عمار العامري قدم العراقيون على مدى الحقب الماضية, ألاف الشهداء من أجل وطنهم ومعتقداتهم, ولكل حقبة خصوصية معينة, يخلد فيها الشهداء, ك"يوم للشهيد", يذكرون فيه, وبما إن نظام الطاغية صدام, أسوى الحقب الماضية, ولما لشهيد المحراب من دور كبير وبارز في مواجهته, أعتبر يوم شهادته في الأول من رجب, يوم الشهيد العراقي. السيد محمد باقر الحكيم؛ عالم جليل, وفقيه جامع للشرائط, زعيم وسياسي, قائد ومجاهد, نذر نفسه وجهده, وكل ما يملك من أجل الدفاع عن الدين والوطن, وحرمات الشعب العراقي ومقدساته, كل همه القضية العراقية, وإطلاع العالم على معاناة المظلومين, بكل الوسائل الجهادية والسياسية والإعلامية, فكان رمز للإنسانية, بقدر ما كان يدافع عن حقوق الإنسان, الذي عانى ما عانى من نظام البعث. منذ الأيام الأولى لانقلاب البعث 1968, وقف السيد الحكيم بكل قوة, بوجه مخططاتهم العدوانية, وأفكارهم الهدامة, كونه كان مطلعاً على الطريقة, التي وصل خلالها عناصر البعث للسلطة, لاسيما وإن الشبهات كان تدل على التدخل الغربي في تجنيد بعض رموزه الإجرامية, تصدى شهيد المحراب وآل الحكيم للحملات المسعورة, التي شنت عليهم, مواجهيها بأيمانهم بالمشروع الإسلامي الوطني, الذي تبنوها وتعاهدوا على إنجاحه. بعد الحرب الضروس التي شنها الطاغية صدام وأعوانه, بعد وصوله للسلطة عام 1979, لاسيما بعد استشهاد السيد محمد باقر الصدر, أجبر السيد الحكيم على مغادرة العراق, ليصبح المحور الأساسي للمعارضة العراقية, بكل أطيافها وفصائلها الإسلامية والعلمانية, فبات صاحب الفضل في جمع كلمة العراقيين, وقوة موقفهم, وتوحيد رؤيتهم, خاصة بعد تأسيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق, كإطار جامع للمعارضة كافة. طيلة عقدين ونيف, كان شهيد المحراب القائد والزعيم الأوحد, لا يضاهي أحد في قيادة الثورة الإسلامية, والمقاومة الوطنية للنظام البعثي, على المستويين الداخلي والخارجي, وعلى جميع الأصعدة السياسية والعسكرية والفكرية والإعلامية والاجتماعية, فالرسائل المتبادلة مع الشخصيات المعارضة من داخل العراق, ومعسكر رفحا, ودول العالم دليل على زعامته ليس للشيعة فحسب, أنما للمجتمع العراقي عامة, لما يتمتع فيه من سمات مميزة. ليس هناك فصيل مسلح أو سياسي معارض للنظام السابق, قبل عام 2003, لم يقر بقيادة السيد محمد باقر الحكيم؛ فالشيوعيين والقوميين والسنة والأكراد, ناهيك عن الجهات الشيعية؛ حزب الدعوة ومنظمة العمل الإسلامي, حتى الحركات الصغيرة العشائرية والنخبوية, تعترف بأن السيد الحكيم والمجلس الأعلى كانا قطب الرحى, في الحركة الإسلامية, والوطنية المعارضة, وما الانتفاضة الشعبانية إلا دليل على قيادة شهيد المحراب. الاحتفاء بالأول من رجب؛ يومياً للشهيد العراقي, يأتي تخليد لذلك الإنسان الشهيد من أجل دينه ووطنه, وكل شهداء العراق في الماضي والحاضر, الذين وقفوا مواقف مشرفة بوجه التحديات العالمية والإقليمية والداخلية, المناوئ للشعب العراقي الجريح, حتى أستشهد صائماً محتسباً, كأول شخصية إسلامية وطنية تعرج روحها, من أرض العراق بعد التغيير.