تفكيك خلية إرهابية خطيرة بعد عام من المتابعة.. تفاصيل إحباط مخطط "أسود الخلافة"    نقابة الصحفيين التونسيين تدعو لإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين مع التلويح بإضراب عام في القطاع    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    مع اقتراب رمضان.. توقعات بشأن تراجع أسعار السمك    مدير "البسيج": القيادي في "داعش" عبد الرحمان الصحراوي بعث بالأسلحة إلى خلية "أسود الخلافة" التي فُككت بالمغرب    الاتحاد الأوروبي يعلن تعليق عقوبات مفروضة على قطاعات اقتصادية أساسية في سوريا    مراكش.. تنسيق أمني مغربي – فرنسي يُطيح بمواطنين فرنسيين مبحوث عنهما دوليا    رصاصة شرطي توقف ستيني بن سليمان    دراسة تكشف عن ارتفاع إصابة الأطفال بجرثومة المعدة في جهة الشرق بالمغرب    وزير يقاتل في عدة جبهات دون تحقيق أي نصر!    فنلندا تغلق مكتب انفصاليي البوليساريو وتمنع أنشطتهم دون ترخيص مسبق    السد القطري يعلن عن إصابة مدافعه المغربي غانم سايس    المهاجم المغربي مروان سنادي يسجل هدفه الأول مع أتليتيك بلباو    ائتلاف مغربي يدعو إلى مقاومة "فرنسة" التعليم وتعزيز مكانة العربية    الذهب يحوم قرب أعلى مستوياته على الإطلاق وسط تراجع الدولار وترقب بيانات أمريكية    دينغ شياو بينغ وفلاديمير لينين: مدرسة واحدة في بناء الاشتراكية    ألوان وروائح المغرب تزين "معرض باريس".. حضور لافت وتراث أصيل    إصابة نايف أكرد تقلق ريال سوسييداد    وزيرة الفلاحة الفرنسية: اختيار المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس يعكس جودة التعاون الثنائي    انفجار يطال قنصلية روسيا بمارسيليا    فتح بحث قضائي بخصوص قتل سبعيني لابنته وزوجها ببندقية صيد    "كابتن أميركا" يواصل تصدّر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    المعرض الدولي للفلاحة بباريس 2025.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما في مجال الفلاحة الرقمية    غوتيريش: وقف إطلاق النار في غزة "هش" وعلينا تجنب تجدد الأعمال القتالية بأي ثمن    السعودية تطلق أول مدينة صناعية مخصصة لتصنيع وصيانة الطائرات في جدة    الصين: "بي إم دبليو" تبدأ الإنتاج الضخم لبطاريات الجيل السادس للمركبات الكهربائية في 2026    طقس بارد نسبيا في توقعات اليوم الإثنين    الداخلة تحتضن مشروعًا صحيًا ضخمًا: انطلاق أشغال بناء المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بسعة 300 سرير    الملك يأمر بنقل رئيس جماعة أصيلة إلى المستشفى العسكري بعد تدهور حالته الصحية    اتحاد طنجة يسقط أمام نهضة الزمامرة بثنائية نظيفة ويواصل تراجعه في الترتيب    غياب الإنارة العمومية قرب ابن خلدون بالجديدة يثير استياء وسط السكان    قاضي التحقيق بالجديدة يباشر تحقيقًا مع عدلين في قضية استيلاء على عقار بجماعة مولاي عبد الله    الوزير يدعم المغرب في الحفاظ على مكسب رئاسة الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة وانطلاقة مشروع دراسة ورياضة وفق أفق ومنظور مستقبلي جديدة    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    آزمور.. مولود نقابي جديد يعزز صفوف المنظمة الديمقراطية للشغل    قطار يدهس رجل مجهول الهوية بفاس    نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي يدعو إلى قتل الفلسطينيين البالغين بغزة    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    نجوم الفن والإعلام يحتفون بالفيلم المغربي 'البطل' في دبي    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    ترامب يهنئ المحافظين في ألمانيا    إسرائيل تنشر فيديو اغتيال نصر الله    مودريتش وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لإسقاط جيرونا    جمال بنصديق يحرز لقب "غلوري 98"    هل الحداثة ملك لأحد؟    نزار يعود بأغنية حب جديدة: «نتيا»    نجاح كبير لمهرجان ألوان الشرق في نسخته الاولى بتاوريرت    سامية ورضان: حيث يلتقي الجمال بالفكر في عالم الألوان    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«سيرة نبي الإسلام بلسان صحابته» لمحمود حسين
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 27 - 08 - 2009

حاول مؤلفا كتاب «السيرة: نبي الإسلام بلسان صحابته»، بهجت النادي وعادل رفعت- اللذين اختارا اسما مستعارا للتوقيع المشترك (محمود حسين)- أن يقدما «صورة واقعية وكثيفة وشاملة» عن سيرة النبي، من خلال الالتزام الصارم بمناهج البحث العلمي الحديث، بعيدا عن معياري «رواية الثقاة» و«القرب الزمني» اللذين-في رأيهما- يتصلان بطبيعة ميولات المؤرخين الفكرية، إذ يجنح البعض إلى «القراءة السياسية»، فيما يفضل بعضهم «الفعل الخارق» (المعجزة) أو «البعد الروحي» للحدث. وهذا ما أكداه بالفعل في مقدمة «هذا الكتاب». فهما يقترحان وضع الحدث في سياقه الشامل، أي عدم إبعاد أي عنصر له طابع تفسيري مهم، أو أي تفصيل غني بالمعاني التي تعضدها «القراءات» (التفاسير) المختلفة والمتاحة.
ما إن استقر أمر اليمن لسيف بن ذي يزن، حتى بدأت تتوافد عليه قبائل العرب، بخطبائها وشعرائها، يهنئونه بالظفر على الحبشة ويؤيدونه على صموده من أجل الانتقام لشعبه. فأرسلت قريش وفدا من وجهائها، وعلى رأسهم عبد المطلب.
ولما وصلوا، استأذنوا للدخول على الملك سيف الذي استقبلهم في قصره المعطر بالمسك، وكان الملك يمسك سيفه بين يديه، محاطا بحاشيته. فطلب عبد المطلب الإذن للكلام. فقال له سيف:
- إنْ كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك وأبناء الملوك، فتكلم.
فقال له عبد المطلب:
- إن شاء الله تعالى قد أحلك محلا رفيعا منيعا، صعبا شامخا باذخا، وأتيتك منبتا طابت أرومته، وعزت جرثومته، وثبت أصله، وبسق فرعه، في أكرم معدن وأطيب موطن. وأنت أبيت اللعن، رأس العرب الذي به تنقاد، وعمودها الذي عليه العماد، ومعقلها الذي يلجأ إليه العباد، وربيعها الذي تخصب منه البلاد. سلف خير سلف، وأنت فيهم خير خلف،ولم يخمل ذكر من أنت سلفه، ولن يهلك من أنت خلفه. ونحن أيّها الملك، أهل حرم الله، وخدام البيت الحرام، أشخاصا إليك أيها الملك، الذي أبهجنا من ذكر ما سرنا من كشفك الكرب الذي فدحنا، والغم الذي أقلقنا والهم الذي أكربنا، فنحن وفد التهنئة لا وفد المرزئة. فهذا الذي أوفدنا إليك أيها الملك.
قال:
- وأيهم أنت أيّها المتكلم؟
فقال:
- أنا عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
قال الملك:
- أنت ابن أختنا؟
قال:
- نعم.
قال:
- أُدن يا عبد المطلب.
ثم اقبل عليه عبد المطلب، فقال:
- مرحبا وأهلا وسهلا، وناقة ورحلا، وملكا ربحلا: يعطى عطاء جزلا، قد سمع الملك مقالكم، وعلم كلامكم، وعرف قرابتكم، وقبل وسيلتكم، وانتم أهل الليل والنهار، لكم الكرامة ما أقمتم، ولكم الحباء إذا ظعنتم.
ثم أمر سيف أن يصير عبد المطلب وأصحابه إلى دار الضيافة، فأقاموا بها شهراً لا يؤذن لهم بالوصول إليه، ولا الوقوف بين يديه، ولا يؤذن لهم بالانصراف، وأجريت عليهم الأرزاق والجرايات. ثم أرسل، بعد ذلك، إلى عبد المطلب فأذن منزله، وقرب مكانه من مكانه، وأكرم مجلسه، وقال له:
- إني أفوض اليك علما كنت كتمته عن غيرك، وأريد أن أضعه عندك فإنك موضع ذلك، وأريد أن تطويه وتكتمه إلى أن يظهره الله تعالى، فإنه بالغ فيه أمره. إني وجدت في الكتاب المكنون والعلم المخزون، العلم الذي اخترناه لأنفسنا، واحتجزناه دون غيرنا، خبراً جسيما، وحظاً عظيماً، فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاء لناس كافة، ولك خاصة.
فقال عبد المطلب:
- أيها الملك، فما ذلك؟
- إن بأرضكم تهامة، غلام بين كتفيه شامة، كانت له الإمامة، ولكم بها الزعامة إلى يوم القيامة، يزيدكم الله به شرفا وفخراً، وجاهاً وقدراً.
قال عبد المطلب:
- أبيت اللعن لقب أبت بخير ما آب بمثله وافد، ولولا هيبة الملك وإعظامه لسألته من سروره إياي، ما أزداد به سروراً، فأن رأى الملك انَّ يخبرني بإفصاح، فقد أوضح بعض الإيضاح.
قال:
- خلته الذي يولد، أو قد ولد، اسمه محمّد بين كتفيه شامة، يموت أبوه وأمه، ويكفله جده وعمه، وقد ولدناه مراراً، والله باعثه جهاراً، وجاعل له منا أنصاراً، ويعز الله بهم أولياءه، ويذل بهم أعدائه، ويضربون الناس دونه عن عرض، وسيفتح لهم كرائم الأرض. يعبد الرحمن، ويزجر الشيطان، ويكسر الأوثان، ويخمد النيران. وقوله فصل، وحكمه عدل، يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويبطله. ويقول الحق، وينطق بالصدق.
فخر عبد المطلب لله ساجداً. فقال له الملك:
- ارفع رأسك، فقد ثلج صدرك، وعلا كعبك، وارتفعت مرتبتك، وقرت عينك، هل أحسست من أمره شيئاً، أو رأيت أثراً يا عبد المطلب؟
قال:
- نعم، يا أيّها الملك، كان لي ابن، وكنت به معجباً وعليه حدباً رفيقا، من شدة حبي إياه، وإكرامي به، زوجته كريمة من كرائم قومي، فجاءت بغلام سميته محمّداً، مات أبوه وأمه، وكفلته أنا وعمه، بين كتفيه شامة، وفيه كل ما ذكرت من العلامة.
- ما بشرتك به سيحصل. لكن إلى أن يصير ذلك، راقب حفيدك واحذر من اليهود الذين سيكونون له من الأعداء، والله سيظهره عليهم، وسيوحي إليه وينصر أصحابه. عليك بكتمان ما ألقيت عليك ولا تظهره إلى أن يظهره الله تعالى، لا تبح بذلك لقومك، ولا للذين يرافقونك، فربما تتمكن منه الغيرة منك ومن حفيدك فيضعون لك الحواجز في الطريق. إذا لم يتوفني الله، فسأقدم عندكم، بخيولي ورجالي، إلى يثرب حيث ستولد مملكة ولدك، وسأكون له أخا ووزيرا، رفيقا وحليفا.
ثم أمر الملك لكل واحد من وفد قريش بعشر جواري، وعشرة عبيد سود، وخلع عليه ثيابا يمنية فاخرة، ومنح لكل واحد خمسة دراهم ذهبية، ومثلها من الفضة. ووهب لعبد المطلب عشرة أضعاف ما وهب لهم، وقال له:
- إذا عدت العام القادم، أدخل علي لتخبرني بما تحمل.
وفي طريق العودة إلى مكة، قال عبد المطلب لأصحابه:
- يا قوم، ما أخذت بما وهبني الملك، ولا يأخذني أحدكم علي ذلك. ففخري كله في كلمات الملك التي زادتني وولدي شرفا ورفعة.
- كيف ذلك؟
- ستعلمون ذلك في الوقت المناسب.
لكن سيف بن ذي يزن مات قبل أن يعود عبد المطلب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.