمهاجرين، حيث أكد أن السياسة الحالية، تعتيرها العديد من النقائص، من شأنها تعميق الاختلالات، خاصة ذات الطبيعية الاجتماعية والاقتصادية، في ظل ضيق الأفق الاقتصادي، الذي يتجسد في تنامي ضعف فرص الشغل، الذي يعاني منه الشباب المغربي، فضلا عن الوافدين من جنوب الصحراء، مما يدفع معظمهم إلى امتهان حرف لا تعدو ان تكون بطالة مقنعة، كمهنة (الفراشة)، الذين يبيعون سلع بسيطة فوق الأرصفة، مما يجعل الحياة اليومية للأشقاء الأفارقة تتخللها مخاطر الصراعات اليومية، سواء بين المواطنين والمهاجرين، أو بينهما وبين ممثلي السلطات العمومية، وهو ما يستدعي الاعتراف بأن مشروع التنمية المستدامة لم يستطع رفع التحديات، ووجب التفكير في رؤية مبتكرة، تحقق دينامية تنموية تضمن انخراط الجميع ضمن بوثقتها، خاصة وأن عملية إدماج المهاجرين عملية محفوفة بالمخاطر، حيث اعترفت الدول الأوروبية نفسها بفشلها في ذلك، كما أن سياسة المغرب في مجال الهجرة واللجوء جاءت ضمن سياقات إقليمية مخطط لها، دفعت بدول الاتحاد الأوروبي إلى تشجيع المغرب على تبني هذه السياسة للتخفيف من الأضرار التي تلحقه بسبب تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية، مما يجعل المغرب في مواجهة مع تحديات جيوسياسية واقتصادية في آن واحد، إلا أنها تشكل مناسبة مهمة، إذا توفرت أسباب نجاحها، للعب دور محوري في التأسيس لهجرة جنوب جنوب، وفي تحقيق استراتيجيته القارية، الهادفة إلى تحقيق اندماج افريقي شامل. من ناحية أخرى، استعرض الأستاذ أبا سيدي العلوي، رئيس المكتب الإقليمي للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان جملة من الاتفاقيات والتفاهمات الدولية، المتعلقة بالهجرة واللجوء، التي التزم بها المغرب، وكذا الدستور المغربي، خاصة الفصل 30 و71 منه، وكذا القوانين الوطنية المؤطرة لقضايا الهجرة والجوء، حيث اعتبر وجود الأفارقة في المغرب، وكذا السوريين، مسألة كرامة، وبحث طبيعي ومشروع على لقمة العيش وعلى الأمن والأمان. ومن جهتها، سلطت السيدة أم الفضل، وهي ممثلة عن جمعية المهاجرين الأفارقة بكلميم (ADIG)، ومهاجرة من دولة السينغال الضوء على المعاناة اليومية التي يكابدها المهاجرون، حيث يتعرض بعضهم إلى سلوكيات من لدن بعض المواطنين تمتهن من كرامتهم، وترقى بعضها إلى العنصرية، كما أن العديد منهم يتعرض إلى المنع من ممارسة التجارة على الأرصفة، مما يعرضهم إلى الفاقة والفقر، فضلا عن تعذر أبناء بعضهم من الولوج إلى المدرسة، لعدم وجود مدارس تراعي خصوصية مجتمعاتهم، كما اعربت عن رغبتها في مشاركة المواطنين المغاربة مناسباتهم الثقافية وأفراحهم مثلما يفعلون هم، حيث شارك أغلب الحاضرين الجالية السينغالية بكلميم مناسبتهم الدينية، يوم 08 نونبر 2017، والتي تخلد ذكرى الشيخ أحمدو بامبا. وبعد مناقشات وتساؤلات المشاركين في اليوم الدراسي، خلص المتدخلون إلى إصدار التوصيات التالية : ضرورة تعزيز الترسانة القانونية والتشريعية، بما يدعم إدماج المهاجرين في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية. تفعيل دور المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني في عملية إدماج المهاجرين بلورة استراتيجية وطنية لإدماج المهاجرين والاستفادة من طاقاتهم. مطالبة الحكومة المغربية باستفادة المهاجرين من جنوب الصحراء من البرامج الحكومية لمحاربة الفقر والهشاشة، إسوة بالفئات المستهدفة وطنيا. مساهمة الجماعات التربية في الإدماج الاقتصادي للمهاجرين وفق اختصاصاتها. إدماج جمعيات المجتمع المدني، وخاصة الحقوقية في عملية تسوية وضعية المهاجرين المقيمين بالمغرب، والمساهمة في الإدماج الثقافي والفكري، من خلال مشاركتهم في احتفالاتهم وأعيادهم وملتقياتهم الفكرية والثقافية. وفي ختام اليوم الدراسي، ثم توزيع معونات إنسانية رمزية لفائدة عدد من المهاجرين الأفارقة، مع شواهد تقديرية، عربونا على نجاحهم في تحقيق الاندماج الاجتماعي بالمغرب، وذلك بمساهمة من المنسقية الجهوية للتعاون الوطني. حرر بكلميم بتاريخ 11 نونبر 2017 المكتب الإقليمي للمركز المغربي لحقوق الإنسان بكلميم