*- (إعداد محمد صلاح الدين البقاري) - يتطلع المهتمون بقطاع الصيد البحري بإقليم الحسيمة إلى تحقيق رهان الحفاظ على التنوع البيولوجي بالبحر الأبيض المتوسط من خلال محاربة الصيد البحري غير القانوني، وهو ما يتطلب برأيهم تضافر جهود عدد من المتدخلين. ويندرج في أساليب الصيد المحرمة دوليا الصيد بالمتفجرات (الديناميت)، التي تمارس بالسواحل الجرفية على امتداد المتوسط المغربي، وتتسبب في كوارث بيئية بحرية خطيرة تمس بسلامة المواطنين وبالبعد البيئي والسياحة البيئية.
وينضاف إلى هذه التقنية المضرة بالبيئة، إلى جانب الصيد بالغوض بدون مراقبة، الصيد بواسطة "سلفان النحاس" الذي يلوث الحياة بالبحر ويسبب في تخريب التكاثر الطبيعي للأسماك وتراجع المخزون السمكي.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال المندوب الجهوي للصيد البحري بالحسيمة السيد محمد مسعودي إن قطاع الصيد البحري بمنطقة الحسيمة يعيش مشاكل عدة تتصل في جانب كبير منها بالمحافظة على الثروات السمكية، وهو ما يتطلب، برأيه، تظافر جهود جميع المهتمين بقطاعي الصيد البحري والبيئي، مشيرا إلى أن محدودية فرص الشغل بالإقليم تقف وراء انتشار ظاهرة الالتجاء إلى الطرق غير القانونية في الصيد، ك"الديناميت" وبعض المواد السامة التي تؤثر سلبا على صحة الإنسان وتدمر المجال البيئي.
وحث، في هذا السياق، على ضرورة تطبيق القانون لمحاربة جميع أساليب الصيد غير المستدامة، كالصيد بالجر الذي يدمر الأعماق البحرية ويقضي على بيض الأسماك وأعداد هائلة من صغارها، والصيد بالشباك العائمة التي تستعمل لصيد سمك أبو سيف، وتتسبب في القضاء على جميع أنواع الكائنات البحرية الكبيرة (الحيتان والدلافين والسلاحف البحرية وأسماك القرش).
ومن جهته، أكد رئيس جمعية أجير للتدبير المندمج السيد الحسين نباني، في تصريح مماثل، أنه بالإمكان مضاعفة مدخول مبيعات قطاع الصيد التقليدي بالإقليم، المحددة في 40 مليون درهم سنويا، وذلك عن طريق محاربة طرق الصيد غير المشروعة.
وبالرغم من أن عائدات الصيد العشوائي تقدر ب280 مليون درهم سنويا; تجمع ما بين مبيعات السمك المصطاد بالمتفجرات (تسعة ملايين درهم)، والمواد الكيميائية (سبعة ملايين درهم)، والجر بالمياه الضحلة (264 مليون درهم)، فإن أضراره على التوازنات البيئية بالمحمية البحرية للمنتزه الوطني بالحسيمة جسيمة ولايمكن تقديرها بثمن.
وسجل هذا المسؤول الجمعوي أن توعية الساكنة المجاورة للمنتزه بمخاطر الصيد بالمتفجرات من شأنها المساهمة في الحفاظ على الثروة السمكية بالمنطقة، مشددا، في هذا السياق، على ضرورة إنجاز مشاريع تروم حماية المياه البحرية من الصيد العشوائي وغير القانوني بواسطة حواجز وكتل مانعة للجر، وضمان تدبير عقلاني للثروة السمكية بهذه المنطقة، التي تعتبر المورد الرئيسي لنسبة كبيرة من الساكنة الممتهنين لحرفة الصيد التقليدي.
وأشار إلى أن مشروع "الشعاب الاصطناعية لحماية النظم الإيكولوجية البحرية"، الذي يندرج في إطار التعاون المغربي الياباني في مجال الصيد البحري، يهدف إلى تأهيل المنطقة البحرية وتوفير أماكن مناسبة للصيد لفائدة الصيادين التقليديين مع توفير نظام بيئي متوازن، حاثا، في هذا الصدد، على ضرورة تشديد المراقبة واتخاذ الإجراءات اللازمة في حق مراكب الصيد بالجر لحملها على احترام القانون.
كما دعا إلى التفكير وفق منظور شمولي في قطاع الصيد التقليدي بتفعيل قوانين الصيد، خاصة الجانب المتعلق منها بالحفاظ على الثروات البحرية، وتحسين ظروف عيش البحارة بإعادة هيكلة تعاونية ميناء الحسيمة على نحو يضمن تمثيلية حقيقية لكافة أرباب وبحارة هذا القطاع، وكذا إحداث مشروع مندمج مع مختلف الأطراف المتدخلة في قطاع الصيد البحري.
وفي هذا الصدد، دعا مجموعة من الباحثين، في عدة لقاءات علمية بالإقليم، إلى اعتماد استراتيجية واضحة لحماية الثروة البحرية عبر مراقبة الصيد البحري وتشجيع تربية الأسماك وخلق محميات بحرية وعقلنة استغلال الثروة البحرية بالمنطقة، وذلك بتطبيق فترات الراحة البيولوجية والإسراع بإخراج قانون الساحل وإحداث وكالة الساحل ومحميات للصيد وتركيز الاهتمام بقوة على الصيد التقليدي.
وعبروا عن قناعتهم بأن إحداث محميات بحرية من شأنه أن يدعم المطلب الحيوي للحفاظ على الثروة السمكية ويكفل استعادة بعض الأنواع السمكية، التي أصبحت معرضة للانقراض، ويحفز وفرة الإنتاج والمخزون السمكي الذي أصبح يتراجع سنة بعد أخرى.