أثار التقرير حول ثمن الأدوية في المغرب والذي أعدته خلية منبثقة عن لجنة المالية بالبرلمان، وتم نشره أول أمس، اهتماما واسعا لدى الرأي العام الوطني بالنظر الى الأهمية البالغة التي يكتسيها هذا الموضوع في علاقته بالقدرة الشرائية للمواطنين، حيث تشكل نفقات الدواء لدى العديد من الأسر المغربية عبئا ثقيلا ينضاف الى غلاء المعيشة. وبقدر ما كان هذا التقرير جريئا ودقيقا في وضع الأصبع على مكامن الخلل في قطاع الأدوية بالمغرب، بقدر ما كان صادما من حيث الحقائق التي كشف عنها والتي تصب كلها في كون أثمنة الدواء بالمغرب مرتفعة بشكل غير عادي، وذلك كيفما كانت المعايير المعتمدة لتحديد مفهوم الغلاء. فقد كشف التقرير عن كون أثمنة الدواء بالمغرب أعلى من مثيلاتها في دول أخرى بنسبة 30 إلى 189 % مقارنة مع تونس و20 إلى 70% مقارنة مع فرنسا. وقد حمل التقرير الذي كان صريحا في كثير من زواياه، مسؤولية هذا الغلاء إلى مصنعي الأدوية الذين يستغلون في المغرب، النصوص التنظيمية المتجاوزة والتي تشوبها العديد من الثغرات التي تخول لهم الحصول على أرباح خيالية على حساب المرضى، وكذا إلى المساطر الإدارية المعتمدة في تحديد سعر الدواء ومساطر التعويض عن الأدوية من طرف التغطية الصحية. كما استنتج، هذا التقرير الذي أعد بناء على معطيات ميدانية جمعت خلال مهمة استطلاعية، أنه من الممكن خفض ثمن الدواء بالمغرب وكذا تكلفته بالنسبة للمجتمع، وذلك بنسب جد مهمة إذا ما تم تطبيق عدد من الإجراءات التي تدخل في اختصاص السلطات العمومية. ولقصورها الواضح في معالجة مشكل تنظيم سعر الدواء، أوصى هذا التقرير غير المسبوق (الذي أشرف عليه كل من عبد الله البورقادي ومحمد الزويتن وخالد الحريري ومباركة بوعيدة ورضى بنجلون) بسحب هذا الملف من اختصاص وزارة الصحة وحدها، وإسناده لهيئة مستقلة يعهد إليها بوضع مسطرة جديدة لتحديد ثمن الدواء بشكل يقطع مع المسطرة الجاري بها العمل حاليا، كما أوصى بضرورة مراجعة جميع الأثمنة المعتمدة بالمغرب، وإعادة النظر في نسب التعويض عن الأدوية في لوائح التغطية الصحية لتشجيع الأدوية الأقل كلفة للمواطنين. ونظرا للأهمية البالغة التي يكتسيها هذا التقرير غير المسبوق من نوعه، رأينا أنه من المفيد تلخيص أهم ما ورد فيه، من خلال هذا الملف الخاص.