اعتبر خبير أمريكي أمام أعضاء في مجلس الشيوخ أن الإتجار بالمخدرات بين أمريكا اللاتينية وأوروبا يهدد الاستقرار السياسي في دول أفريقيا التي يمر عبرها، أكثر مما يهدده التطرف الإسلامي. وقال ديفيد غوتيليس من جمعية «اشتراك» للإستشارات خلال جلسة استماع أمام اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية حول أفريقيا أن كارتلات المخدرات في أمريكا اللاتينية تستعمل منذ خمس سنوات أفريقيا كممر لتهريب المخدرات إلى أوروبا. وأضاف أن«الطلب الأوروبي والفعالية الكبيرة لكارتلات المخدرات في أمريكا الجنوبية لنقل المخدرات إلى وعبر مرافىء في غرب أفريقيا، ينتج عنهما تصاعد كبير في عمليات التهريب من حيث القيمة والحجم». وحذر هذا الخبير من أن هذا التهريب يشكل «التهديد الأكبر للإستقرار الإقليمي» وأكثر من التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، متحدثا خصوصا عن المغرب وليبيا ومصر من بين الدول التي تمر عبرها المخدرات. وجاءت هذه الشهادة غداة إعلان دكار أن مهربي مخدرات من أمريكا الجنوبية نجحوا في الهبوط بطائرة شحن من طراز بوينغ مطلع نوفمبر في صحراء مالي. ولكن الطائرة تحطمت بعد ذلك. ومن ناحيته، أعلن مكتب الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة عام 2008 أن غينيا بيساو أصبحت على ما يبدو «المحطة الرئيسية لدخول الكوكايين إلى أفريقيا». وبذلك سيتأكد ما كنا قد نبهنا إليه في زمن سابق بدون استشارة أمريكية. وهو أن المخدرات وعولمة الكيف لا يمكن أن تمر بدون تأثير واضح على بلادنا. لقد سبق بالفعل أن قال المرصد الجيوستراتيجي للمخدرات بأن المغرب قد يتعرض لأنفلونزا كولومبيا إذا ما ظل على تساهله مع المخدرات وشبكاتها. وذلك لسبب بسيط، لأن المناضل الدايخ كايعلم السياسة، على غرار المال السايب الذي يعلم السرقة. لقد تابعنا كلنا دخول الجوانات إلى صناديق الاقتراع، كما تابعنا جميعا حرص الدولة في الاعتراض- المحتشم - على ترشيح البارونات. وكنا في حالات كثيرة نبتسم، إن لم نقهقه، عندما كانت الداخلية ترفض ترشيحات هؤلاء، لكنهم يذهبون إلى القضاء ويأتون بحكم ضد الداخلية يسمح لهم بالترشيح، وعندما يعودون إلى العمالة أو الولاية يتجولون بين المكاتب، في حين كان المسؤولون عن الترشيحات يختبئون حتى لا يتسلمون هذه الترشيحات في الوقت المناسب. وقد حكى لي أحد المناضلين التقيته في الناظور كيف تم منع أحدهم في انتخابات الغرفة الثانية، وكيف حصل على حكم لصالحه، وكيف أنه جاء إلى العمالة، وأن أحد المسؤولين اتصل بصديق للمرشح وقال له «گول لصاحبك يعطينا شويا التيساع، راه ما فهمش واقيلا». وكشفت الاعتقالات الأخيرة التي قادت العديد من رجال الأمن والسلطة والمنتخبين أن الأمر لم يعد يتعلق بهواة أو بأفراد جانحين بل بشبكات تريد أن تحول الدولة إلى شبكة لتهريب المخدرات، الدولة كلها بآلياتها وبمنتخبيها وأمنها وعسكرييها وقواتها المساعدة تتحول إلى شبكة للتهريب، أو ما نسميه الدولة المهرب أو «ناركوترافيكان!» etat narco-trafiquant ومن الصدف الرهيبة أن هذه الشبكات الرهبية التي تم تفكيك بعض هيآتها المركزية ظهرت للعلن في الوقت الذي كانت شبكات أخرى تشتغل في السياسة والانتخابات ضد السلطة أو باستخدامها، وأحيانا أمام عجز السلطة المركزية في الداخلية. بل كان من الرهيب أن يعتبر بعضنا أن الكيف يكاد يكون نعناع السياسة في الحملات الإنتخابية وهي دعوة للحفاظ عليه كما لو أنه صيغة نباتية للطربوش الوطني..!!! في دغدغة غير محمودة العواقب للعواطف، كما لو أن الفقراء من آهالينا في الريف هم الذين يستفيدون منه. فمتى كان المزارعون الصغار هم وقود المخدرات أو هم تجارها الدوليون؟ إن المسؤولية الوطنية تقتضي أن نضع الكل في سؤال جريء: من يجعل من نبتة أو من حقل قاعدة للسياسة ؟ ومتى يستفيد الوطن وفقراؤه؟ هناك بالفعل من يعتقد بأنه يمكن أن يجعل المخدرات تمول الحداثة!! كما مولت المخدرات القوات والحركات الماركسية في أمريكا اللاتينية، لكن النتيجة واضحة...