بصفتي فنانا أمازيغيا متواجدا بين إخواني الفنانين المغاربة في هذا اللقاء الحواري التشاوري، فتدخلي سينصب حول الأغنية الأمازيغية بجميع تفرعاتها ومشاربها. فبالرغم من أن هذه الأغنية تواصل طريقها بثبات، فأعتقد أنها مازالت مهمشة ولا تحظى بجميع حقوقها، سواء في الإذاعة، أو في التلفزيون أو في الإعلام المكتوب.. أرجو بهذه المناسبة، التي هي مناسبة دعم الأغنية المغربية، أن يخرج هذا اليوم الدراسي بتوصيات ترفع التهميش عن هذه الأغنية عامة، كلاسيكية كانت أو عصرية، وأن تأخذ نصيبها وسط التنوع الفني الغنائي الذي ينفرد به المغرب. ونتمنى في المستقبل أن تتحقق هذه المطالب التي هي في النهاية في صالح الأغنية الوطنية بصفة عامة، من منطلق السمعة الطيبة التي تحظي بها الأغنية المغربية في جميع بقاع العالم، وهذا أقوله من منطلق تجربتي وترحالي وتجوالي في أقطار عديدة.. فالفن المغربي أعتقد أنه من بين الفنون القليلة التي باستطاعتها أن تُغْنِي جميع «اللغات» الفنية العالمية، بحكم ثراء موسيقاه وتعدد إيقاعاته وتنوع ميلودياته... فلابد، إذن، من التشجيع و الدعم مثلما تفعل حاليا وزارة الثقافة، وآمل أن تنخرط وزارات أخرى ومؤسسات أخرى في هذه العملية حتى تشمل أكبر قدر ممكن من المبدعين، ملحنين كانوا، أو مطربين، أو عازفين أو موزعين.. بهدف جعل الموسيقى المغربية مرجعا لأطراف أخرى في أوروبا وأمريكا وغيرهما. أعود للأغنية المغربية، فهاته الأخيرة في حاجة ماسة إلى الدعم، وأقول ذلك من تجربة خاصة خضتها في السنوات الأخيرة وتتمثل في تأسيس الفرقة المغربية للسمفونية الأمازيغية، فهذا التأسيس تطلب مني الكثير من الجهد و المال الشخصي من دون مساعدة من أحد . فمن سنة 2001 إلى سنة 2009، لم تتفضل أي جهة من الجهات بدعم هذا العمل الفني الذي أعتبره جبارا من منطلق أنه يتغيا توثيق التراث الموسيقي والغنائي الأمازيغي السوسي، حيث تضم الفرقة في عضويتها العشرات من العازفين.. كلهم ممن تبقى من رواد وشيوخ يعزفون على آلة الرباب وعشوا تاريخ المغرب الحديث، ( في الأربعينيات والخمسينيات... ) أطال الله في أعمارهم جميعا. بالفعل فقد تم تجميع هذا التراث الموسيقي بطريقة علمية وتم الاحتفاظ به في انتظار، يوما ما، من يقوم بتدعيمه لتبليغه للشباب خصوصا، وأن أغلب هولاء الرواد والشيوخ يعاني العوز مثلما هو حال الرايس محمد أو ابراهيم بمراكش الذي اضطر إلى بيع ربابه الذي يعود تاريخ صنعه إلى تسعين سنة لكي «يزيل مرض اجلالة من عينيه»، أليس هذا مؤسفا! ومع ذلك فأتمني التوفيق للجميع.