انطلقت عملية عودة مغاربة العالم إلى بلدان الاقامة المختلفة بعدما قضوا عطلتهم الصيفية في المغرب، وإن كانت عملية العبور من الضفة الأخرى إلى المغرب تمر نسبيا في ظروف جيدة بفضل عدد من الاجراءات التي تهدف تسهيل دخول مغاربة العالم إلى المغرب، فمن المفروض ايضا أن تكون عملية رجوعهم إلى بلدان الاقامة هي الأخرى سلسة. غير أن ما وقفنا عليه يوم الجمعة الماضي بميناء طنجة من تلاعب من طرف بعض الشركات في حق المسافرين، شكل ضربا سافرا لكل الاتفاقات التي تمت في الآونة الأخيرة. ففي الوقت الذي توجه العديد من المسافرين بعدما انهوا الاجراءات الادارية الروتينية من تسجيل لدى مصالح الأمن والجمارك إلى البواخر التي كانت راسية، فوجئ العديد من المسافرين بتحويل المسار، خاصة وأنهم اقتنوا تذاكرهم على أساس السفر في الباخرة التي تكون راسية بغض النظر عن التذكرة التي يملكها المسافر. وفجأة ارتفع صراخ وعويل شاب ظن معه العديد من المسافرين أنه هو الآخر مسافر يحتج على أحد رجال الشرطة، ولم يكن سوى أحد مستخدمي شركة أكسيونا حيث أخذ يستعرض عضلاته على الشرطي، ويتهمه بعرقلة عودة المهاجرين بل أنه أوهم المسافرين أن تدخل الشرطي هو لغرض معين، مما أحدث بلبلة وسط المسافرين الذين بدأت احتجاجاتهم ترتفع، وعندما تدخلت جريدتنا مستفسرة الشرطي لتوضيح الأمر والتعليق على ما نسب إليه، وبحضور مرؤوسيه وكومندو الملاحة التجارية بميناء طنجة، تبين أن الأمر لا يعدو سوى مسرحية الهدف منها رهن المسافرين لمصلحة الباخرة التي يشتغل لحسابها، ضاربا عرض الحائط كل الاتفاقات المبرمة، حيث وضحت لنا الجهات المعنية أنه ولتسهيل عملية العودة وحتى لا يتم رهن المسافرين عن طريق انتظار الباخرة التي اقتنوا تذاكرها، تم الاتفاق على العمل بمبدأ "البوول"القاضي بامتطاء المسافرين أية باخرة راسية على الرصيف ومستعدة للابحار ، بغض النظر عن نوعية التذكرة التي يملكها المسافر، وهو الاتفاق الذي تم بحضور رؤساء الشركات والسلطات الاقليمية و المنتخبة لمدينة طنجة، مدير ميناء طنجة، عميد الأمن الأقليمي لمدينة طنجة، مدير أمن الميناء، مرسى ماروك ومؤسسة محمد الخامس للتضامن. ومن محاسن هذا الاتفاق أنه يسهل عملية العبور و العودة خصوصا إذا كان الاقبال على الميناء كبيرا. غير أنه في هذا اليوم كان الاقبال متوسطا مما حذا بهذا المستخدم إلى محاولة التلاعب بهذا الاتفاق ورهن المسافرين حتى مقدم الباخرة التي يشتغل لحسابها وإن طال ذلك لساعات، مما أدى برجل الشرطة إلى التدخل وهو الأمر الذي أدى إلى فقدان هذا المستخدم لجادة صوابه محاولا زرع البلبلة بين المسافرين، وقد تبين في ما بعد أنه قام بما قام به أمام مسؤولي الباخرة الاسبان الذين كانوا يراقبون الوضع من بعيد. وفي تفسير لهذا الاخلال بما تم الاتفاق عليه، حاول أحد النافذين في الشركة المعنية تفسير الأمر أن مبدأ "البوول" لايصلح لهذا اليوم لأن عدد المسافرين قليل، مما دفع شرطة الميناء للتدخل وتنبيه المعني بالأمر الى أن الاتفاق جار به العمل وأن الاتفاقات المبرمة لاتخضع لمزاج الشركات. مما لاشك فيه أن الهدف الأساسي هو تسهيل عملية العبور و العودة، وهي اجراءات تتخذ من طرف جميع المتدخلين بغض النظر عن الطابع التجاري للعملية، وهي اجراءات لابد من احترامها، وهنا لابد من التذكير أن عملية التنظيم هي من اختصاص شرطة الميناء ومستخدمي مرسى ماروك، ولايحق لأي شخص سواهما التواجد بالمنطقة الجمركية والاحتكاك بالمسافرين بحيث تنتهي مهماتهم ببيع التذاكر والتواجد عند الباخرة كما هو الشأن في ميناء الخزيرات. كما أنه من غير المعقول تواجد عدة أشخاص دون التمييز بينهم، فالعديد منهم يلبس لباسا عاديا ويحمل جهاز التولكي وولكي الذي يعطي انطباعا للمسافرين بأنهم من الشرطة بلباس مدني وهم في الحقيقة أناس تابعون للشركات. ففي ميناء الخزيرات لا ترى سوى رجال ونساء الأمن ومستخدمي الميناء والكل بلباس موحد أو على الأقل يحملون شارات توضح هوياتهم. وأخيرا من غير المعقول أن تكون الأوراق الصفراء الخاصة بالأمن تحت رحمة الشركات التي تحولها أحيانا الى مجال للسمسرة وترهن اقتناءها بشرط اقتناء التذكرة أمام أنظار السلطات.