أجرينا الانتخابات ونحن محاطون بأنفلوينزا الخنازير، والكثيرون منا اعتبروا ذلك سببا كافيا للتفكه والسخرية. وأجريناها ونحن محاطون بالأخبار غير السارة تماما، وبالأكياس المكيسة من المال. واليوم، تجري انتخابات المجالس تحت وابل من التلفيق والتضييق. و تحت أخبار الدم المراق على جنبات الجماعات. ففي الناظور، ببني شيكر، سال الدم، لأن الديمقراطية أصبحت مثل سمك القرش، لا يمكنها أن تعيش بدون رائحة الفتك والهتك والدم. وقبل ذلك، كانت العصابات تتبادل الأدوار وسط الحملة الانتخابية، وكانت قوات التدخل السريع آخر من يتدخل، وقوات حفظ الأمن، تحافظ على برودة دم هائلة، كأنها في مباراة ..لليوغا! والدم أيها السادة المسؤولون يتبع دائما الفوضى، أو يتبع....المال. لهذا رأينا قتيلا في إقليمسطات يسقط ضحية تنافس فريقين سياسيين (زعما زعما)، كل واحد منهما يريد أن «يستقطب» الضحية لقطبه المنتظر! وفي كل من خريبكة، وصفرو والبيضاء، والقنيطرة، لاحت يد السلطة في ترتيب الأشياء، وكانت اتهامات المرشحين والوكلاء صريحة في تحميل بعض رجال السلطة ما يجري من انتهاكات. البعض، في الشمال تدخلوا من أجل خلق الجماعة، ومكتبها واختيار الرؤساء، الشيء الذي يدفع بالكثير من التحالفات والرؤساء.. طبعا نحن لا نتحدث عن المستشارين الذين علقوا منذ بداية الحملة على ظهورهم لوحة كتب عليها: للبيع! ومنهم من كان على وشك أن يدفع ثمن إشهار في الجرائد والإذاعات والتلفزيون من أجل أن يعرض نفسه للبيع: مستشار للبيع، اشتغل مرتين. مستشار للبيع، الثمن مناسب، «الموتور نحيلة».. مستشار مع ضمانة سنة واحدة فقط، مستشار متنقل، ضمانة الاستعمال لمدة سنتين.. وهكذا دواليك.. إلى جانب هؤلاء، هناك مستشارون ينتمون الى فصيلة أخرى، يؤمنون بالسياسة والتنظيمات التي ينتمون إليها. مستشارون يجد الآخرون بعض الصعوبات في ترويضهم، لهذا يلجأون الى التهديد أو الترهيب أو الى وضع السيناريوهات التي تزعزع قناعاتهم، قلما ينجحون، لكنهم يزرعون الشك في كل شيء. وهنا قد تتدخل السلطة من أجل القيام بواجب «الانسجام»: أحيانا تعمل السلطة على مساعدة المستشارين على التزعزع. هي مساعي تدخل في إطار المساعدة العمومية التي تقدمها بعض الأجنحة في السلطة، كما تمد المساعدة القضائية للأظناء. كل من هو في عرفها مستقل أو قادر على الصمود فهو ظنين، يستوجب بالضرورة تقديم المساعدة له حتى «يتزعزع قليلا». فيا أيها المستشار النزيه تزعزع قليلا.. حتى نعرف إن كانت الديمقراطية حية أو قتيلة! ما يميز الانتخابات الجارية بخصوص انتخاب المكاتب هو تداول اسم الملك من أجل احترام السلطة المعنوية للاقتراع. ففي فاس كانت أربعة أحزاب قد اجتمعت على نفس الشعار، هو إدانة ما جرى في الانتخابات، ما راج حول «العشاباط» التي هددت واعتدت على الغير، وعممت الرعب في المدنية. هذه الأحزاب (الاتحاد، العدالة، الأصالة والمعاصرة والتقدم) قررت أن أول عمل ستقوم به هو رفع رسالة إلى جلالة الملك في الموضوع والتشكي بالسلطات المحلية وعلى رأسها والي فاس. في الدارالبيضاء قام فريق العدالة والتنمية باحتجاج قوي على حليفه السابق اللاحق ساجد الذي اختار تحالفا آخر، وردد عبارات الاحتجاج والذكر الحكيم، لكنه بالأساس، ومنذ يومين يردد بأنه يطلب تدخل جلالة الملك في ما يجري ويدور من أمور. وفي كلتا الحالتين، نحن أمام مدينة كبرى، واحدة اقتصادية وأخرى علمية وروحية تجري فيها أمور تستوجب من وجهة نظر أصحابها اللجوء الى الملك..! وهي في حالة الدارالبيضاء يكاد يكون ردا على ما يقال في الكواليس وفي الدهاليز. وغير عاد تماما أن يتجاور الدم والسلطة ... واسم فؤاد الهمة في هذه الانتخابات الخاصة بالمدن المذكورة. فقد كان اسمه حاضرا في مراكش كما في طنجة أو الدارالبيضاء. وهو أيضا كان له موقف للتشكي مما يتعرض له ..! إيه أنعم السي: يمكن أن تكون صديق الملك وتشتكي من ...ولد العروسية بأنه يهددك! فقد أورد مكتب وكالة المغرب العربي للأنباء أن منتخبي الحزب «قرروا بمعية منتخبي أحزاب أخرى (التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية وجبهة القوى الديمقراطية والعدالة والتنمية والحزب العمالي)، الانتقال إلى أحد فنادق مدينة الدارالبيضاء قصد تعميق المشاورات في ما بينهم بعيدا عن الضغوطات والإكراهات النفسية والمادية». لكنهم تعرضوا للهجوم، في نفس الدارالبيضاء التي كان فيه العدالة والتنمية يصرخ ضد... الاصالة والمعاصرة وزعيمه الهمة. عندما يتأمل الانسان كل ما يحدث يرى أن الهدف الرئيسي هو زعزعة عقيدة مواطن يؤمن بالاقتراع كأسلوب حضاري للحياة العامة!