تشييع جنازة الراحل محمد الخلفي إلى مثواه الأخير بمقبرة الشهداء بالبيضاء    "التقدم والاشتراكية" يحذر الحكومة من "الغلاء الفاحش" وتزايد البطالة    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جامعة الفروسية تحتفي بأبرز فرسان وخيول سنة 2024    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إفريقيا في قبضة الموساد الإسرائيلي الجاسوسية بديل للدبلوماسية
نشر في الجسور يوم 09 - 08 - 2017


حسن العاصي
كاتب وصحفي فلسطيني مقيم في الدانمرك
الجزء الأول من جزئين
منذ السنوات الأولى لعلاقة اسرائيل بالقارة الافريقية لعب جهاز الاستخبارات الاسرائيلي
-وما يزال- دوراً بالغ الأهمية في تسهيل دخول اسرائيل إلى افريقيا وفي إنشاء مراكز نفوذ لها في عدد من العواصم الافريقية، ناهيك عن العلاقات المتميزة بين الموساد والعديد من أجهزة الاستخبارات الافريقية الذين تدربوا في اسرائيل أو قام ضباط اسرائيليين في تدريبهم بأوطانهم، وتسعى إسرائيل من وراء ذلك إلى تحقيق أهدافها الاستراتيجية والعسكرية والسياسية، والخروج من عزلتها الدبلوماسية مع أكبر عدد ممكن من الدول الافريقية كنافذة لدخول اقتصادي أكبر .
النشاط الاستخباراتي الإسرائيلي في القارة الإفريقية قديم، ويعود إلى السنوات الأولى بعد الإعلان عن قيام دولة إسرائيل، ففي بداية الخمسينيات من القرن العشرين شكل الصهيوني " ديفد بن غوريون " فريق عمل لبحث كيفية التعامل مع البيئة المحيطة من دول عربية وافريقية، وضم هذا الفريق كبار الخبراء في الشؤون الاستراتيجية والسياسية والأمنية والدبلوماسية، ولعب الموساد منذ تلك الفترة الدور المحوري في تنفيذ السياسات الصهيونية لاحتواء القارة الافريقية وذلك عبر إرسال أكثر من خمسة آلاف خبير ومستشار في الشؤون العسكرية والأمنية والبناء والزراعة، من أجل بناء وتنظيم جيوش تلك الدول وتدريب أجهزتها الأمنية، وخاصة في أثيوبيا وأوغندا وغينيا وغانا وجنوب السودان والكونغو وإرتيريا وجنوب افريقيا وزائير وتنزانيا، هذه الدول التي يمتلك الموساد الاسرائيلي فيها علاقات تنسيق وتعاون مع اجهزتها الاستخبارية، ومع كبار الضباط والمسؤولين الأمنيين فيها، وتقوم إسرائيل بتوظيف هذه العلاقات لمحاصرة الدول العربية والضغط عليها لأجل القبول بها كدولة جارة غير مغتصبة.
وفي ستينيات القرن الماضي قامت إسرائيل عبر جهاز مخابراتها ببيع أسلحة وعتاد إلى الحركة الشعبية لتحرير أنغولا التي كانت تقاتل الاستعمار البرتغالي وتسعى لنيل الاستقلال، وقامت إسرائيل أيضاً بتدريب المئات من مقاتلي الحركة، لكنها عادت في بداية السبعينيات بتزويد ودعم طرفي الصراع في أنغولا، وكانت المخابرات الإسرائيلية بالتنسيق مع المخابرات الزائيرية ترسل شحنات من الأسلحة للطرفين، ومن المهم معرفة أن أنجولا تعتبر خامس أكبر دولة منتجة للماس في العالم.
وقد كشفت تحقيقات أجرتها أجهزة مخابرات أوروبية في العام 2013 عن تورط ابنه الرئيس الأنغولي وملياردير إسرائيلي يدعى "إيهود لنيادو" في واحدة من أكبر عمليات غسل الأموال التي أعلن عنها في بلجيكا، حيث كان يجري تهريب الالماس من أنجولا إلى بلجيكا بالتعاون مع الشريك اليهودي البلجيكي "سيلفان جولدبرج" دون دفع ضرائب، وقد تدخلت أجهزة المخابرات الإسرائيلية للوصول إلى تسوية للقضية، مما يؤشر ويدعم الشبهات حول الدور القذر الذي يلعبه الموساد الإسرائيلي في الكثير من الملفات في القارة السمراء، وهذا ما كان يتم لولا التنسيق الأمني مع المخابرات الأنغولية التي كانت على علم بنشاطات ابنه الرئيس في تجارة الألماس .
لكن لماذا تقوم إسرائيل بتكليف حهاز المخابرات الإسرائيلية بمعالجة بعض الملفات الساخنة سياسياً واقتصادياً؟
سوف نحاول هنا إجراء مقاربة تحليلية لهذا السؤال
ترتبط منطقة حوض النيل التي تشمل كلا السودان وجنوب السودان وإثيوبيا وإرتيريا وكينيا وأوغندا والكونغو وجنوب السودان وبوروندى ورواندا ومصر بأهمية استثنائية في الاستراتيجية الجيوسياسية الإسرائيلية ، لذلك ليس مفاجئاً أن ينشط فيها جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد، الذي يتواجد في كافة القطاعات التي تشكل محاور اهتمام القيادة الإسرائيلية، في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية في دول حوض النيل، يساعد هذا العمل المخابراتي الذي تقوم به الموساد على أن تقوم إسرائيل بتحقيق أهدافها المتمثلة في القطاع الزراعي على سبيل المثال الذي أولته إسرائيل قدر كبير من الاهتمام نظراً لأنه ميدان مرتبط باستغلال مياه النيل الذي تعتبرها إسرائيل ساحة مواجهة مع مصر، وتشير تقارير وزارة الخارجية الإسرائيلية أن 46 شركة إسرائيلية تعمل في إثيوبيا في مجال الزراعة.
وفي منطقة القرن الإفريقي القريبة من اليمن التي تلتهب بحرب شنتها قوات التحالف العربي في مواجهة المد والتوسع والنفوذ الإيراني الذي أدركت إسرائيل قبل غيرها هذا الخطر الذي يمثله الوجود الإيراني في منطقة باب المندب بالغ الأهمية لها حيث أنه يشكل رئتها الاقتصادية لنقل بضائعها إلى القارة الآسيوية، لذلك عمدت إسرائيل منذ وقت مبكر أن يكون لها وجود أمني استخباراتي في هذه المنطقة من إفريقيا لتكون على علم بكل مايجري فيها، واستطاعت أن تبني علاقات متينة مع دول القرن الإفريقي، حيث عمل جهاز الموساد الإسرائيلي على إنشاء جبهة من إثيوبيا وإرتيريا وكينيا كي يتم من خلال هذا التعاون التصدي للجماعات المتطرفة في الصومال من جهة، ولمواجهة الوجود الإيراني الذي بدأ يظهر ويتمدد في تلك المنطقة التي تشهد حرباً استخباراتية بين إسرائيل من جهة وإيران من جهة ثانية.
وقد أنشأت إسرائيل قاعدة أمنية ومراكز تجسس في إرتيريا لمراقبة النشاط الإيراني في البحر الأحمر، ومن المعروف أن إرتيريا وإسرائيل ترتبطان بمعاهدة أمنية وعسكرية تم توقيعها في العام 1996، وقدمت إريتيريا تسهيلات كبيرة لإسرائيل لتعزز وجودها الأمني في أرخبيل "داهلاك"، وبذلك تتمكن المخابرات الإسرائيلية بمساعدة المخابرات الإرتيرية بجمع معلومات عن المملكة العربية السعودية واليمن والصومال والسودان، ومراقبة الحركة الإيرانية كذلك.
والنشاط الاستخباراتي الإسرائيلي في القارة الإفريقية يعود إلى بداية قيام الدولة العبرية، حيث قامت وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك "غولدا مائير" بجهود جبارة من أجل بناء علاقات مع الدول الإفريقية لفك عزلة إسرائيل واكتساب أصوات لصالحها في الأمم المتحدة، لذلك قامت إسرائيل بتأسيس شبكة أمنية قوية في منطقة القرن الإفريقي والساحل الشرقي، واستند النشاط الإسرائيلي لتحقيق هذه الغايات على نشاط وزارة الخارجية التي تقوم بنشاط دبلوماسي يقوم بمعظمه عبر عملاء للموساد الإسرائيلي، ومن جهة أخرى قامت إسرائيل بتشكيل إطار جديد أسمته " الماشاف " وهي هيئة التعاون الدولي، مهمتها التنسيق بين الإدارات الحكومية والوزارات وشركات القطاع العام والخاص الإسرائيلي بهدف اختراق القارة الإفريقية، ولم تكن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية بعيدة عن هذه الهيئة، فقد أنيطت بالموساد الإسرائيلي مهام أمنية تحت ستار التعاون، إذ تتشعب علاقات الموساد وهيئة التعاون مع كثير من المنظمات داخل وخارج إسرائيل، وقد قامت الهيئة بتأسيس المعهد الآفرو- الآسيوي، والمركز الدولي للتأهيل المعروف باسم "كرمل"، إضافة إلى أنها تصدر مجلة السلام بخمس لغات، تقوم إسرائيل بإرسال نسخ من المجلة إلى جميع الذين سبق لهم التخرج من دورات أو دراسة أقامتها أو أشرفت عليها منطمة الماشاف.
وفيما يتعلق بالمعهد الأفرو آسيوي، فقد تم تأسيسه في العام 1960 من قبل نقابة العمال الإسرائيلية التي يطلق عليها " الهستدروت"، وكان الهدف من تأسيس المعهد هو استقبال دارسين من إفريقيا وآسيا لتأهليلهم في القضايا الاقتصادية والتنموية والعمل النقابي، ويتم استقبال المتدربين من الدول التي أقام الهستدروت علاقات معها، وهذا أيضاً يتم بالتنسيق السري مع المخابرات الإسرائيلية التي تكون حاضرة في الوسط الذي يتدرب فيه الأفارقة والآسيويين، بصفة مدرسين أو مستشارين، وبدأ المعهد منذ بداية الستينيات من القرن الماضي في إقامة ورشات عمل شارك فيها مئات من الأفارقة والآسيويين، ثم بدأ المعهد بتسيير دورات تدريبية متنقلة خارج إسرائيل، تجوب بعض الدول الإفريقية لإقامة دورات للطلبة الأفارقة.
وقد قامت هيئة التعاون الدولي الإسرائيلية والموساد الإسرائيلي بتأسيس جمعيات صداقة بين الدول الإفريقية إسرائيل، كذلك تم تشكيل أندية السلام في العديد من المدن الإفريقية، بهدف تلميع صورة إسرائيل وتسويقها عند الشعوب الإفريقية، وتقوم إسرائيل بتقديم الدعم المالي لهذه الجمعيات التي يديرها أصدقاء إسرائيل من الذين سبق ودرسوا فيها، تقوم هذه الأندية والجمعيات بتوفير مواد إعلامية من صحف ومجلات وكتب عن دولة إسرائيل، وتقوم بتنظيم المحاضرات ورشات العمل والمؤتمرات.
ومن خلال الدورات التدريبية التي تقيمها إسرائيل عبر منظمات وأطر وقنوات مختلفة ومتعددة وبمشاركة غير معلنة من الموساد، استطاعت إسرائيل عبر ذلك من التسلل رويداً رويداً إلى الدول الإفريقية التي كانت قد تحررت من الاستعمار حديثاً وتحتاج إلى مساعدة وتعاون في كافة المجالات خاصة الحيوية منها مثل الزراعة والتعليم والصحة، وهذا ما وجدته هذه الدول لدى إسرائيل التي استغلت حاجة الدول الإفريقية كي تجد لها مكان في القارة السمراء، مكان ما كان يمكن أن تكون فيه لولا الغياب العربي بشكل عام، وخاصة الغياب المصري الذي كان اسمها يتردد على ألسن حركات التحرر الإفريقية.
بلغة الأرقام فإن القارة الإفريقية هي ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة وعدد السكان، تأتي في المرتبة الثانية بعد آسيا. تبلغ مساحتها 30.2 مليون كيلومتر مربع (11.7 مليون ميل مربع)، وتضم أربعة وخمسون دولة، وتتضمن هذه المساحة الجزر المجاورة، وهي تغطي 6% من إجمالي مساحة سطح الأرض، وتشغل 20.4% من إجمالي مساحة اليابسة. ويبلغ عدد سكان أفريقيا مليار ومائتي مليون نسمة (إحصاء 2011) ، يعيشون في خمسة أقاليم، وتبلغ نسبتهم حوالي 14.8% من سكان العالم، وتمتلك القارة الإفريقية 12 في المائة من احتياطي النفط في العالم، و 10 في المائة من الغاز الطبيعي، وتمتلك 80 في المائة من البلاتين في العالم، وكذلك 40 في المائة من إنتاج الألماس، و25 في المائة من الذهب، و 27 في المائة من الكوبالت، و 9 في المائة من الحديد، وتمتلك حوالي 20 في المائة من المنغنيز والفوسفات واليورانيوم من الاحتياطي العالمي.
هذه الأرقام والمعطيات قد تفسر جانباً من أسباب التنافس بين القوى الإقليمية والقوى الكبرى للسيطرة على القارة السمراء طمعاً في خيراتها البكر، تنافس قد يتحول إلى صراع بين هذه القوى خاصة ان علمنا أن دولة مثل الصين تمتلك استثمارات في القارة الإفريقية بقيمة "250" مليار دولار، وتنوي الحكومة الصينية زيادة هذه الاستثمارات، مما يدفع بعلاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية إلى التشنج والتوتر، لأن أمريكا تشعر بأن الاستثمارات الصينية في إفريقيا تهدد مصالحها، ثم هناك مصالح فرنسية ونفوذ قديم، وحتى تركيا دخلت على خط المنافسة في القارة السمراء ولديها استثمارات بقيمة تتجاوز ثلاثة مليارات دولار، وطبعا هناك أيضاً النشاط الاقتصادي الإيراني الذي يصدر النفط لإفريقيا ويطمع بالحصول على اليورانيوم من أجل برنامجه النووي، وبشكل عام كافة استثمارات إيران في إفريقيا مرتبطة بشكل أو آخر بالبرنامج النووي، لكن يبقى الطرف الأهم هو إسرائيل تلك الدولة الصغيرة التي قفزت من فوق رؤوس حوالي "400" مليون عربي لتصل إلى عمق القارة الإفريقية، وتستطيع أن تحقق مكاسب مهمة على الأصعدة الاقتصادية والسياسية.
بفضل جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد تمكنت إسرائيل من إنشاء عدة جسور تربطها مع العديد من الدول الإفريقية، وينشط الموساد تحت عناوين كثيرة أهمها قطاع الأعمال، حيث يستطيع رجل الأعمال أن يصل إلى حيث لايتمكن أن يصل الدبلوماسي أو العسكري، وكثيراً مايتم ذلك بالتنسيق والتعاون مع رجال أمنيين وقادة أجهزة استخبارات إفريقية من أصدقاء إسرائيل، وهذا ما يؤكده وجود ستة من قادة الموساد السابقين يعملون في إفريقيا، وهم "شبتاي شافيت" رئيس جهاز الموساد السابق الذي يعمل في القطاع الأمني في نيجيريا، وله شركة تعمل في مجال الزراعة في أنجولا، وكذلك "داني ياتوم" الرئيس السابق للموساد ويعمل في قطاع التسليح ويساهم في نشاط متعلق بالطاقة، و"رافي إيتان" كان ضابط كبير سابق في الموساد، وكان وزير الزراعة الإسرائيلي السابق، يدير شبكة من المؤسسات تعمل في المجال الأمني وفي الزراعة في أوغندا، أيضاً "حجاي هداس" مسؤول العمليات الخارجية السابق ويملك عدد من الشركات التجارية في أوغندا، وهو تاجر سلاح مشهور في إفريقيا ويعمل مستشار أمني للرئيس الأوغندي.
ونحن نتحدث عن دور الموساد الإسرائيلي في التنسيق مع الأجهزة الأمنية في العديد من الدول الإفريقية بهدف تسهيل التسلسل الإسرائيلي إلى كافة مفاصل الحياة في القارة السمراء، يجب أن نذكر أن هذا النشاط الذي يقوم به الموساد يتكامل معه نشاط آخر يقوم به أطباء وعلماء وباحثين ومدربين إسرائيليين، وحتى أعضاء في المافيا الإسرائيلية تجندهم الموساد للعمل معها، كل هؤلاء يعتبرون أنفسهم جنود في خدمة دولتهم إسرائيل، واستطاعت هذه الدولة عبر خططها وأدواتها المتعددة من تحقيق العديد من المكاسب بالرغم من أن ليس لها وجود في كافة دول القارة الإفريقية، بينما العرب الذين يمتلكون علاقات مع كافة الدول الإفريقية، وبينهم عشرة دول عربية من بين اثنتان وعشرون دولة عربية تقع في القارة الإفريقية لم يستطيعوا أن يطوروا علاقاتهم مع القارة الجارة ولا حتى أن يحافظوا على نفوذهم الذي كان قد تحقق خلال فترة ممتدة من الخمسينيات ولغاية تسعينيات القرن الماضي، بفضل جهود كبيرة دبلوماسية واقتصادية وسياسية وثقافية بذلتها سابقاً عدة دوائر عربية.
الجزء الثاني والأخير


وفيما يتعلق بالمعهد الأفرو آسيوي، فقد تم تأسيسه في العام 1960 من قبل نقابة العمال الإسرائيلية التي يطلق عليها " الهستدروت"، وكان الهدف من تأسيس المعهد هو استقبال دارسين من إفريقيا وآسيا لتأهليلهم في القضايا الاقتصادية والتنموية والعمل النقابي، ويتم استقبال المتدربين من الدول التي أقام الهستدروت علاقات معها، وهذا أيضاً يتم بالتنسيق السري مع المخابرات الإسرائيلية التي تكون حاضرة في الوسط الذي يتدرب فيه الأفارقة والآسيويين، بصفة مدرسين أو مستشارين، وبدأ المعهد منذ بداية الستينيات من القرن الماضي في إقامة ورشات عمل شارك فيها مئات من الأفارقة والآسيويين، ثم بدأ المعهد بتسيير دورات تدريبية متنقلة خارج إسرائيل، تجوب بعض الدول الإفريقية لإقامة دورات للطلبة الأفارقة.
وقد قامت هيئة التعاون الدولي الإسرائيلية والموساد الإسرائيلي بتأسيس جمعيات صداقة بين الدول الإفريقية إسرائيل، كذلك تم تشكيل أندية السلام في العديد من المدن الإفريقية، بهدف تلميع صورة إسرائيل وتسويقها عند الشعوب الإفريقية، وتقوم إسرائيل بتقديم الدعم المالي لهذه الجمعيات التي يديرها أصدقاء إسرائيل من الذين سبق ودرسوا فيها، تقوم هذه الأندية والجمعيات بتوفير مواد إعلامية من صحف ومجلات وكتب عن دولة إسرائيل، وتقوم بتنظيم المحاضرات ورشات العمل والمؤتمرات.
ومن خلال الدورات التدريبية التي تقيمها إسرائيل عبر منظمات وأطر وقنوات مختلفة ومتعددة وبمشاركة غير معلنة من الموساد، استطاعت إسرائيل عبر ذلك من التسلل رويداً رويداً إلى الدول الإفريقية التي كانت قد تحررت من الاستعمار حديثاً وتحتاج إلى مساعدة وتعاون في كافة المجالات خاصة الحيوية منها مثل الزراعة والتعليم والصحة، وهذا ما وجدته هذه الدول لدى إسرائيل التي استغلت حاجة الدول الإفريقية كي تجد لها مكان في القارة السمراء، مكان ما كان يمكن أن تكون فيه لولا الغياب العربي بشكل عام، وخاصة الغياب المصري الذي كان اسمها يتردد على ألسن حركات التحرر الإفريقية.

بلغة الأرقام فإن القارة الإفريقية هي ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة وعدد السكان، تأتي في المرتبة الثانية بعد آسيا. تبلغ مساحتها 30.2 مليون كيلومتر مربع (11.7 مليون ميل مربع)، وتضم أربعة وخمسون دولة، وتتضمن هذه المساحة الجزر المجاورة، وهي تغطي 6% من إجمالي مساحة سطح الأرض، وتشغل 20.4% من إجمالي مساحة اليابسة. ويبلغ عدد سكان أفريقيا مليار ومائتي مليون نسمة (إحصاء 2011) ، يعيشون في خمسة أقاليم، وتبلغ نسبتهم حوالي 14.8% من سكان العالم، وتمتلك القارة الإفريقية 12 في المائة من احتياطي النفط في العالم، و 10 في المائة من الغاز الطبيعي، وتمتلك 80 في المائة من البلاتين في العالم، وكذلك 40 في المائة من إنتاج الألماس، و25 في المائة من الذهب، و 27 في المائة من الكوبالت، و 9 في المائة من الحديد، وتمتلك حوالي 20 في المائة من المنغنيز والفوسفات واليورانيوم من الاحتياطي العالمي.
هذه الأرقام والمعطيات قد تفسر جانباً من أسباب التنافس بين القوى الإقليمية والقوى الكبرى للسيطرة على القارة السمراء طمعاً في خيراتها البكر، تنافس قد يتحول إلى صراع بين هذه القوى خاصة ان علمنا أن دولة مثل الصين تمتلك استثمارات في القارة الإفريقية بقيمة "250" مليار دولار، وتنوي الحكومة الصينية زيادة هذه الاستثمارات، مما يدفع بعلاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية إلى التشنج والتوتر، لأن أمريكا تشعر بأن الاستثمارات الصينية في إفريقيا تهدد مصالحها، ثم هناك مصالح فرنسية ونفوذ قديم، وحتى تركيا دخلت على خط المنافسة في القارة السمراء ولديها استثمارات بقيمة تتجاوز ثلاثة مليارات دولار، وطبعا هناك أيضاً النشاط الاقتصادي الإيراني الذي يصدر النفط لإفريقيا ويطمع بالحصول على اليورانيوم من أجل برنامجه النووي، وبشكل عام كافة استثمارات إيران في إفريقيا مرتبطة بشكل أو آخر بالبرنامج النووي، لكن يبقى الطرف الأهم هو إسرائيل تلك الدولة الصغيرة التي قفزت من فوق رؤوس حوالي "400" مليون عربي لتصل إلى عمق القارة الإفريقية، وتستطيع أن تحقق مكاسب مهمة على الأصعدة الاقتصادية والسياسية.
بفضل جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد تمكنت إسرائيل من إنشاء عدة جسور تربطها مع العديد من الدول الإفريقية، وينشط الموساد تحت عناوين كثيرة أهمها قطاع الأعمال، حيث يستطيع رجل الأعمال أن يصل إلى حيث لايتمكن أن يصل الدبلوماسي أو العسكري، وكثيراً مايتم ذلك بالتنسيق والتعاون مع رجال أمنيين وقادة أجهزة استخبارات إفريقية من أصدقاء إسرائيل، وهذا ما يؤكده وجود ستة من قادة الموساد السابقين يعملون في إفريقيا، وهم "شبتاي شافيت" رئيس جهاز الموساد السابق الذي يعمل في القطاع الأمني في نيجيريا، وله شركة تعمل في مجال الزراعة في أنجولا، وكذلك "داني ياتوم" الرئيس السابق للموساد ويعمل في قطاع التسليح ويساهم في نشاط متعلق بالطاقة، و"رافي إيتان" كان ضابط كبير سابق في الموساد، وكان وزير الزراعة الإسرائيلي السابق، يدير شبكة من المؤسسات تعمل في المجال الأمني وفي الزراعة في أوغندا، أيضاً "حجاي هداس" مسؤول العمليات الخارجية السابق ويملك عدد من الشركات التجارية في أوغندا، وهو تاجر سلاح مشهور في إفريقيا ويعمل مستشار أمني للرئيس الأوغندي.
ونحن نتحدث عن دور الموساد الإسرائيلي في التنسيق مع الأجهزة الأمنية في العديد من الدول الإفريقية بهدف تسهيل التسلسل الإسرائيلي إلى كافة مفاصل الحياة في القارة السمراء، يجب أن نذكر أن هذا النشاط الذي يقوم به الموساد يتكامل معه نشاط آخر يقوم به أطباء وعلماء وباحثين ومدربين إسرائيليين، وحتى أعضاء في المافيا الإسرائيلية تجندهم الموساد للعمل معها، كل هؤلاء يعتبرون أنفسهم جنود في خدمة دولتهم إسرائيل، واستطاعت هذه الدولة عبر خططها وأدواتها المتعددة من تحقيق العديد من المكاسب بالرغم من أن ليس لها وجود في كافة دول القارة الإفريقية، بينما العرب الذين يمتلكون علاقات مع كافة الدول الإفريقية، وبينهم عشرة دول عربية من بين اثنتان وعشرون دولة عربية تقع في القارة الإفريقية لم يستطيعوا أن يطوروا علاقاتهم مع القارة الجارة ولا حتى أن يحافظوا على نفوذهم الذي كان قد تحقق خلال فترة ممتدة من الخمسينيات ولغاية تسعينيات القرن الماضي، بفضل جهود كبيرة دبلوماسية واقتصادية وسياسية وثقافية بذلتها سابقاً عدة دوائر عربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.