مشاهد العنف في الأفلام الأجنبية تُرَبّي أجيالا كاملة تؤمن بالعنف كأسلوب للحياة العنف الجنسي صار حاضرا وبشكل واضح فالي ألعاب الفيديو التي تباع حول العالم نشر صور القتل والدمار وتفريق الأشلاء في السيمنا وأفلام الكرتون تُحرّض على العنف في أقصى درجاته كتب: عبد الرحمن هاشم أكد الداعية الإسلامي الدكتور أحمد علي سليمان، من علماء الأزهر الشريف، أنرسالة الإسلام العالمية دعت إلى التوحيد ونادت بالسلام، وكرَّهت العدوان. وقال في حديثه عبر برنامج (الإسلام والحياة) الذي أذيع على الهواء مباشرة بإذاعة القرآن الكريم يوم الاثنين 11 سبتمبر 2017م، إن المسلم الحق من طبعه السماحة، وهو يعامل الناس أيضاً بالسماحة في الأمور المادية، فإذا باع كان سمحاً وإذا اشترى كان سمحاً، وإذا أخذ كان سمحاً، وإذا أعطى كان سمحاً، وإذا قضى ما عليه كان سمحاً وإذا اقتضى ما له كان سمحاً. وبرنامج (الإسلام والحياة) من إعداد وتقديم الزميل الأستاذ السيد صالح، وهندسة الهواء الأستاذ محمد لطفي، وإخراج الأستاذة أميرة بدوي. وأوضح الداعية الإسلامي الدكتور أحمد علي سليمان أن النفس السمحة كالأرض الطيبة الهينة المستوية، فهي لكل ما يراد منها من خير صالحة. وأشار فضيلته إلى أن صور سماحة النفس كثيرة، وسرد منها: 1 – السماحة في التعامل مع الآخرين: ويكون بعدم التشديد والغلظة في التعامل مع الآخرين حتى ولو كان خادماً، فعن أنس قال (خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشرَ سنين، فما قال لي أفٍ قط، وما قال لشيء صنعتُه لم صنعتَه، ولا لشيء تركتُه لم تركتَه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسنْ الناس خلقا ). 2 – السماحة في البيع والشراء: وتكون السماحة في البيع والشراء، بأن لا يكون البائع مغالياً في الربح، بل عليه أن يكون كريم النفس. وفي المقابل على المشتري أيضاً أن يتساهل وألا يدقق في الفروق اليسيرة، وأن يكون كريماً مع البائع وخاصة إذا كان فقيراً. 3 – السماحة في قضاء الحوائج: إن الذي يقضي حوائج الناس فينفس كربتهم وييسر على معسرهم ييسر الله عنه في الدنيا والآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم، قال: (من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه). 4 – السماحة في الاقتضاء: قال تعالى: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة: 280). كما أورد فضيلته في برنامج (الإسلام والحياة) نماذج من سماحة الرسول صلى الله عليه وسلم جاءت كالتالي: عن أم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها) قالت: ما خير رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها. قال صلى الله عليه وسلم: "لا يرحم الله من لا يرحم الناس" وكلمة الناس هنا تشمل كل أحد من الناس. وعن أبي هريرة رضى الله عنه قيل: يا رسولَ اللهِ! ادْعُ على المشركين. قال: "إني لم أُبعَثْ لعَّانًا وإنما بُعِثتُ رحمةً"(مسلم). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "إنَّكَم لن تَسَعُوا الناسَ بأموالِكم، ولكن يَسَعُهم منكم بسطُ الوجهِ وحسنُ الخُلُقِ"(البخاري والترمذي). ورفقه بالأعرابي الذي بال في المسجد ونهي الصحابة الذين هاجوا وماجوا وأرادوا أن يتناولوه قائلاً" دعوه وهريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين"(البخاري). وكان (صلى الله عليه وسلم) يعامل مخالفيه من غير المسلمين في البيع والشراء والأخذ والعطاء، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:" توفي النبي (صلى الله عليه وسلم) ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين. يعني: صاعا من شعير. وشدد النبي صلى الله عليه وسلم في الوصية بأهل الكتاب وتوعد كل مخالف لهذه الوصايا بسخط الله وعذابه، فجاء في أحاديثه الكريمة: . يقول الرسول(صلى الله عليه وسلم) "من آذى ذميا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله". . ويقول "من آذى ذميا فأنا خصمه ومن كنت خصمه، خصمته يوم القيامة". . ويقول عليه الصلاة والسلام: "من ظلم معاهدا، أو انتقصه حقا، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة". . سماح النبي لوفد نصارى نجران بالصلاة في مسجده، و-إباحة مؤاكلة أهل الكتاب، وإباحة الزواج من أهل الكتاب، ووقوف النبي (صلى الله عليه وسلم) أثناء مرور جنازة يهودي، كما أن المسلمين حكموا اليونان طوال عدة قرون، ولم يتحولوا إلى إلإسلام. وقال الداعية الإسلامي د. أحمد علي سليمان إن الإسلام أقام منهجه في علاقاته مع المختلفين على أساس متين فلم يضق ذرعا بالأديان الأخرى، وشرع للمسلم أن يكون حسن المعاملة رقيق الجانب لين القول مع المسلمين ومع غير المسلمين فيحسن جوارهم. روى الإمام مسلم فى صحيحه عن حذيفة بن اليمان قال: "ما منعنى أن أشهد بدرًا إلا أننى خرجت أنا وأبى، فأخذنا كفار قريش فقالوا: إنكم تريدون محمدًا ! فقلنا: ما نريد إلا المدينة ؛ فأخذوا العهد علينا: لننصرف إلى المدينة ولا نقاتل معه. فأخبرنا النبى صلى الله عليه وسلم.فقال:" نفى بعدهِهم،ونستعين الله عليهم". وعرض الداعية الدكتور أحمد علي سليمان بعض شهادات المنصفين عن سماحة الإسلام، ومنها: الفيلسوف جورج برناردشو: "الإسلام هو الدين الذي نجد فيه حسناتِ الأديانِ كلِها، ولا نجد في الأديانِ حسناتِه! ولقد كان الإسلام موضع تقديري السامي دائمًا، لأنه الدين الوحيد الذي يملك القدرة على جذب القلوب عبر العصور، وقد برهن الإسلام من ساعاته الأولى على أنه دين الأجناس جميعًا؛ إذ ضم سلمان الفارسي، وبلالًا الحبشي، وصهيبًا الرومي، فانصهر الجميع في بوتقة واحدة". كتب نصارى الشام في صدر الإسلام سنة 13ه إلى أبي عبيدة بن الجراح رضى الله عنه يقولون: "يا معشر المسلمين أنتم أحب إلينا من الروم، وإن كانوا على ديننا، وأنتم أوفى لنا وأرأف بنا وأكف عن ظلمنا، وأنتم أحسن ولاية علينا ". ويقول بول فندلي وهو عضو سابق في الكونجرس الأمريكي: "على المسلمين الإعلان جهرا عن هويتهم الإسلامية والبحث عن وسائل تمكنهم من عرض حقيقة دينهم على غير المسلمين.. ولا يجدر بهم انتظار حدوث أزمة كي يُعْلِموا الآخرين حقيقةَ دينِهم.. لا بد للمسلمين أن يُجاهروا بإسلامهم مجاهرةً يكون سلوكُهم الحسنُ معها وإنجازاتهم المجدية سبيلا للتعرف على الإسلام". ولفت فضيلته إلى أن العنف على النقيض من السماحة وأن مظاهره تتنوع ويمكن تصنيفها على النحو الآتي: العنف مع المخالفين في الرأي العنف مع المخالفين في الدين العنف مع الأطفال العنف مع النساء العنف مع الحيوان.العنف مع التراث الإنساني. ومن النماذج: – سفك دم المسلم واستباحة ماله وعرضه بعد تكفيره بحجة ارتكابه المعاصي. – استباحة قتل المخالفين ونسائهم وأطفالهم، اعتقادا منهم أن أطفال مخالفيهم مخلدون في النار. – ارتكاب العنف في حق المسلمين بناء على فهم منحرف لمعنى الجاهلية. – ارتكاب العنف مع غير المسلمين بناء على فهم منحرف للجهاد. وقال إن المتشددين اختزلوا مفهوم الجهاد في القتال ومفهوم القتال في القتل، وغاب عنهم أن مفهوم الجهاد المتسع يكون بالقلب وبالدعوة إلى الله، وهداية الخلق، والجهاد القتالي نوعان جهاد الدفع، وذلك يكون إذا اجتاح العدو بلاد المسلمين فوجب على الجميع قتاله، وجهاد الطلب: وقد زالت الحاجة إليه في زماننا، فقد شرع لدرء الحرابة لا لإزالة الكفر، وعصر الأقمار الصناعية والشبكة العنكبوتية، صار متاحا فيه بلاغ رسالة الإسلام إلى العالم كله. وسرد فضيلته صوراً أخرى للعنف، ومنها: – العنف الأسري – العنف المدرسي – العنف الرياضي – العنف الروائي – العنف الجنسي – العنف الإعلامي – ولعل من أسوأ مظاهر التحديات الإعلامية شيوع ثقافة العنف بين الشباب، والتي تم اكتسابها من الأفلام الأجنبية عبر فضائيات الغرب، وآلياته الإعلامية الجديدة، التي مِن شأنها تنشئة أجيال كاملة تؤمن بالعنف كأسلوب للحياة وكظاهرة عادية وطبيعية ومألوفة. – ومما يؤسف له أن مشاهد العنف والضرب وتفريق الأشلاء صارت مألوفة وطبيعية لدى قطاع كبير من الجماهير بسبب العنف الإعلامي المبثوث في الدراما وفي أفلام الكرتون وفي ألعاب الفيديو وغيرها؛ فالعنف الإعلامي يكبر جدا ويزادد بعد التوسع في المواد المرتبطة بالعنف في السينما والكرتون وغيرها باعتبار العنف وسيلة طبيعية وحاسمة، أضف إلى ذلك أن حرص كثير من القنوات الفضائية على زيادة عدد المشاهدين من أجل الحصول على الإعلانات لذلك تلجأ إلى نشر صور الإثارة الصادمة، من خلال نشر القتل والموت والعنف، كما أن النصوص المحرضة على العنف في أقصى درجاته قد أمست نصوصا مألوفة في صناعة الأغاني العالمية التي يتغني بها كثير من الشباب في بلادنا وفي شتى انحاء العالم.. – إضافة إلى أن العنف الجنسي صار حاضرا وبشكل واضح في ألعاب الفيديو التي تباع حول العالم، فمن قواعد هذه الألعاب أن اللاعب يجازي على فعله الجنسي بمجموعة من النقاط (الحوافز) فكلما اعتدى اللاعب وزاد عنفه على أشخاص في الفيديو وقتلهم وفرق أشلاءهم أو اعتدى عليهم جسديا أو جنسيا كلما كان بطلا، وهكذا تربي هذه الألعاب شبابا وأجيالا على العنف واعتبار العنف للأسف الشديد منهج حياة.. ولفت الداعية الإسلامي الدكتور أحمد علي سليمان الأنظار إلى نشر السماحة وإحياؤها في نفوس الناس ونبذ العنف مطلب إيماني أصيل؛ حتى ينعم المجتمع بالأمن والاستقرار ويعم الرخاء، فالعنف غير المبرر من الجماعات والأفراد مرفوض، واستخدام مبدأ الحكمة والموعظة الحسنة أمر مطلوب فتقابل الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة كما تعلمنا من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولإحياء السماحة ونبذ العنف يدعونا الإسلام إلى: أوّلا:إصلاح ذات البين قال تعالى: {فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ} (الأنفال:1)، وروى الترمذى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من الصيام والصلاة والصدقة». قالوا بلى يا رسول الله. قال: «إصلاح ذات البين؛ فإن فساد ذات البين هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين». ثانيا: طلاقة الوجه واستقبال النّاس بالبشر قال معلم البشرية وخير البرية صلى الله عليه وسلم: «تبسُّمُك في وجهِ أخيك صدَقةٌ/ وأمرُك بالمعروفِ ونهيُك عن المنكرِ صدَقةٌ/ وإرشادُك الرَّجلَ في أرضِ الضَّلالةِ لك صدَقةٌ/ وإماطتُك الأذَى والشَّوْكَ والعظْمَ عن الطَّريقِ لك صدقةٌ/ وإفراغُك من دلْوِك في دلْوِ أخيك لك صدقةٌ». ثالثا: طيب الكلام، وحسن المقال، ونشر السلام، وإطعام الطعام، ووصل الأرحام صفات تسامح تنبئ عن سلامة الصدر قال تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} (البقرة من الآية:83)، وقال صلى الله عليه وسلم: «يا أيُّها النَّاس أفشوا السَّلام، وأطعموا الطَّعام، وصلوا الأرحام، وصلُّوا باللَّيل والنَّاس نيام، تدخلوا الجنَّة بسلام». رابعا: حسن المصاحبة والمعاشرة والتّغاضي عن الهفوات، لأنّ من كان سمح النّفس كان حسن المصاحبة لإخوانه ولأهله ولأولاده ولِخدَمِه ولكلّ من يخالطه أو يرعاه/ يُسامح ويعذر؛ فعدم قبول المعذرة خطأ كبير. خامسا: تحديد اتجاهات الخطاب الديني ليسهم في ترسيخ القيم الأخلاقية والسلوكية، والاقتصادية، فالأخلاق هي أعظم ما وصف به النبي (صلى الله عليه وسلم)(وإنك لعلى خلق عظيم) (القلم/4) سادسا: العناية بترسيخ الانتماء الوطني، واحترام ثقافة الآخر، والإيمان بسنة التنوع، وثقافة التعدد. سابعا: تعظيم حرمة المال العام، وحقوق الآخر. ثامنا: تعميق المشترك الإنساني بين بني البشر أجمعين انطلاقا من قوله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا…)(الحجرات/13)، والابتعاد عن خطاب التطاقع والتنفير، والاتجاه لخطاب التبشير، والعناية بالخطاب الواقعي العملي الذي يلامس حياة الناس، ويحل مشكلاتهم. تاسعا: لين الجانب في الخطاب تأسيا بما وصف الله به نبيه (صلى الله عليه وسلم)(فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) (آل عمران/159)، وإشاعة خطاب التعاون والاتفاق، ومجابهة خطاب التنافر والاختلاف. عاشرا: مواجهة المفاهيم الدينية الخاطئة وقد خطا الأزهر الشريف خطوات جادة في هذا المجال. وختم حديثه بقوله: أهل الأرض لن يحكموا على ديننا من خلال الخطب الرنانة، ولكنهم يحكمون من خلال واقعنا ورؤيتهم لنا، ومن خلال أدائنا الحضاري المميز ومن ثم يجب علينا أن نتقدم علميًا وفكريًا وسلوكيًا وإنتاجيًا فى كل مواطن الحياة. نحن لسنا أقل من كوريا واليابان والصين، ولسنا أقل من شعوب أوروبا وأمريكا، فشبابنا يجب عليه أن يُبدع ويبتكر فى مواطن العلم والبحث العلمي العمل والإنتاج فى مجالات: الهندسة،الجيولوجيا،الذرة،الكيمياء،البناء، الطب،فى كل مجالات الحياة، فيجب علينا أن نعمل ونبحث عن العمل النافع في أي مجال ونتقنه، ولنعلم أن الفراغ والجدة مفسدة للشاب أيما مفسدة. وينبغى ألا تحتقر دورك في أي عمل حلال، نحن لا نحتاج إلى أن تكون الأمة كلها مشايخ على المنابر ولكن نحتاج إلى مبدعين ومبتكرين ومخترعين في كل مجالات الحياة.. نحتاج إلى الأداء الحضاري المتميز، الذي يجعل العالم كله يشير إلينا بالبنان. للاطلاع على الحلقة: