مبادرة طيبة وجميلة تلك التي قامت بها جمعية الكفاءات الألمانية المغربية بداية الأسبوع الماضي، وهي تحط الرحال بمراكش، حاملة معها عددا مهما من الأجهزة والمعدات الطبية تبلغ كلفتها الإجمالية ثلاثة ملايين درهم كمساعدة منها إلى كل من الكلية السملالية للعلوم ومستشفى ابن طفيل وكلية الطب القاضي عياض بمراكش. هذه المبادرة التي تضم معدات وأجهزة نصفها يخص البحث العلمي والنصف الآخر من أجل العلاج الطبي هي عملية تدخل في إطار مشاريع التنمية التي سطرتها شبكة الكفاءات المغربية بألمانيا بتعاون مع عدد من المؤسسات الألمانية والمغربية دعما للمجهود التنموي في المغرب من جهة و مساهمة منها في توطيد العلاقات بالكفاءات المغربية المقيمة في ألمانيا من جهة أخرى. وفي هذا السياق وبتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون التقني والاقتصادي وتحت إشراف كل من الدكتور المغربي حسن ديهازي والدكتور عبد الرحيم موهوب اللذين يدرسان في جامعة غوتينغن الألمانية، التي وضعت رهن إشارتهما هذه الأجهزة و المعدات الطبية، يأتي هذا المشروع الهادف إلى تشجيع نقل التكنولوجيات والخبرة التقنية والفنية وتقديم المشورة بشأن وضع وإعداد الاستراتيجيات القطاعية ودعم تنفيذها وتشجيع الاستثمار والشراكات التجارية، خاصة المشاريع الاستثمارية المحتملة من المغاربة الذين يعيشون في ألمانيا. ويرجى من عملية جلب هذه المعدات والتجهيزات الطبية إلى المدينة الحمراء تحسين الرعاية الطبية في المستشفى الجامعي ابن طفيل بمراكش، وتحديث البنيات الجامعية في مجال البحث العلمي، ودعم اتفاقيات التعاون في مجال البحث العلمي بين الجامعة الألمانية وكل من جامعة القاضي عياض و المستشفى الجامعي التابع لها بمراكش، وتطوير البحث العلمي وتحسين جودة التحصيل العلمي في مجال العلوم الطبيعية، وكذلك المساهمة في تطوير إمكانية البحث لدى الشباب الباحثين من أجل تقوية خبراتهم وتحسين شروط المنافسة الدولية لديهم، وإقامة عدد من الورشات التكوينية المشتركة بين الجامعة المغربية والجامعات الأوروبية. هذه المبادرة النبيلة التي لقيت إقبالا ملحوظا، انبثقت كفكرة من عقل رجل ترعرع بعاصمة النخيل وأحب المدينة حتى النخاع، إذ يعتبر من خريجي الكلية السملالية للعلوم الدكتور حسن ديهازي الذي تشبث بتحقيق فكرته تلك ودافع عنها مؤكدا في تصريح للجريدة أنه على استعداد كامل لجلب معدات أخرى جد حديثة إلى مستشفيات مراكش وإلى كلياتها من أجل استغلالها في البحوث العلمية، مضيفا أنه أن «يكل ولن يمل مادام هنا بمراكش صدور رحبة تحبذ المشروع وتساهم فيه بكل طاقاتها، وتبعد كل الشوائب عن طريقه». ومعلوم أن شبكة الكفاءات المغربية في ألمانيا وضعت نصب أعينها هدف التنمية المستدامة لدعم جهود المغرب في جميع الميادين، وهي بذلك على استعداد لتقديم مساهمة جيدة و جديرة بالثقة وذات مصداقية سواء لنقل خبرة الصناعات الألمانية و ما تعلمته من الجامعات والمدارس العليا التقنية و المهنية إلى المغرب الذي هو في أمس الحاجة إلى هذا النوع من الخبرات و التقنيات. وللإشارة فإن جميع التخصصات و الشعب ممثلة داخل هذه الشبكة من مختلف الجهات الألمانية و المغربية، نظرا للمستوى العالي للتكوين للطلبة المنحدرين من المغرب المقيمين في ألمانيا و الذين تزايدت أعدادهم منذ بداية عقد التسعينات، حيث يشكل الطلبة المغاربة أكبر مجموعة من الطلاب الأفارقة في الجامعات الألمانية. و في الموسم الدراسي الشتوي 2005/06 ، كان يحتل الطلبة المغاربة المرتبة السابعة من مجموع الطلاب الأجانب في ألمانيا. وإلى جانب هؤلاء شهدت سنة 2004 تخصيص منح لحوالي 41 من الباحثين من أصل مغربي في مختلف الجامعات الألمانية. وعن طريق المشاورات التي أجرتها الشبكة مع الوكالة الألمانية للتعاون الاقتصادي و التقني (GTZ) ستساهم هذه الأخيرة في تمويل عدد من المشاريع إما بشكل كامل أو بتحمل جزء من المصاريف، حيث خصصت الوكالة مبلغ 50 ألف يورو لكل مشروع وهي كالتالي : نقل الخبرة عن طريق وضع رهن إشارة مركز تصفية الدم الدياليز في المنطقة الشرقية وتحديدا بوعرفة، الخبرة الطبية، وذلك عن طريق التكوين وإعادة التكوين للطاقم الطبي و الصحي لهذا المركز الذي سيشيد من طرف جمعية محلية بالتعاون مع وزارة الصحة. وسيشرف البروفيسور الدكتور عبد الرحمان المشراوي على هذا التكوين، وهو رئيس قسم الأمراض الباطنية و أمراض القلب و الأوعية الدموية بالمستشفى الجامعي بمدينة كيل شمال ألمانيا، كما يستفيد من هذا المشروع أطفال عدد من الدواوير المحاذية لجبل تيزنتيشكا من أجل نقلهم إلى المدرسة التي تبعد بحوالي 15 كلم عن طريق حافلة مدرسية، وهي في نفس الوقت مكتبة متنقلة، ويشرف على هذا المشروع عبد العزيز بوتيش بالتعاون مع جميعات محلية، ثم نقل عدد من المعدات الطبية و آلات التعقيم الطبي من جامعة غوتينغن الألمانية إلى نظيرتها القاضي عياض تحت اشراف الدكتور حسن الديهازي المتخصص في البحث الخلوي في الكلي و أمراض الروماتيزم، وكذلك تجهيز مركز الكشف عن السرطان بجهاز خاص للكشف المبكر عن السرطان، و المركز يوجد في منطقة الريف، ويشرف عليه الدكتور محمد قيشوح الذي أسس أول أكاديمة في هذا المجال في ألمانيا و أوروبا. تبقى الإشارة إلى أن هذا المشروع لا يدخل ضمن المشاريع التي ستساهم فيها الوكالة الألمانية للتعاون الاقتصادي و التقني (GTZ) . إضافة إلى عدد من المشاريع المرتقبة في مجال الطاقات المتجددة و التعاونيات في مجال منتوجات الأركان و الثمر ، إلى جانب مشروع ثقافي الغرض منه إحياء أسطورة (تيسلي و تيسليت) من خلال مشروع فني بالعربية و الألمانية و الأمازيغية ودمجه مع موسيقى «موتزارت» تحت إشراف الفنانة الألمانية مليكة رياض من أصل مغربي.