تتواصل بمدينة مكناس (من 3 إلى 10 يوليوز 2009) فعاليات المهرجان الوطني للمسرح في دورته الحادية عشرة (دورة القدس). وقد تميز حفل الافتتاح بحضور وزيرة الثقافة ووالي جهة مكناس تافيلالت وضيوف المهرجان، و بعد كلمة الافتتاح و تكريسا لتقليد التكريمات والاحتفاء حرصت الوزارة على تكريم الممثلة المغربية كريمة العماري و الجزائرية سونيا وعبد الله شقرون والمخرج عبد الرحمان الخياط. و مباشرة بعد هذه الفقرة قدمت فرقة مسرح وسينماتيك القصبة من فلسطين مسرحية « قصص تحت الاحتلال» تأليف جماعي و إخراج نزار الزعبي، عرض استثمر السخرية اللاذعة و الحارقة من الألم الفلسطيني الذي تجاوز الحدود و لا شيء يضمد الجراح غير ركام من الكلام الذي لا يقول إلا ذاته لذلك تم تأثيث الخشبة بالجرائد التي اعتمدت عليها إلى جانب الإضاءة والطاقة الإبداعية للممثلين الذين أبدعوا في أداء أدوارهم. انطلق المهرجان بندوة حول « النقد و الراهن المسرحي المغربي» بتنسيق مع جمعية نقاد المسرح بالمغرب فرع الجمعية الدولية لنقاد المسرح تنشيط سعيد الناجي بمشاركة عز الدين بونيت ، محمد زهير، مسعود بوحسين، خالد أمين. ركزت المداخلات على العلاقة المفصلية التي تجمع بين الإبداع والنقد و من ضمن الإشكالات التي عمق النقاش فيها أيهما يؤثر في الآخر النص الإبداعي أم المقاربة النقدية ؟ و علاقة الإعلام بمختلف أشكاله بالنقد المسرحي مع التمييز بين المتابعة الصحفية والمقاربة الدراماتورجية المتخصصة. وانطلقت الإقصائيات بعرض يوليوس قيصر نص لشكسبير، إعداد وإخراج بوسرحان الزيتوني لفرقة فضاء اللواء للإبداع بالدار البيضاء. راهن العرض على تبئير موضوعة الاغتيال السياسي و نتائجه ومتكئا على رمزية الشخوص و الأمكنة لمنح المسرحيات راهنية تمتد عبر الزمان، إذ يمكن التخلص من الطغاة لكن يصعب القضاء على فكرة الطغيان. و بالنسبة للعرض المبرمج في نفس اليوم قدمت فرقة نحن نلعب للفنون بسلا مسرحية لفهاماتور عن يونيسكو اقتباس و إخراج عادل أبا تراب يستحضر العرض أجواء العبث القائمة على الملل و الإحساس باللاجدوى و قد حرص أعضاء المجموعة على استثمار القدرات الأدائية للممثلين و خلق لحظات صاخبة لاختراق الإحساس بالجمود و الثبات. في اليوم الثاني للإقصائيات قدمت فرقة أنسة ميديا مسرحية دار الغالية تأليف عبد الكبير الشداتي وإخراج عبد الصمد دينية و هي تجربة مسرحية تنتمي إلى الفودفيل حيث الرهان على خلق فرجة الإضحاك باللغة والحركة و المواقف و التقيد بالموضوع الاجتماعي، بينما قدمت فرقة «تروب دور» بسلا مسرحية أسرار تروبادور وهو عرض جعل مرتكزه الأساس عالم السيرك لذلك انطلق العرض من خارج القاعة و انتهى كذلك إلى مغادرة القاعة للتأشير على كون الفضاء سيرك دائم، المسرحية غاصت في دروب الذات للشخصيات التي نذرت نفسها للرحيل المستمر غير أنها في هذه المرحلة تستجوب عوالمها لتقف على المسكوت فيها و إبراز التناقضات و المشاعر المتناقضة. بالموازاة مع عروض المسابقة حرص المنظمون على إدراج عروض مسرحية للجمهور داخل مدينة مكناس بفضاء الحبول و بالضواحي (مولاي إدريس زرهون ، خنيفرة ، أزرو، إفران). ومن أجل استثمار المهرجان ثقافيا تمت برمجة مناقشة للعروض المقدمة كل يوم إضافة إلى تنظيم توقيعات للكتب المسرحية بمعدل كتاب كل يوم، و قد تم توقيع النص المسرحي (ناومانس لاند) لمحمد قاوتي تقديم سعيد الناجي و كتاب (البهلوان الأخير) لسعيد الناجي تقديم عبد النبي داشين. تشكل لحظة المهرجان الوطني للمسرح فرصة لتلاقح التجارب، إذ يلاحظ حضور أجيال رواد مع الأجيال الجديدة لذلك سعت اللجنة المنظمة على تمكين كل الفرق من المواكبة للمهرجان طيلة مدة إقامته.